“اكتشاف مذهل” قد يساعد على النجاة من السرطان.. دراسة تكشف عن دور بقايا فيروسات قديمة بجسم الإنسان
توصلت دراسة علمية جديدة إلى أن بقايا الفيروسات القديمة المنتقلة عبر آلاف أو حتى ملايين السنين في الحمض النووي البشري، يمكن أن تساعد في مكافحة مرض السرطان، مشيرين إلى أن تنشيط خلايا قديمة بجسم الإنسان يمكن أن يساهم في التصدي للورم الذي ينتشر فيه.
صحيفة The Guardian البريطانية ذكرت، السبت 15 أبريل/نيسان 2023، أن العلماء في معهد “فرانسيس كريك” البريطاني كانوا يدرسون مرض سرطان الرئة، أبرز أسباب الوفيات المرتبطة بالسرطان على مستوى العالم، وذلك لفهمِ العوامل التي تجعل بعض المرضى يستجيبون للعلاج المناعي على نحو أكثر فاعلية من غيرهم.
وجد علماء المعهد أثناء دراستهم التي نُشرت في دورية Nature العلمية الأسبوع الماضي، أن الخلايا السرطانية يمكن أن تنشط بقايا خلايا قديمة، ثم اكتشفوا أن هذا التنشيط يمكن أن يساعد عرضاً جهاز المناعة في استهداف الورم ومهاجمته.
العلماء قالوا إن هذه الاكتشافات “المذهلة” يمكن أن تفتح الباب لمساعدة مزيد من الناس في النجاة من سرطان الرئة باستخدامها في علاج السرطان أو حتى الوقاية منه.
من جانبه، أوضح جوليان داونوارد، مدير الأبحاث المساعد في المعهد، ورئيس مختبر بيولوجيا الجينات الورمية، أن “هذا العمل يمهِّد السبيل لكثير من الفرص الجديدة في تحسين استجابة المرضى للعلاج المناعي، وهي خطوة مهمة في مساعدة مزيد من الناس على النجاة من سرطان الرئة”.
جاء ذلك خلال مراقبة الباحثين لنشاط الخلايا المناعية في فئران مصابة بسرطان الرئة، وفي عينات من خلايا بشرية مصابة بمرض سرطان الرئة، إذ وجدوا أن خلايا الدم البيضاء المنتجة للأجسام المضادة، والتي تسمى الخلايا البائية، تشارك في الاستجابة المناعية لسرطان الرئة بإنتاجها أجساماً مضادة ترتبط بالورم وتُلازمه.
ولما تعقب الباحثون مآل هذه الاستجابة، وجدوا أن الأجسام المضادة تعرفت على البروتينات التي يعبر عنها الحمض النووي الفيروسي القديم، والمعروفة باسم الفيروسات القهقرية الداخلية المنشأ (ERVs)، وتمثل نحو 5% من الجينوم البشري وتنتقل إلينا من إصابات قديمة لحقت بأسلافنا.
رغم أن هذه الجينات الفيروسية تصبح بلا فاعلية في غالب الأنسجة السليمة، فإنها قد تنشط عند الإصابة بمرض السرطان.
يقول داونوارد: “نحن نعلم الآن أن مناطق توسع الخلايا البائية يمكن أن تساعدنا في توقع مناطق الاستجابة الإيجابية لمثبطات نقاط التفتيش المناعية”، التي تتيح للجهاز المناعي رؤية الخلايا السرطانية ومهاجمتها. ويمكننا “بمزيد من البحث، أن نعمل على تعزيز نشاط الخلايا البائية بطريقة تستهدف المرضى ذوي الفرص القليلة في الاستجابة”.
بدوره، أشار جورج كاسيوتيس، رئيس مختبر المناعة الفيروسية في المعهد، إلى أن “الفيروسات القهقرية الداخلية كانت مختبئة كآثار أقدام فيروسية في الجينوم البشري لآلاف أو ملايين السنين، ومن الرائع أن نتوصل إلى أن أمراض أسلافنا قد تكون مفتاحاً لاكتشاف طرق نعالج بها الأمراض اليوم”.
أضاف كاسيوتيس أنه “يمكن بمزيدٍ من البحث أن نتطلع إلى تطوير لقاح لعلاج السرطان يتكون من الجينات القهقرية المنشِّطة لتعزيز إنتاج الأجسام المضادة في مواقع الإصابة بالسرطان، والتعويل عليها في تحسين نتائج العلاج المناعي”.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أن هذا البحث جاء بتمويل من مركز أبحاث السرطان في بريطانيا، وهو يندرج فيما يُعرف بدراسات مشروع TracerX، المعنية بتعقب التطور الحادث في أمراض سرطان الرئة خلال العلاج، وقد أظهرت الدراسة في وقت سابق من هذا الأسبوع، قدرة السرطان “التي تكاد تكون لا نهائية” على التطور.
في هذا الصدد، قالت الدكتورة كلير بروملي، من مركز أبحاث السرطان، إننا نحتاج إلى مزيد من البحث لاستخدام هذه الاكتشافات في تطوير لقاح للسرطان، و”مع ذلك، فإن هذه الدراسة تضيف المزيد إلى دراسات متنامية يمكن أن نشهد بها تحويل هذا النهج المبتكر في علاج السرطان يوماً ما إلى حقيقة واقعة”.
وتوقع خبراء في الصحة أن تتوافر لقاحات جديدة لعلاج مجموعة من الأمراض الخطيرة، بينها السرطان، بحلول السنوات القليلة المقبلة، وقالت شركة أدوية Moderna الرائدة إن لقاحات السرطان وأمراض القلب، والأوعية الدموية، وأمراض المناعة الذاتية وأمراض أخرى ستكون جاهزة بحلول عام 2030.