ثقافية

بالورق.. فنانة تركية تنقلك ليوم فتح إسطنبول

طيلة 8 أشهر مضت، عملت الفنانة التركية أصلي آلكان، على إنتاج عمل فني يحكي تفاصيل يوم فتح إسطنبول على يد السلطان العثماني محمد الفاتح، صاحب البشارة النبوية التي بشّرت بهذا الفتح والحدث العظيم الذي غيّر مجرى التاريخ عام 1453.

تجلى عمل الفنانة آلكان، بلوحة نحتتها على الورق الرقيق الملون، وهي الخبيرة في هذا الفن الذي لمع نجمه في القرنين الـ 15 و16، وانحسر انتشاره في السنوات الأخيرة الماضية.

تشرف آلكان (40 عامًا)، في مركز الفارابي للشباب بولاية سيواس وسط تركيا، على 30 متدربًا يتعلمون فنون الرسم والنحت على الورق الرقيق، كما تعمل في الوقت ذاته على تطوير هذه الفنون.

وتعكف آلكان، في مدينتها سيواس، على رسم ونحت لوحات تصّور الأحداث التاريخية المختلفة والرموز والزخارف والمجسمات المختلفة، مستخدمة الورق الرقيق الملون وفق النمط الكلاسيكي.

وتتميز لوحات ومنحوتات آلكان بأنها تحاكي وتصور أبرز ما اشتهر في العهدين السلجوقي والعثماني، بما في ذلك فتح إسطنبول.

تطوي آلكان الأوراق الرقيقة وفق نمط يكسب العمل شكلًا ثنائي الأبعاد، بعد أن تقوم بتلوينها بواسطة مواد طبيعية كالشاي والقهوة والجلود وقشور البصل والملفوف الأرجواني.

والخطوة الثالثة في عمل الفنانة التركية تتمثل بقص قطع الورق التي ستستخدم في الزخرفة، بكثير من الانتباه والعناية والدقة، مراعية أدق التفاصيل اللوحة.

وبعد ذلك تبدأ المرحلة الأخيرة، وهي بناء الورق وصفه حسب الخطة المرسومة، ليخرج العمل متكاملًا يبهر ناظريه وأصحاب الخبرة الفنية.

بهذه الطريقة، عملت آلكان، طيلة 8 أشهر، على عملها الخاص الذي يصور تفاصيل يوم فتح مدينة إسطنبول في 29 مايو/أيار 1453.

ومن ينظر إلى اللوحة ويتأملها بتفاصيلها، لابد وأن يعود به الزمن إلى ذاك اليوم الذي استطاع فيه السلطان محمد الفاتح فتح إسطنبول، ليشعر متأمل اللوحة ولشدة إتقانها أنه يحضر سير المعركة وكأنها تجري اليوم، وهي التي حصلت قبل 564 عامًا.

وفي حديث مع مراسل الأناضول بمدينة سيواس، أوضحت آلكان أن “فن الرسم بالورق الرقيق ظهر للمرة الأولى إبّان حكم الدولة الصفوية في إيران خلال القرنين الـ 15 والـ 16، وهو فن لا يعتبر اليوم من الفنون المنتشرة على نطاق واسع”.

ولفتت إلى أن “بعض الفنانين المتخصصين يحرصون على تعليمه للأجيال بهدف الحفاظ عليه وعدم اندثاره، ويبذلون جهودًا جمّة في سبيل ذلك”.

ولفتت آلكان إلى أنها تستخدم في العمل طريقة كلاسيكية “ففي البداية أقوم بطلاء الورق بمواد طبيعية، وهذه خطوة تعتبر من أبرز وأهم ما يمّيز هذا الفن”.

وتابعت أنه “بعد تلوين الأوراق، نحدد محاور العمل ونبدأ عملية القص، وهنا أشير إلى أن بعض الأعمال التي تكون تركيبتها معقدة تستغرق وقتًا طويلًا لإنجازها”.

وأوضحت آلكان أنه “على سبيل المثال، لوحة يوم الفتح استغرقت منا عملًا دؤوبًا استمر نحو 8 أشهر، لأنها تتضمن بعض التفاصيل الدقيقة المقتبسة من قصر طوب قابي بإسطنبول، فضلًا عن احتوائها على صورًا لبعض الأبنية الأثرية التي ترمز لمدينة إسطنبول، مثل برج غلطة، وأسوار المدينة التاريخية والسفن التي شاركت في الفتح، إضافة إلى رداء السلطان الفاتح وخوذته”.

وختمت الفنانة التركية إلى أن هذه اللوحة تعرض في أحد المعارض بسعر يصل إلى 7 آلاف و500 ليرة تركية (ألفين و138 دولار أميركي)، وأن اللوحات من هذا النوع، تلقى رواجًا كبيرًا واهتمامًا ملحوظًا من محبي الفن والمهتمين به.

يشار إلى أن الأتراك خاصة، والمسلمين عامة يحتفلون في 29 مايو/أيار من كل عام، بذكرى “فتح القسطنطينية” عاصمة الامبراطورية البيزنطية، وهي المدينة التاريخية التي فتحها السلطان العثماني “محمد الفاتح” عام 1453، وتحولت إلى “إسطنبول” بعد أن ظلت عصية على الفتوحات الإسلامية لعدة قرون.

زر الذهاب إلى الأعلى