أخــبـار مـحـلـيـةاقـتصــاديـة

لا زوبعة سياسية من استثمار سيمنز في الطاقة المتجددة بتركيا

لا يتعين بالضرورة على الأعمال التجارية أن تستسلم للأجندة السياسية، لأن اتخاذ قرارات استثمارية معينة من الأهمية بمكان أن تتعرض للخطر بسبب الانفجارات الدبلوماسية أو السياسية قصيرة النظر.

وقد ثبت استقلال المسائل التجارية التركية الألمانية عن الدبلوماسية مؤخرا على خلفية تحذيرات وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل بعد ادعاءه أن تركيا ليست آمنة للاستثمار فيها.

يوم الخميس، طرحت مناقصة لمشروع طاقة ضخم في تركيا، في صفقة تهدف لإنشاء محطة طاقة رياح بقوة تبلغ 1000 ميغاواط كجزء من اهتمام تركيا في دعم موارد الطاقة المتجددة في تركيا، لتقليل الاعتماد على استيراد الطاقة، والتي يبلغ مجموع تكاليفها 55 مليار دولار سنويا.

ما يثير الدهشة بشكل خاص في هذا المشروع لا يتعلق فقط بمواصفات العطاء التي تنص على أن الشركة الفائزة فيه عليها أن تقيم مصنعا لتوربينات الرياح من الموارد المحلية، وتشغيل مهندسين محليين، والاستثمار في أنشطة البحث والتطوير، التي أكد عليها وزير الطاقة والموارد الطبيعية براءت ألبيرق خلال مؤتمر صحفي عقب رسو المناقصة. بل إن أحد الخصائص الأخرى المهمة لهذه المناقصة هو أن شركة سيمنز الألمانية العاملة في مجال الطاقة المتجددة سيمنز غامسا وشركتين تركيتين توركلر وكاليون فازتا بعقد بناء محطة طاقة الرياح من خلال تعهدهم بإنتاج الطاقة بتعرفة تبلغ 3.48 دولار للكيلواط الساعي، أي بانخفاض من 10.30 دولار، وهو ما يشكل رقما قياسيا عالميا.

وقد تم تفسير هذه الشراكة التركية الألمانية للطاقة على أنها فشل لمحاولات الوزراء الألمان توسيع أثر العلاقات السياسية المتوترة مؤخرا مع عالم الاقتصاد. ولما كان القرار موضع ترحيب من المستثمرين ووسائل الإعلام التركية، أشارت التغطية الصغيرة في وسائل الإعلام الألمانية إلى أن استثمار شركة سيمنز في طاقة الرياح التركية جاء في وقت يشوبه التوتر بين تركيا وألمانيا. كما سلطت الضوء على أن شركة سيمنز لا يبدو أنها قد ردعت من تحذيرات الوزراء الألمان.

على سبيل المثال لا الحصر، وجهت دويتشه فيله الانتباه إلى تحذير الحكومة الاتحادية الألمانية وأبرزت أن سيمنز لا يمكن أن تردع عن قراراتها الاستثمارية في تركيا. ولفتت الانتباه إلى الوضع الأخير في العلاقات التركية الألمانية التي تصاعدت عندما هددت برلين أنقرة بالعقوبات الاقتصادية بعد احتجاز أنقرة لمواطنين ألمان، والتي تبعتها بيانات للحكومة الألمانية تحذر فيها الشركات الألمانية العاملة في تركيا بعدم الاستثمار في البلاد بعد مزاعم بأن تركيا أطلقت تحقيقا ضد قائمة الشركات الألمانية بهدف طردها، حيث كتبت دويتشه فيله آنذاك: “العلاقات الألمانية التركية متوترة كما لم يحدث من قبل”.

إن قرار سيمنز المشاركة في واحدة من أهم مشاريع الطاقة في تركيا، والتي وصفها ألبيرق بأنها علامة فارقة، يثبت بشكل فعال النقطة التي نوقشت سابقا من أن التوتر السياسي لن يقف حجر عثرة في طريق شراكة اقتصادية بين ألمانيا وتركيا. وبعد تصريحات المسؤولين الألمان المريعة، تحدثت ديلي صباح إلى الشركات الألمانية العملاقة مثل هنكل ومرسيدس ومان وسيمنز؛ فأكد مسؤولو هذه الشركات أن التزاماتهم تجاه مناخ الاستثمار التركي طويلة الأجل ولا تتأثر بالأزمات المؤقتة. كما أكد ممثلو الأعمال الألمان على العلاقات الحميمة طويلة الأجل بين الشركات التركية والألمانية الأسبوع الماضي في اجتماع مشترك.

وفي حديث لصحيفة ديلي صباح، أكد مراسل السياسة الخارجية لصحيفة دي تسايت، مايكل ثومان أن القرار الاستثماري لشركة سيمنز في هذا الوقت يدل بوضوح على أن قطاع الأعمال الألماني يعمل بشكل مستقل عن أجندة الحكومة.

وفي معرض تأكيده على إمكانات تركيا في مجال طاقة الرياح، قال تومان: “إن تركيا لديها موقع مثالي جدا لطاقة الرياح، وتقدم الكثير من وجهات النظر الاستثمارية… سيمنز ترى بوضوح هذه الإمكانيات وهذا الاستثمار لشركة سيمنز هو التزام قوي للمستقبل”.

واستشهد تومان أيضا بالعقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم، مؤكدا أنه على الرغم من أن الشركات الألمانية تمتثل للعقوبات، لكنها لا تنسحب من روسيا لأن الحكومات تسعى إلى تحقيق أهداف قصيرة الأجل، في حين أن الشركات تقوم بتحركاتها على المدى الطويل جدا، وهي خطط محسوبة بشكل جيد. وقال تومان “إن الشركات لا تلتزم بالعوائق السياسية المؤقتة بينما تضع جدول أعمالها الاستثماري الهام”.

وقال جان نوثر، الأمين العام لغرفة التجارة والصناعة الألمانية التركية وعضو مجلس الإدارة لصحيفة ديلي صباح إن شراكة سيمنز – توركلر – كاليون الأخيرة فى قطاع الطاقة التركي تدل على ثقة الشركات الألمانية فى تركيا.

وقال نوثر: “أن منح العقد لائتلاف يضم شركة سيمنز الألمانية يثبت الثقة الدائمة للصناعة الألمانية فى السوق التركى”.

ونقلت ديلي صباح عن مسؤولين من شركة سيمنز في تركيا أن سمات الشركات الثلاث فى الاتحاد هي أنها تكمل بعضها البعض وتتعاون بشكل متناغم.

وأعرب المسؤولون عن اعتزازهم بالاشتراك بهذا المشروع الهام قائلين: “مع إنشاء المصنع الجديد ومركز البحث والتطوير في تركيا، نحن في سيمنز تركيا نهدف إلى المساهمة في العمل والاقتصاد المحلي التركي”.

زر الذهاب إلى الأعلى