الخارجية التركية: إملاءات واشنطن لن توصلها إلى نتيجة
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تدرك أنها لن تستطيع الوصول إلى نتيجة عبر الإملاءات.
وأكد أقصوي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة أنقرة، أن تركيا تواصل مباحثاتها مع الولايات المتحدة لحل القضايا العالقة بين الجانبين.
وشدد على أن بلاده “تتطلع إلى اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات ملموسة حيال القضايا التي تتعلق بأمن تركيا”، وفي مقدمتها تنظيمات “ب ي د” و”ي ب ك” و”غولن”.
ولفت أقصوي إلى أن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أدلى بتصريحات – مطلع الشهر الحالي- استهدف عبرها تركيا.
وقال: “نرى أن الولايات المتحدة تلجأ إلى لغة التهديد ويتعين عليها أن تدرك أنها لن تستطيع الوصول إلى نتيجة عبر الإملاءات”.
وقال بنس، في تصريحاته تلك، إنه في حال إتمام تركيا صفقة شراء منظومة “إس 400” للدفاع الجوي من روسيا، فإنها تخاطر بإخراجها من برنامج إنتاج مقاتلات “إف 35” الأمريكية. وأضاف أن على تركيا الاختيار “بين أن تكون شريكا هاما في أقوى حلف عسكري في تاريخ العالم، وبين أن تتخذ قرارات طائشة تُعرض من خلالها أمن الحلف للخطر”، وفق تعبيره.
وردا على ذلك، قال أقصوي، في تصريحاته الصحفية اليوم، إنّ تركيا جزء من هذا برنامج مقاتلات “إف 35”. وأضاف: “نحن ملتزمون بالمبالغ المالية (بخصوص صفقة الحصول على تلك المقاتلات). وطيارونا يتدربون في أمريكا، تسليم المقاتلات بدأ. في هذه القضية لن نتراجع”.
وانتقد أقصوي أسلوب واشنطن في التهديد قائلا: “لا نرى أسلوب واشنطن القائم على التهديد بمقاتلات إف 35 تصرفا يليق بالعلاقات بين الحلفاء”.
ولفت إلى أن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أجرى خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة -مطلع الشهر الحالي- مباحثات مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون وبعض أعضاء الكونغرس.
وأوضح أن مباحثات تشاووش أوغلو تركزت على العلاقات الإيجابية بين البلدين، والعلاقات التجارية والدفاعية.
وبيّن أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ حاليا 20 مليار دولار، مؤكدا أن هدف البلدين رفع هذا الحجم إلى 75 مليار دولار.
وفيما يتعلق بمحادثات أستانة، أكد المتحدث التركي مواصلة النظام السوري أعمال الاعتداء على محافظة إدلب ولاسيما استهداف المدنيين.
وحول قرار واشنطن الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتل، قال أقصوي: “الولايات المتحدة بهذا القرار تواصل لعب دورها في كونها جزء من المشكلة وليس الحل”.
وفيما يتعلق بدعوة وزارة الخارجية الأرمينية تركيا لفتح أرشيف أحداث 1915، قال أقصوي إن الأسلوب الذي استخدمته وزارة الخارجية الأرمينية يظهر أن أرمينيا لا تمتلك بعد أعراف الدولة.
وشدد على أن فرض محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قرارها المستند على المزاعم الأرمينية ضد الأتراك، لا يتطابق مع حرية التعبير، مذكّرا بقرار محكمة الدستور الفرنسية الذي أكد ضرورة حماية حق الأتراك في التعبير عن آرائهم.
وأشار أقصوي إلى أن العديد من المؤرخين المرموقين نشروا أعمالا أكاديمية تضع استفسارات حول المزاعم الأرمنية.
وأكد أن أرمينيا “لا تفتح أرشيفها حول أحداث 1915 رغم ادعائها بفتحه”، قائلا: “جزء من الأرشيف مفتوح فقط من أجل التأكيد على المزاعم الأرمنية”.
وأضاف أنه “لو كان لدى الأرمن شجاعة فتح الأرشيف بالكامل لانكشفت الحقائق، غير أنهم يواصل تضليل العالم والأجيال الشابة”.
واعتبر متحدث الخارجية التركية أن فرنسا لا تدرك خطورة الخطوة التي اتخذتها، وهي التي الخطوة التي لن تنساها تركيا، في إشارة إلى مصادقة الرئيس إيمانويل ماكرون على قرار يعتبر يوم “24 أبريل/نيسان” يوما لذكرى ما يسمى “الإبادة الأرمنية” المزعومة.
وأضاف أن فرنسا تتحمل مسؤولية قتل الأتراك من خلال تسليح الأرمن قبل قرن.
وأدان أقصوي خطاب رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب ضد تركيا أمام أرمن متطرفين.
وأضاف: “أود أن أشير إلى أن هذا الموقف الذي لا يليق بمسؤول بلد حليف، لن يبقى دون رد”.
وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير عام 1915 على أنه “إبادة عرقية”، وبالتالي دفع تعويضات.
وحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح “الإبادة الجماعية” (العرقية)، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة “الإبادة العرقية” على أحداث 1915، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور “الذاكرة العادلة”، الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة الأحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.
وتقترح القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراكا وأرمن وخبراء دوليين.