بعبق التراث..قهوة مصحوبة بالقرفة في سوق إسطنبول المسقوف (تقرير)
في رحاب السوق المسقوف قلب إسطنبول النابض بالتاريخ، تحرص أسرة تركية على إحياء تراث عثماني فريد يمتد لنحو 150 عاما، يتمثل بتقديم القهوة مع القرفة المنقوعة.
تمتلك أسرة “تيزتشاكار” مقهى تاريخيا يواصل نشاطه منذ عام 1875 في السوق المسقوف (Kapalıçarşı)، ويعد أحد أقدم وأكبر الأسواق في العالم.
بكر تيزتشاكار، الذي يمثل الجيل الخامس لأسرته، روى في حديث للأناضول قصة المقهى الموروث من أجداده، والذي بات مقصدا لعشاق القهوة التركية ومذاقه الأصيل ومحبي الأجواء الدافئة في أحضان التاريخ.
وثمة تراث فريد يميز مقهى تيزتشاكار عن سواه من المقاهي المنتشرة في إسطنبول، ولا يزال حيا حتى اليوم بفضل الجهود التي تبذلها الأسرة للحفاظ عليه، وهو تقديم القهوة مصحوبة بالقرفة المنقوعة في الماء.
– البداية من عام 1875
وبحسب ما رواه بكر تيزتشاكار، فإن حكاية المقهى التاريخي بدأت مع قدوم جدهم الأكبر إلى إسطنبول عام 1875، ومنذ ذلك الحين يزداد هذا المكان تألقا وشهرة في إسطنبول.
وقال تيزتشاكار إن والده أدهم ورث المقهى في خمسينيات القرن الماضي، وإنه كان يذهب لمساعدة والده منذ مرحلة الطفولة، ثم أنهى دراسته وتخرج من كلية الهندسة لكنه لم يتخلى عن هذا المكان.
يعتقد تيزتشاكار أن القهوة ليست مجرد مشروب وإنما هي تراث وتقليد يخدم الروابط الأسرية والصداقة والتقاسم بين الأفراد، وأنه يحرص على مواصلة هذا التقليد الهام بالنسبة إلى الثقافة التركية.
وأشار إلى أنه يسعى إلى ابتكار وإضافة قواعد ونظم جديدة لإثراء ثقافة القهوة التركية تحت قبة هذا المكان التاريخي، وأنه عازم على حماية تقليد تقديم القهوة بصحبة القرفة المنقوعة في الماء للزبائن.
– تحضير القرفة بالبخار
وتابع: “هذا تقليد غير معروف كثيرا؛ إننا نقوم بتحضيره بالبخار من لحاء القرفة في إبريق خزفي ونقدمه بعد القهوة، وهذا خاص بأسرتنا حاليا، وآمل أن يعود هذا التراث للانتشار مرة أخرى على نطاق أوسع”.
وأوضح بكر تيزتشاكار أن مقهى أدهم تيزتشاكار يمارس نشاطه في السوق المسقوف منذ العهد العثماني وحتى اليوم، وبصفته أحد ممثلي الأسرة، فإنه يسعى إلى إحياء تقاليد المجتمع التركي والتعريف بها.
في 5 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، يُحتفل باليوم العالمي للقهوة التركية، تكريمًا للمشروب الذي وصل منطقة الأناضول لأول مرة منذ 5 قرون في العهد العثماني، عندما كان أوزدمير باشا، الحاكم العثماني لليمن، أول من عرّف السلطان سليمان القانوني على مذاق القهوة الفريد عام 1543.
ونظرًا لما تتميّز به القهوة من نكهة مميزة وعملية تخمير فريدة، انتشرت سريعًا من بلاط الإمبراطورية العثمانية ووصلت إلى أوروبا في القرن السابع عشر، عندما ترك الجنود العثمانيون، عن غير قصد، بعض حبوب البن خارج بوابات فيينا.
القهوة التركية تمثّل رمزًا للتاريخ وكرم الضيافة، وهو ما ينعكس في المقولة التركية الشهيرة “ذكرى فنجان من القهوة تدوم 40 عاما”، ولكونها متأصّلة بالثقافة التركية، أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” على قائمة التراث الثقافي غير المادّي، في 5 ديسمبر 2013.