أردوغان: كفاحنا في سوريا ضد التنظيمات الإرهابية وليس الأكراد
أكد الرئيس رجب طيب أردوغان عدم وجود أي مشكلة لبلاده مع أكراد سوريا، مشددا على أنّ الكفاح الذي تخوضه القوات التركية عبر عملية “غصن الزيتون” هو “كفاح ضد التنظيمات الإرهابية هناك”.
جاء ذلك في لقاء مع صحيفة “لاستامبا” الإيطالية، قبيل الزيارة التي يجريها أردوغان إلى الفاتيكان، الأحد، وتنتهي الإثنين، بدعوة رسمية من البابا فرنسيس.
واعترض الرئيس التركي على وصف مراسل الصحيفة المعارك التي يخوضها الجيش التركي والجيش السوري الحر ضد تنظيم “ب ي د” ضمن عملية “غصن الزيتون” بأنها “حرب مع مجموعات كردية”.
وأضاف مشددا: “ليست لنا أي مشكلة مع أكراد سوريا ولن يكون ذلك. الكفاح الذي تخوضه تركيا ليس ضد الأكراد بل ضد التنظيمات الإرهابية”.
وأكد أردوغان على أنّ القوانين والشرعية الدولية تقف إلى جانب تركيا، في حربها ضد التنظيمات الإرهابية على حدودها.
وقال: “تعرضنا لـ700 اعتداء (من تلك التنظيمات الإرهابية) حتى اليوم. هدف غصن الزيتون تأمين حدودنا، وهذا سيتم عبر تحييد الإرهابيين في منطقة عفرين”.
ونفى الرئيس التركي الأكاذيب التي تكررها الأبواق الإعلامية للتنظيمات الإرهابية حول وقوع قتلى من المدنيين في عفرين.
ولفت في المقابل إلى استشهاد 4 مدنيين أتراك وجرح 90 آخرون في ولايتي هطاي وكليس جراء هجمات التنظيمات الإرهابية، شمالي سوريا، منذ انطلاق عملية “غصن الزيتون”.
وأضاف أنّ “تنظيم (ب ي د)، الذي يتهمنا بقتل المدنيين، يستخدم المدنيين كدروع بشرية في عدة مناطق”.
وجدد الرئيس التركي تأكيده على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، قائلا: “أريد أن أتكلم بشكل واضح، لا توجد لنا أطماع في أرض أي أحد”.
ويواصل الجيش التركي منذ 20 يناير/كانون الثاني الماضي، عملية “غصن الزيتون” التي تستهدف المواقع العسكرية لتنظيمي “داعش” و”ب ي د/ بي كاكا” الإرهابيين شمالي سوريا، مع اتخاذ التدابير اللازمة لتجنيب المدنيين أية أضرار.
وأوضح أردوغان أنّ جيش بلاده تمكن خلال عملية “درع الفرات” من تحييد 3 آلاف مسلح من تنظيم “داعش”، بينما سمح تنظيم “ب ي د/ي ب ك” لمسلحي “داعش” بالخروج الآمن من مدينة الرقة السورية.
وأضاف: “أما الآن فيضم تنظيم “ب ي د/ي ب ك” عناصر داعش إلى صفوفه في منطقة عفرين”.
ونفذت قوات الجيش التركي، خلال الفترة من أغسطس/آب 2016 وحتى مارس/آذار 2017، عملية “درع الفرات” دعما للجيش السوري الحر.
ونجحت العملية في طرد “داعش”، من مناطق واسعة شمالي سوريا، بلغت مساحتها ألفين و55 كيلومترا مربعا.
** عضوية الاتحاد الأوروبي
وحول مساعي تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، شدد أردوغان على ضرورة عدم جعل تلك المسألة آداة لحسابات السياسة الداخلية لدى بعض الدول الأوروبية.
وقال إنّ بلاده تنتظر من الاتحاد الأوروبي تبني مواقف بنّاءة، وإزالة العراقيل المصطنعة التي تعيق علاقات الطرفين في أسرع وقت ممكن.
وأكّد الرئيس التركي على أنّ بلاده تقوم بواجباتها كدولة مرشحة لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، مبينا في الوقت ذاته أنّ مسيرة انضمام أنقرة إلى الاتحاد لن تتقدم بجهودها وحدها، بل على الاتحاد أيضا القيام بواجباته تجاه هذه المسألة.
وتابع قائلا: “قبل كل شيء، على الاتحاد الأوروبي الوفاء بوعوده تجاهنا؛ فالاتحاد يعرقل محادثات الانضمام، ويحملنا مسؤولية عدم حدوث تقدّم في المحادثات، وهذا أمر غير عادل”.
وجدد أردوغان تأكيده على أن تركيا تطمح لنيل العضوية التامة في الاتحاد الأوروبي، وأنّ العروض الأخرى المقدمة من قِبل بعض العواصم الأوروبية لا تطمئن أنقرة.
وأشار إلى الدور الذي لعبته تركيا في الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا من حدودها الشرقية، ودورها في محاربة تنظيمات “داعش” و”بي كا كا” وب ي د/ي ب ك” الإرهابية.
كذلك، انتقد الرئيس التركي البرلمان الأوروبي على خلفية ارتداء بعض النواب وشاحا يحمل شعارات وألوان ترمز لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية، قائلا: “الاتحاد الأوروبي يقرّ بإرهابية هذه المنظمة، لكننا نرى بعض النواب يدخلون قاعة البرلمان حاملين رموزها”.
