ثقافيةمـنـوعــات

فتاتين لبنانيتين.. من مشاهدة الدراما التركية إلى ترجمتها في 18 شهراً

لم تكن نور وروى شبقلو، الشقيقتان اللبنانيتان، تعلمان أن اقتحام الدراما التركية للشاشة العربية، سيغير مسار حياتهما تماماً بعد أن تعلمتا اللغة خلال 18 شهراً فقط بلا معلم.
فبعد أن كانت الشقيقتان مجرد متلقيتين للدراما التركية، تحولتا إلى شريكتين في تقديم المحتوى التركي للجمهور العربي بمختلف قوالبه من دراما وأغاني ومسرح.

“روى” (18 عاماً) تدرس المختبرات الطبية، تقول أنها لم تعرف أن الأحلام تتحقق بالإرادة إلا بعد التجربة، فشرحت دوافعها التي مكنتها من تعلم اللغة بمفردها، من دون معلم.
تقول “روى”: على الرغم من أن عائلتنا من جذور تركية، إلا أننا فقدنا أي ارتباط أو أثر بهوية أجدادانا القدامى منذ فترة طويلة، الحقيقة أننا تمنينا طويلاً لو نملك شيئاً من تركيا، حتى بدأت المسلسلات التركية تحتل مساحات لا بأس بها على الشاشات العربية.
الخطوة الأولى بدأت العام 2011 حين قررتا الاستغناء عن الدبلجة الصوتية العربية للمسلسلات ومتابعتها دون أي ترجمة، على الرغم من حداثة عمرهما.

وتقول “روى” عن تلك التجربة: “كنا نسأل كيف يمكن لأحد أن يتعلم التركي، فوجدنا أنفسنا بعد عام من متابعة المسلسلات من دون ترجمة، نفهم المحتوى كاملاً”، إنما ظل من الصعب الحديث بالتركية.
لكن والدهما حفزّهما على متابعة القنوات التركية على قنوات القمر الصناعي التركي للاطلاع أكثر على كل القنوات التركية والاستزادة من اللغة أكثر فأكثر، لكن تبقى الانترنت هل العامل المساعد الأول في تعلم معاني الكلمات وكيفية نطقها.

وقالت “روى”: “رحنا نتابع المسلسلات ونستمع إلى الأغاني بدون ترجمة، من متابعة الأخبار السياسية والفنية، إلى الاقتصادية والاجتماعية وحتى الرياضية، هذا ما جعلنا نتكلم التركية بطلاقة منتصف العام 2012 أي بعد عام ونصف العام من المتابعة فقط.”

وتضيف: “كنا نقرأ الكثير من الكتب، وأصبحنا بعد فترة وجيزة نطالع الشعر التركي”، لكن النقطة المفصلية كانت التعرف على أصدقاء أتراك وعندما بدأنا المحادثة التركية معهم، حتى امتلكنا ناصية اللغة بقوة، وأصبحنا اليوم نترجم كل ذاك للعربية.
فكرة الترجمة، وإن كانت قد حضرت في ذهن الشقيقتين، إلا أنها لم تتحول إلى واقع إلا بعد تواصلهما مؤخراً مع أحد مواقع بث المسلسلات على شبكة الإنترنت، الذي طلب منهما أن يترجما عملاً دراميا تركياً، لتبدأ بعد ذاك مسيرة ترجمة الدراما والأغاني إلى جانب المؤتمرات والندوات والإعلانات.

الترجمة حس وحرفة تقول “روى” للأناضول، مضيفة: “أحياناً أبكي وأنا أترجم مشهداً مؤثراً وهو ما يحملني لأنتقي الكلمات العربية الأكثر تعبيراً عن الإحساس، أحياناً تجد كلمات عربية كثيرة لكلمة واحدة لكن واحدة منها تحمل الإحساس بالضبط الذي تمثله الصورة أو الصوت أو الأداء”.

وضمن أولوياتهما للعام القادم دراسة الأدب التركي كاختصاص ثان في الجامعة لتدعيم المهارات التي اكتسبتاها دون أي معهد لتدريس اللغة.

وعن ذلك تقول “روى”: لم نلتحق بأي معهد لتعليم اللغات؛ القصة كانت عملية استيعاب، كنا نركز في ما نسمعه وأحيانا نعتمد على الانترنت لتعلم الأساسيات.
وتضيف: “لم نحدد أنفسنا بمحطة أو مدرّس أو أغنية، أو حتى مركز لغات. بل استزدنا من كل هؤلاء معاً. لهذا نحن اليوم نعرف كل اللهجات التركية ونفهمها، ليس فقط اللغة الرسمية بل الشعبية أيضاً، حتى أننا أصبحنا على اتصال بالمصطلحات الصعبة أو نادرة الاستخدام وهو ما اقتبسناه من المتابعات التاريخية.”
الترجمة من التركية بالنسبة للشقيقتين هي حالة حب تجسدها الرغبة بنقل الكلمة التركية للعالم كله، حسبما تقول الشقيقة الكبرى “نور” (20 عاماً)، التي تدرس المختبرات الطبية أيضاً في السنة الأخيرة.
نترجم أربعة أيام في الأسبوع، وهذا هو تماماً ما نحب أن نمضي وقتنا فيه؛ ولهذا نتحمس بشدة لأي شيء يتعلق بالحرف التركي، شخص كان أو أغنية أو سواه، يروق لنا أن ننقل تجربتنا للآخرين حساً ومعلومة، ولا نتردد أبداً في تقديم المساعدة لمن يطلبها منّا.

بفخر تتتحدث “نور” عن نجاحها مع شقيقتها بالقول: “بعض المسلسلات التي قمنا بترجمتها حصدت أكثر من 3 ملايين مشاهدة على شبكة الإنترنت، ولم نفكر يوماً بأن ننكفىء على نوع واحد من الأعمال، بل نهتم بترجمة الدراما التركية الحياتية والتاريخية على سواء، وإن كانت الثانية أصعب في الترجمة من الأولى.

ولإبراز أعمالهما، عمدت روى ونور إلى تأسيس صفحة خاصة لهما على مواقع التواصل الإجتماعي باسم عرب وترك (ArabVeTurk) للاستثمار في الإقبال العربي المتزايد على المحتويات التركية.
وتقول نور: “نُعنى كثيراً بتزويد 325 ألف متابع لنا، بكل جديد تركي، وقد أثمرت أعمالنا بترجمة 200 أغنية و10 أفلام، إضافة إلى 30 تقريراً .”
وتضيف: “لم يمنح المترجمون العرب الأهمية الكبرى للمسرحيات التركية، على الرغم من أنها واجهة ثقافية مهمة، لهذا توجهنا إلى المميز النادر أيضاَ وترجمنا مقتطفات من مسرحيات مشهورة وهو ما لقي استحساناً واسعاً بين متابعينا.”
وكان للمسلسل التركي “أرطغرل” تأثيراً مباشراً على الفتاتين، إذ مستهما أحداثه التاريخية التي تتحدث عن تأسيس الدولة العثمانية أكثر من كل الأعمال التي تابعنها وترجمنها.
يشار إلى أن الجمهور العربي بدأ بالتفاعل مع الدراما التركية العام 2005.

وبالتزامن مع ذلك، ارتفعت نسبة الإقبال على تعلم اللغة التركية في لبنان، بما نسبته 80% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
ثم جاء تأسيس مركز “يونس أمره” الثقافي التركي، في العاصمة اللبنانية بيروت، في شهر آذار/مارس من العام 2012.

زر الذهاب إلى الأعلى