مقالات و أراء

أمريكا لن تهاجم إيران، بل ستنزع فتيل حرب عربية – فارسية .. لكن الفخ الأكبر نصب للسعودية

إلى أين يمكن أن يمتد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران؟ هل تندلع حرب أمريكية – إيرانية؟ هل يبدأ تدخل كبير ضد إيران بتحريض من السعودية والإمارات واليمينيين من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة؟ وما التطورات التي يمكن أن تحدث في هذه الحالة في المنطقة الممتدة من تركيا إلى شمال أفريقيا ومن باكستان إلى الصومال؟

إن هذه ليست احتمالات أو أسئلة بسيطة أبدا. فلقد أصبحنا أمام حقيقة مفادها أن ثمة مخطط يرمي لتدمير المنطقة كلها.

إنهم يريدون نزع فتيل الحرب داخل العالم الإسلامي واستهدافه من داخله وبدء حقبة جديدة من الاستعمار والوصاية على المجتمعات المسلمة. هذا فضلا عن أنهم إذا نجحوا في السيطرة بالكامل على الحزام الإسلامي الأوسط الذي يشكل المحور الرئيس للعالم، فإنه سيكون قد مهد الطريق مجددا أمام سيطرة غربية على العالم.

أمريكا تدخلت فربحت إيران

التشابه بين إيران وإسرائيل

لن يريدوا مهاجمة إيران صراحة على المدى القريب، بل ستبدأ هجمات منهكة عقب الحصار الاقتصادي، لأنهم سيحاولون تدمير إيران من الداخل. لكن الظروف العالمية الحالية تشير إلى استحالة تنفيذ عملية مشابهة لعملية احتلال العراق.

ثمة حقيقة مفادها أن إيران كانت هي الرابح الأكبر في كل التوترات التي عاشتها مع الولايات المتحدة. فتدخلات واشنطن في المنطقة لم تضعف إيران، بل أضعفت أعداءها. كما أن احتلال أفغانستان والعراق دمر هذين البلدين، لكنه ساهم بشكل كبير في التوسع الجيوسياسي لإيران، فهو إما أضعف أعداءها أو قضى عليهم.

لقد أسفر احتلال العراق عن سيطرة إيران على أراضيها. ولهذا السبب لم تدخل إيران في مواجهة صريحة مع الولايات المتحدة أبدا.

تعتبر إيران وإسرائيل دولتين تستخدمان لغة عدائية في المنطقة، لكن كليهما كانتا الرابح الأكبر من هذه اللغة وسياسات النزاع والتوتر؛ إذ إنهما استمدا قوتهما من هذا الصراع. والغريب أن هاتين الدولتين بالرغم من أنهما تبدوان وكأنهما أشرس الأعداء على مستوى العالم، فإنهما لم تتواجها صراحة قط، بل تحاربتا دائما بشكل غير مباشر من خلال التنظيمات التابعة لهما.

لماذا يأتي 120 ألف جندي؟

هناك حديث عن إرسال الولايات المتحدة قوة قوامها 120 ألف جندي إلى المنطقة. وهي المعلومة التي نفى ترامب صحتها، لكنه لا يعرف الحقيقة، فعندما يحين الوقت المناسب سيتم اطلاعه على الأمر. إذن، ما سبب هذا الحشد العسكري؟

هناك توقعات بشن هجمات على نقاط محددة داخل إيران بدلا من تنفيذ هجوم صريح، لا سيما هجمات تستهدف منشآتها النووية. ولهذا السبب فإن هذا الحشد العسكري الأمريكي يهدف للتصدي للرد الإيراني الذي سيأتي عقب هذا الهجوم لاستهداف الأهداف الأمريكية من خلال التنظيمات المختلفة والميلشيات في سوريا والعراق. فهذه هي الصورة الواضحة أمامنا حاليا. ولهذا السبب تحديدا بدأت دول كالولايات المتحدة وألمانيا وهولندا بسحب عناصرها بشكل كبير من العراق.

