بسبب زيارة.. كادت الحرب أن تندلع بين أميركا والصين سنة 1995
مع نهاية الحرب العالمية الثانية على ساحة المحيط الهادئ واستسلام اليابان بشكل رسمي، تمكنت الصين من ضم جزر تايوان وبسكادورز (Pescadores) لممتلكاتها. وعقب هزيمة القوميين الصينيين، المعروفين بالكومينتانغ (Kuomintang)، بالحرب الأهلية الصينية أمام الشيوعيين، انتقل أنصار تشانغ كاي تشيك (Chiang Kai-shek) نحو تايوان جاعلين منها مقراً لهم ومتخذين من تايبيه عاصمة لهم. وفي المقابل، أعلن الزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ عام 1949 عن نشأة جمهورية الصين الشعبية على أراضي الصين القارية واتجه للمطالبة بسيادة بكين على تايوان رافضاً الاعتراف بسلطة الكومينتانغ على هذه المنطقة.
وبالقرن الماضي، شهد مضيق تايوان العديد من الخلافات بين بكين وتايبيه جاءت أبرزها خلال العام 1995 حيث كادت الأزمة التي ظهرت قبيل الانتخابات الرئاسية التايوانية أن تتحول لحرب بين الأميركيين والصينيين.
وتعود بداية هذه الأزمة للعام 1994. فخلال تلك السنة، قام الرئيس التايواني لي تنغ هوي (Lee Teng-hui) بجولة قادته نحو عدد من دول أميركا اللاتينية. وبرحلة العودة، توقفت طائرة لي بهاواي الأميركية للتزود بالوقود.
وفي خضم ذلك، رفضت إدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون منح القائد التايواني لي تنغ هوي تأشيرة لدخول أراضيها ليظل بذلك قابعاً طيلة الليل بإحدى القواعد الجوية الأميركية دون مغادرة طائرته ويرحل بحلول اليوم التالي. وبتصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام، انتقد لي التصرفات الأميركية تجاهه متهماً إدارة الرئيس كلينتون بتصنيفه كرئيس من درجة ثانية.
سنة 1995، تلقى الرئيس التايواني لي دعوة من جامعة كورنيل (Cornell) لزيارة الولايات المتحدة الأميركية وإلقاء كلمة حول الديمقراطية التايوانية بالجامعة.
وانطلاقاً من ذلك، سلط الإعلام الأميركي الضوء على الإهانة التي تعرض لها لي بالعام الماضي عند حلوله بهاواي لتعود بذلك قضية تايوان مرة أخرى للواجهة على الساحة السياسية الأميركية.
وخلال شهر مايو 1995، صوّت الكونغرس الأميركي، بأغلبية ساحقة، على قرار لصالح الرئيس التايواني لي سمح له بزيارة الأراضي الأميركية وطالب إدارة الرئيس كلينتون بمنحه تأشيرة دخول الولايات المتحدة الأميركية.
ما بين يومي 9 و10 يونيو 1995، حل لي تنغ هوي بالولايات المتحدة الأميركية مثيراً بذلك غضب السلطات الصينية التي وصفته بالخائن.
وكرد على زيارة لي للولايات المتحدة الأميركية، أعلنت الحكومة الصينية، بقيادة جيانغ زيمين (Jiang Zemin)، يوم 7 يوليو 1995 عن استعدادها لإجراء تجارب صاروخية ومناورات عسكرية واسعة بالقرب من مضيق تايوان.
بالتزامن مع ذلك، اتجه جيش التحرير الشعبي الصيني لتجميع قواته عند منطقة فوجيان (Fujian) قبل أن يباشر بإطلاق عدد من الصواريخ عند مضيق تايوان. كما شهدت نفس هذه المنطقة ما بين 15 و25 أغسطس 1995 مناورات بالذخيرة الحية وتدريبات تحاكي عمليات إنزال ضخمة قادتها القوات المسلحة الصينية لإثبات وجودها واستعدادها للتحرك عسكرياً ضد تايوان.
تدريجياً، اتجهت هذه الأزمة، التي لقبت بأزمة مضيق تايوان الثالثة، بين الأميركيين والصينيي للانفراج. فبينما تكبدت تايوان خسائر اقتصادية جسيمة بسبب هذا التوتر العسكري، اعترفت سلطات الصين الشعبية بعدم قدرتها على منع السفن الحربية الأميركية من الإبحار بمضيق تايوان.