تلبية لنداء “مولانا”.. راهب أرجنتيني يستقر في قونية التركية
استقر الراهب “سواميني سامفيداناندا ساراسواتي” المولود في العاصمة الأرجنتينية “بوينس آيرس” من أبوين هنديين، في مدينة قونية التركية (وسط)، قبل عامين، بعد أن رأى في منامه سلطان العارفين جلال الدين الرومي، يدعوه لزيارة المدينة.
وقال ساراسواتي، البالغ من العمر 56 عامًا، أنه أتى إلى قونية من الأرجنتين، حيث ولد وترعرع وكان يعمل في مجال الموسيقى والإرشاد الروحي.
وأضاف لمراسل الأناضول إنه قضى حياته كراهب في الأديرة والكهوف، حيث عكف على دراسة الفلسفة والنصوص المقدسة.
ومولانا جلال الدين الرومي، من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بالمولوية، وكتب كثيرا من الأشعار، وأسس المذهب المثنوي في الشعر، وكتب مئات آلاف أبيات الشعر عن العشق الإلهي والفلسفة.
وولد الرومي في مدينة بلخ بخراسان، في 30 أيلول/سبتمبر 1207، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، استقر في قونية حتى وفاته في 17 كانون الأول/ديسمبر 1273، بعد أن تنقل طالبا للعلم في عدد من المدن أهمها دمشق.
وكان جلال الدين الرومي مثالا عظيما للتسامح، متّبعا تعاليم الدين، وأحاط به أشخاص من الديانات والملل الأخرى، وضرب مثالا للتسامح معهم، وتقبلا لآرائهم وأفكارهم، وكان كل من يتبع مذهبه، يرى أن كل الديانات خير، وكلها حقيقية.
– الرومي قادني إلى هنا
ولفت ساراسواتي إلى أنه رأى جلال الدين الرومي في المنام قبل حوالي 8 سنوات، وأن المتصوف دعاه في المنام لزيارة قونية، ما دفعه للمجيء إلى هذه المدينة للاستقرار فيها والسعي لفهم حكمة وعمق فلسفة مولانا جلال الدين الرومي.
واستطرد: جئت إلى قونية لأول مرة في عام 2013. بدأت أقضي المزيد والمزيد من الوقت هنا كل عام حتى طاب لي السكن في قونية وألفتها. إن عشق جلال الدين الرومي هو الذي قادني إلى هنا. لم أستطع إلا أن ألبي النداء وأن آتي إلى هذا المكان الذي يستضيف مرقد جلال الدين الرومي.
وأشار إلى أنه يعيش مشاعر مفعمة بالحب والخشوع، مشاعر عميقة لا تصفها الكلمات، في كل مرة يأتي فيها إلى مرقد جلال الدين الرومي.
وقال: بادئ ذي بدء، هذا الضريح هو المكان الذي عاش فيه شيخ المتصوفين. لا زالت هذه المدينة تتمتع بالخير والبركة تمامًا كما كانت في الفترة التي عاش فيها مولانا في القرن الثالث عشر.
وأضاف: جاءني حضرة جلال الدين الرومي في الحلم. بعد ذلك اليوم تغيّرت حياتي كلها. قلت “نعم” على الفور لدعوته بالقدوم إلى قونية ولبيت النداء. وفي قونية، تعاظم عشقي لهذا المتصوف الكبير بشكل عفوي. لقد ترك شيخ المتصوفين أثرًا كبيرا وبصمة على حياتي.
– طهّرت أعماقي
وأكد ساراسواتي أنه قرأ جميع أعمال وفلسفة جلال الدين الرومي بدقة، فكان لها بالغ الأثر على حياته.
وتابع: قرأت الديوان الكبير لشيخ المتصوفين، الذي يتضمن قصائده. لقد ترك هذا الكتاب تأثيرًا عميقًا في وجداني وفتح أمامي آفاقًا رحبة من المشاعر الروحانية. أستطيع القول وبثقة إن أعمال مولانا سمحت لي بالولوج في ذاتي وتطهير أعماقي. بفضل تلك الأعمال والكلمات التي تحتوي على مدلولات عميقة مفعمة بالحكمة، تغيّرت حياتي وخشع قلبي وانفطرت روحي.
ونوه أنه استقر في قونية ليكون قريباً من المرقد الأبدي لجلال الدين الرومي، وأنه سيعيش هناك حتى آخر لحظة من عمره.
وأضاف: عندما تبحر في معاني فلسفة مولانا جلال الدين الرومي وتطبقها كأسلوب حياة، يصبح لمفهوم الزمن معنى آخر مختلف عن الموجود في العوالم المادّية. تأتي لحظة يفقد مفهوم الوقت المادي معناه وأهميته. يصبح بلا معنى. وقتئذ لا يفكر الإنسان في المستقبل كما يفعل الناس عمومًا. لأن أهمية أن تعيش اللحظة تصبح أهم من أي شيء آخر.
وفي السابع من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، انطلقت في مدينة قونية التركية (وسط)، فعاليات إحياء الذكرى السنوية الـ 748 لوفاة جلال الدين الرومي، وتستمر لغاية 17 من الشهر ذاته.
وتشهد قونية عديد من الفعاليات خلال فترة إحياء ذكرى وفاة الرومي، تتضمن معارض تعرّف بالمتصوف الكبير، ودروسا باللغتين التركية والإنجليزية في كتاب المثنوي الذي ألفه الرومي، والعديد من الندوات والمحاضرات وورشات العمل.