وفي هذا الصدد، انتقد، أيضا، فصل الأوروبيين بين تنظيمي “بي كا كا” و”ب ي د/ي ب ك” وعدم اعتبار الأخير تنظيما إرهابيا، مشددا على أنه “لا يوجد فرق بين التنظيمين، ولا يمكن في سوريا محاربة تنظيم إرهابي بواسطة تنظيم إرهابي آخر”.
** زيارة الفاتيكان
وعن زيارته إلى الفاتيكان، قال أردوغان إنّ ملف القدس وتداعيات إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل، سيكون في مقدمة المواضيع التي سيناقشها مع البابا فرانسيس.
وتابع قائلا: “أود أن أشكر البابا على مواقفه تجاه القدس. البابا نقل الرسالة الصحيحة إلى العالم المسيحي بخصوص وضع القدس؛ فالمشكلة المتعلقة بهذه المدينة ليست خاصة بالمسلمين وحدهم، وعلى الجميع العمل على حماية وضع القدس، ويجب أن يعيش المسلمون والمسيحيون واليهود جنبا إلى جنب بسلام في تلك المدينة”.
** “ربط اتفاقية “إس 400” بالناتو خطأ
وفي موضوع آخر، رفض الرئيس التركي ادعاءات البعض بأن الاتفاقية التي أبرمتها تركيا لشراء منظومة “إس 400” الدفاعية الصاروخية من روسيا “إحدى صفحات التعاون الثنائي بين البلدين في سوريا، وكذلك اعتبار هذا الاتفاق على أنه موجه ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.
وتابع: “الهجمات التي تعرضنا لها من جهة الأراضي السورية أظهرت ضرورة تعزيز نظم دفاعاتنا الجوية. وفي هذا الإطار أجرينا محادثات مع بلدان مختلفة. ركزنا على نقطتين تشكلان أولوية بالنسبة لنا هما السعر والشفافية في تزويدنا بالمعلومات التكنولوجية المتعلقة بالمنظومة”.
وأضاف: “ينبغي على البلد المصدر عدم إثارة المشاكل لنا خلال مرحلة التصدير. استجاب الاتحاد الروسي لتطلعات بلدي من حيث السعر والتسليم والإنتاج المشترك للمنظومة وتزويدنا بالمعلومات التكنولوجية المتعلقة بها. لذلك فمن الخطأ ربط اتفاقية (إس – 400) بالناتو. لاسيما وأن اليونان، الدولة العضو في حلف الناتو، سبق أن أدخلت منظومة (‘س – 300)، وهي إحدى إصدارات منظومة الدفاعات الجوية الروسية إلى قواتها المسلحة”.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا تجري محادثات إضافية مع إيطاليا وفرنسا في إطار مساعيها لتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي.
وقال: “مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية (أسيلسان) والمؤسسة التركية للصناعات الدفاعية (روكيتسان)، تعملان مع نظيراتهما في فرنسا وإيطاليا على إنتاج منظومة صواريخ دفاعية بعيدة المدى. وقد تم الاتفاق على هذه المسألة خلال زيارتي لفرنسا (الشهر الماضي)، وبدأ العمل في هذا الاتجاه. نحن في تركيا نعلق أهمية كبيرة على تعزيز صناعاتنا الدفاعية. لا نريد أن نكون بلدًا مستهلكًا ومستوردًا فقط”.
** التطورات في ليبيا
وردًا على سؤال حول احتمال وجود عمل مشترك إيطالي تركي في ليبيا نظرًا للأهمية الكبيرة التي يشكله هذا البلد بالنسبة لإيطاليا، قال الرئيس أردوغان إن تركيا تدعم وحدة وسلامة ليبيا، وجهود إجراء المصالحة الوطنية في هذا البلد العربي.
وأضاف: “نشجع الحوار الذي بدأه أصدقاؤنا الليبيون منذ 2014. نرى الجهود المخلصة للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، كما ندعم الجهود الرامية لمواصلة إجراءات المصالحة الوطنية وصياغة الدستور الجديد، وإجراء انتخابات حرّة في البلاد”.
** استشراف أردوغان لمستقبل تركيا
وردًّا على سؤال عن أهمية الإيمان بالنسبة له، أجاب أردوغان: “التدين والإيمان هما كل شيء بالنسبة لي. هما أمر لا يمكنني التخلي عنه. كل ما يأمر به ديني أعتبره أولوية بالنسبة لي”.
وعن سؤال حول تخيله لتركيا في المستقبل، أوضح أردوغان أنه يتخيل تركيا بين الاقتصادات العشرة الأكثر تقدمًا في العالم.
وأضاف: “نحتل المركز الخامس في أوروبا، والسادس عشر على صعيد العالم. هدفنا هو دخول مصاف العشرة الأوائل”.
ولدى سؤاله عما إذا كان سيقول شيئًا إزاء احتجاجات محتملة من قبل بعض المجموعات، التي تتهم تركيا بانتهاك حقوق الإنسان، خلال زيارته إيطاليا، أجاب الرئيس التركي: “لا أوجه أي خطاب لمن يدعمون الإرهاب. أتصرف مع الإرهابيين كما أتصرف معهم في عفرين”.
ومضى قائلًا: “أنا أفعل وسأواصل فعل ذلك لأن هذه هي اللغة التي يفهمونها. أي لغة تستخدم إيطاليا ضد الإرهابيين؟ أي لغة تستخدم فرنسا وبريطانيا وأمريكا وروسيا؟ أنا أستخدم تلك اللغة نفسها”.