تقليد رمضاني عثماني يكاد يندثر .. تعرف إلى “فنّ المحيا” الذي يُزيّن مآذن تركيا

خلال شهر رمضان المبارك، تتزيّن المآذن الشاهقة في اسطنبول برسائل وتصاميم دينية تربط بينها، في تقليد متأصل بعمق في الثقافة التركية يُسمّى “فنّ المحيا”.
و”المحيا” ليست مشهدًا بصريًا فحسب، بل يحمل رسائل روحية، وعبارات دينية تتغيّر على مدار الشهر الفضيل، بين الترحيب بقدوم رمضان، إلى التذكير بفضائله، ثمّ أهمية ليالي القدر المباركة، قبل أن تودّع “سلطان الشهور الأحد عشر” كما يصفه الأتراك، بالدعاء لأن يتقبّل الله عبادات المسلمين.
ويعود تاريخ هذا التقليد إلى حوالي 450 عامًا في زمن السلاطين العثمانيين.
ويذكر إسماعيل كارا مؤلف كتاب “المحيا: تقليد إسطنبول المسلمة”، أنّ أولى لافتات المحيا عُلّقت في عهد السلطان العثماني “أحمد الأول” بين مآذن جامع “السلطان أحمد” الشهير، ليصدر قرار بتعليقها في جميع المساجد خلال شهر رمضان عام 1617.
وبغياب الكهرباء آنذاك، كان “المحياجي” أي الرجل الذي يُصمّم النصّ، تربط رسالته الدينية من مئذنة إلى أخرى بالحبال والمصابيح الزيتية. وكانت مهمة الإبقاء على إنارتها تتطلّب مهارة خاصّة.
ومع بداية العهد الجمهوري عام 1922، بدأ استخدام المصابيح الكهربائية في لافتات “المحيا”، وهو ما جعل مهمة إبقائها مشتعلة أسهل.
وبينما يتزيّن عدد لا يُحصى من مساجد تركيا بالرسائل الدينية خلال الشهر الفضيل باستخدام إضاءة “LED”، إلا أنّ تسعة مساجد فقط تستفيد من “فن المحيا” التقليدية، وجميعها مساجد عثمانية تاريخية.
ويُعتبر كهرمان يلديز (69 عامًا) آخر “محياجي” في تركيا، حيث درس الحرفة على يد “المحياجي” العثماني الأخير حاجي علي جيهان.
وبينما يندفع يلدز صعودًا ونزولًا على مآذن المساجد الكبرى لإضاءة أفق إسطنبول في كل شهر رمضان، يظل مستقبل “المحيا” مبهم، نظرًا لأنّ الشباب لم يعودوا يهتمون بهذه الحرفة.