الحرب الأهلية الإسلامية، معركة القيامة، خيانة وليي العهد

غير أن المحافظين الجدد والسعودية والإمارات يبذلون جهودا كبيرة لتوجيه القوة العسكرية الأمريكية نحو إيران. وفي الواقع فإنهم جميعا يريدون إشعال فتيل معركة القيامة. ولا شك أن أي معركة ستنتشر في كل مكان بالمنطقة ستطرد المجتمعات الإسلامية خارج سياق التاريخ وربما تجعلها عاجزة عن النهوض مجددا لقرن قادم. ولهذا السبب فإن هذه التطورات تعتبر في غاية الخطورة.

تنتهج الولايات المتحدة وإسرائيل سياسة ناجحة جدا فيما يتعلق بإشعال فتيل الحرب الإسلامية. فهما تشكلان التنظيمات وتستغل المسلمين، كما تفرضان سيطرتهما على الدول وتجعلهما تتحارب فيما بينها. ولقد سيطرتا كذلك على وليي عهد السعودية والإمارات لتجربا شيئا جديدا.

وليا عهد والدولتان: لقد صاروا محرضين على هجوم صليبي

للأسف فإنهم يروجون لسيناريو “إجبار الرب على القيامة” اليوم من خلال السعودية والإمارات اللتين تحولتا إلى متحدثتين باسم الجنون الصليبي التبشيري. فهاتان الدولتان المتحكمتان بمكة والمدينة تخضعان للسيطرة من خلال وليي عهدهما حتى جرى تحوليهما إلى دولتين محرضتين على الحرب الصليبية.

إن السعودية والإمارات تريدان من أمريكا وإسرائيل مهاجمة إيران بكل ما أوتيتا من قوة، فعليهما إنقاذ العرب من هذا الخطر، ذلك أنه قيل لهما أن إيران هو أكبر تهديد مستقبلي. وأما طهران فقد مهدت الطريق أمام هذا الأمر بأفعالها حتى عززت هذه القناعة. واليوم نحن أمام بداية السيناريو الحقيقي.

وبالمناسبة، اسمحوا لي أن نسجل ملاحظة خاصة تشير إلى أن الذين كانوا يصفون إيران بالتهديد أصبحوا يصفون تركيا هي الأخرى بالتهديد الذي يحدق بالدول العربية.

إنه استعداد لحرب عربية – فارسية جديدة

لقد كانت حرب الخليج عام 1991 حربا عربية – فارسية هزم بها الحرب وسيطرت إيران على العراق، كما تراجعت الحدود العربية – الفارسية من حدود إيران – العراق إلى حدود سوريا – الأردن. كما كانت الحرب السورية الأخيرة حربا عربية – فارسية. فإيران أصبحت مسيطرة في سوريا ووصلت حتى حدود إسرائيل، كما بدأت بالضغط على السعودية والأراضي العربية الأصلية من خلال اليمن.

لقد روجوا لكل هذه الحروب والحسابات الجيوسياسية من خلال العمى الذي أصاب العقل السياسي العربي. وتتحمل السعودية المسؤولية الكبرى لما يحدث؛ إذ إنه بسبب نظامها الحاكم فإن الأراضي العربية تحتل الواحدة تلو الأخرى.

نصب الفخ الأكبر للسعودية

ربما يكون هذا العمى السياسي على وشك ارتكاب أكبر خطأ في تاريخه. فهم سيشعلون فتيل حرب عربية – فارسية جديدة. ولقد كانت الاستعدادات في السابق على مستوى الدول، لكنها هذه المرة على مستوى إقليمي. فهم سيوقعون بين العرب والإيرانيين لينسحبوا ويشاهدون حالة الدمار من بعيد. ولو نجحوا في ذلك فربما تستمر هذه الحرب لعشرات السنين.

ما أقوله حول كل هذه الأمور هو أن الفخ الأكبر نصب للسعودية التي يستهدفها المخطط التدميري، فهذه سياسة “التدمير عن طريق الحماية”.

وما سبب ذلك؟ لأن مكة والمدينة في السعودية! ولأننا أمام حساب لمائة عام مقبلة.

ولها أوصي بتقييم الكفاح الذي تخوضه تركيا والحديث عنه في ظل هذه الظروف الراهنة.

 

 

 

 

ابراهيم قراغول – يني شفق

زر الذهاب إلى الأعلى