الاتحاد الجمركي:شراكة تركية أوروبية لمواجهة تحديات عالمية(مقابلة)
قال ماركوس سليفوغت، رئيس مجلس التجارة والاستثمار التركي الأوروبي، إن البيئة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي قد تواجه تغيّرات سلبية مع بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع سليفوغت، أشار فيها إلى أن تحديث الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي يُعد خطوة محورية لتعزيز الموقف الأوروبي في مواجهة التحديات المتزايدة.
ويعمل المجلس مع بروكسل لفهم المواقف المختلفة للأطراف الفاعلة في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس المجلس: “نجري لقاءات مع ممثلي الدول الأعضاء بالاتحاد ومع مسؤولي المفوضية الأوروبية، لفهم رؤاهم بشأن التقدم المطلوب لتحديث الاتحاد الجمركي، ولضمان اتخاذ خطوات حقيقية ومؤثرة في هذا الإطار”.
** تحديث الاتحاد الجمركي
وفي مايو/أيار الماضي، قال وزير التجارة التركي عمر بولاط، إن تركيا تعمل على تحديث الاتحاد الجمركي مع التكتل الأوروبي، وسط وجود تفاهم متبادل حول مختلف القضايا.
ودخلت اتفاقية الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في 1 يناير/ كانون الثاني 1996، عملاً بالقرار المتخذ في اجتماع مجلس الشراكة التركي الأوروبي في 6 مارس/ آذار 1995، عقب مفاوضات بين الجانبين.
وتطالب تركيا بتحديث الاتفاقية، لكونها يعتريها مشاكل بنيوية مع تطور هيكلية التجارة الحالية، في وقت تضاعفت التجارة بينهما عدة مرات منذ ذلك الوقت، وصولا إلى 206 مليارات يورو في 2023، ما يجعل تركيا خامس أكبر شريك تجاري للاتحاد.
وشدد سليفوغت على أهمية تحديث الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، مذكراً بالدور الحيوي لهذا الاتفاق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجانبين.
وقال: “حجم التجارة الثنائية بين تركيا والاتحاد الأوروبي يتجاوز 200 مليار يورو سنوياً، فيما بلغت استثمارات الشركات الأوروبية في تركيا منذ عام 2002 وحتى 2023 أكثر من 200 مليار يورو”.
ورغم النجاح الذي حققه الاتحاد الجمركي، لفت سليفوغت إلى أن الاتفاقية المشار إليها لم تعد تواكب التطورات الراهنة والاحتياجات التجارة العصرية والملحة.
وتابع: “مسودة الاتحاد الجمركي التي طُبقت عام 1996 استندت إلى رؤية تعود إلى سبعينات القرن الماضي.. وهذا يجعلها غير كافية لتلبية متطلبات اليوم”.
واليوم، تدخل الثورة الرقمية وغيرها من التجارة الإلكترونية والخدمات والزراعة والمشتريات العامة، إلى خط التجارة بين الجانبين، وهو ما تسعى له تركيا لمواءمة النظام مع الاحتياجات التجارية والاقتصادية للقرن الحادي والعشرين.
وأشار سليفوغت إلى الجهود المبذولة من جانب المجلس لتذليل العقبات التي تحول دون تحديث هذا الاتفاق.
وقال: “نؤمن بأن التحديات القائمة يمكن تجاوزها من خلال الحوار الصريح والفهم المتبادل بين الطرفين”.
وأردف: “التحديث ليس فقط ضرورة، بل يصب في مصلحة الجانبين، وهو ما يجعلنا متفائلين بشأن إحراز تقدم تدريجي”.
وأوضح أن المفوضية الأوروبية تستعد لبدء دورة عمل جديدة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ما يشكل فرصة مهمة لتعزيز التعاون المشترك مع تركيا.
وأضاف: “شهدت بعض المناصب داخل المفوضية الأوروبية تغييرات إيجابية، ونرى في ذلك بداية جديدة نأمل أن تسهم في تحقيق تقدم ملموس على صعيد العلاقات الثنائية التركية الأوروبية”.
ويمثل تحديث الاتحاد الجمركي فرصة لتحسين العلاقات الاقتصادية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، “والمجلس يعمل على الاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز الحوار وتحقيق الأهداف المشتركة”، وفق رئيس مجلس التجارة والاستثمار التركي الأوروبي.
** الاستراتيجيات الأوروبية
وفيما يتعلق بالوضع الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، قال سليفوغت: “البيئة العامة في أوروبا تشهد تغيرات جوهرية، تتطلب من الاتحاد إعادة النظر في استراتيجياته”.
ولفت إلى أن الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي المرتقب دونالد ترامب تضمنت وعوداً باتباع سياسات أكثر تشدداً في التجارة، مما قد يضع أوروبا أمام تحديات جديدة.
وأردف: “أوروبا بحاجة إلى استكشاف طاقات جديدة وفرص إضافية لتطوير نموذجها الاقتصادي. تركيا، بموقعها الجغرافي المتميز، وبنيتها التحتية الصناعية القوية، لديها القدرة على أن تصبح شريكاً استراتيجياً أكثر أهمية في هذه المرحلة”.
وختم: “تحديث الاتحاد الجمركي سيتيح للاتحاد الأوروبي مواجهة مختلف التهديدات على الساحة العالمية، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تعريف علاقته مع آسيا والولايات المتحدة. هذه الخطوة ليست مجرد تحديث تقني، بل هي استثمار استراتيجي في مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لأوروبا”.