أنهار جليدية وشلالات متجمدة..رحلات استكشاف ساحرة في هكّاري التركية (تقرير)
في قلب جنوب شرق تركيا، حيث تتوشح قمة جبل جيلو، ثاني أعلى قمة في البلاد، برداء أبيض ناصع، يخوض عشاق الطبيعة مغامرة استثنائية لاستكشاف روائع الشتاء.
الأنهار الجليدية المهيبة، البحيرات المتجمدة، والشلالات التي تحولت إلى لوحات فنية من الجليد، تجعل من هذا المكان وجهة فريدة تأسر الأنظار وتخطف الأنفاس.
بين التحديات التي تفرضها الطبيعة وسحر المشاهد التي لا تُضاهى، يكتشف الزوار جمالية هذه المنطقة التي تعد واحدة من أعظم كنوز تركيا الطبيعية.
يتميز جبل جيلو ووادي الجنة، الواقعان بين مركز ولاية هكّاري وقضاء يوكسك أوفا التابع للولاية، بمناظر طبيعية خلابة جعلتهما مقصداً مفضلاً للسياح المحليين والأجانب.
ومع حلول الشتاء، أضفت الثلوج المتساقطة جمالاً إضافياً على هذه المنطقة، التي باتت رمزاً لجمال الطبيعة التركية الفريد.
في السنوات الأخيرة، أصبح الوادي واحدًا من أكثر المسارات المفضّلة لعشاق الطبيعة، لما يحتويه الموقع من أنهار جليدية مهيبة ومشاهد طبيعية تحبس الأنفاس.
ومع تساقط الثلوج خلال الأيام الماضية، ارتدت المنطقة حلتها الشتوية البيضاء، لتتحول إلى مقصد جديد لعشاق المغامرة.
فعالية تستكشف الجمال الطبيعي
ونظم نادي “جيلو سات” للرياضات الطبيعية فعالية استكشافية شاقة وممتعة في آن واحد، بدأت برحلة بالسيارات إلى إحدى الهضاب المحيطة، ثم تابع المشاركون سيراً على الأقدام لمدة ساعتين للوصول إلى المنطقة الجليدية.
هناك، انبهر المشاركون بالأنهار الجليدية ذات الشقوق الكبيرة الناتجة عن ذوبان الثلوج، وبمشاهد الشلالات والبحيرات المتجمدة التي شكّلت لوحات طبيعية مبهرة.
ولم يقتصر الأمر على التحديات فقط؛ فقد أتاحت الفعالية للمشاركين فرصة قضاء وقت ممتع بين أحضان الطبيعة واكتشاف جمال المنطقة، فضلًا عن التقاط صور للمناظر الخلابة التي شكلتها البحيرات والشلالات المتجمدة.
جدار جليدي مذهل وتجربة لا تُنسى
ناجي أرطونج، ممثل الاتحاد التركي لتسلق الجبال وعضو مؤسس في نادي جيلو، قال للأناضول إن الأنهار الجليدية في المنطقة تأثرت بشدة بتغير المناخ، مما أدى إلى تغيّر بنيتها الجليدية بشكل ملحوظ.
وأضاف: “في السنوات الماضية، كنا نشهد كتلًا جليدية بارتفاع يصل إلى 20-30 مترًا، لكننا لاحظنا اليوم أن طبقة الجليد التي نسميها أفاسبي قد تعرضت للذوبان بشكل كبير”.
وتابع: “عند تسلق الجليد، نبحث عن جدران جليدية عالية ومائلة بلطف، ولكن الذوبان جعل الجليد في وضع صعب. رغم التحديات التي واجهتنا، استمتعنا كثيرًا بالتسلق ورؤية الشلالات المتجمّدة، الطبيعة هنا ساحرة، إنها تجربة شتوية فريدة من نوعها”.
كما أشار أرطونج إلى أن المنطقة بحاجة لبناء أكواخ جبلية بغرض توفير خدمات الإقامة لعشاق الطبيعة ومحبي التسلق، لافتًا إلى أن النادي يتطلع لمواصلة أنشطته المستقبلية من خلال تأسيس مركزٍ للتزلج في المنطقة، إلى جانب مجموعة من أنشطة تسلق الجبال.
مشاهد تحبس الأنفاس
بدورها، عبرت المتسلقة كليزار خرمانجي، عن سعادتها الكبيرة بالمشاركة في هذه الفعالية، واصفة تلك التجربة بالرائعة.
قالت: “كانت رحلة جميلة جدًا. بعد المشي، قمنا بتسلق الجليد وقضينا وقتًا ممتعًا. رؤية وادي الجنة في هذا الفصل كان مذهلًا. إنها المرة الأولى التي أزور فيها الوادي في هذا التوقيت، وشعرت وكأنني في عالم آخر”.
وتابع “الطبيعة هنا رائعة ومثالية للتزلج. وبالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة، تجمدت البحيرة والشلال، ما خلق مشاهد تحبس الأنفاس”.
من جهته، لفت المتسلق فكرت أوزباي، إلى أنه يسعى للمشاركة في مثل هذه الفعاليات كلما سنحت له الفرصة.
وأضاف: قمنا بتسلق الجبال في وادي الجنة. كانت تجربة ممتعة جدًا. أنا سعيد للغاية بالمشاركة. المكان مذهل. لقد زرت 32 دولة من قبل، لكن اكتشاف هذا الجمال الطبيعي القريب منا أمر يبعث على الفخر. أدعو الجميع من أنحاء العالم لزيارة هذا المكان الرائع.
أما المتسلقة نيلوفر يلماز، فقد أشارت إلى أن زيارتها الحالية إلى جبل جيلو ووادي الجنة هي الأولى.
وقالت: كان التسلق صعبًا بعض الشيء، لكنه ممتع للغاية. الشتاء بدأ فعليًا هنا، فيما ما زالت المدينة (هكّاري) تعيش أجواء الخريف. صعدنا مع فريق محترف إلى الأنهار الجليدية. كان الجو ساحرًا والمناظر خلابة. أشعر بسعادة غامرة لخوضي غمار هذه التجربة.