جامعة “ابن خلدون” التركية.. إحياء الحضارة الإسلامية بروح تجديدية
قال رئيس جامعة “ابن خلدون”، البروفسور رجب شنتورك، إنهم يسعون إلى إحياء الحضارة الإسلامية المنفتحة بروح تجديدية مؤصلة، عبر أبحاث بمجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية؛ لتعود إلى الأطفال والشبان ثقتهم بهويتهم الحضارية.
وأضاف شنتورك، في مقابلة مع الأناضول، أن “الجامعة (مقرها إسطنبول) متخصصة في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية والإسلامية.. توجد لدينا كليات متخصصة بالحقوق والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والتاريخ والاجتماع والفلسفة والعلاقات الدولية وإدارة الأعمال والتربية”.
وأضاف: “نركز على مجالات علمية ونتميز بها، وندخل التنافس العالمي، ونعتقد أن أهم مجالات إحياء الحضارة الإسلامية، هي التخصصات في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية”.
** 3 لغات على الأقل
بشأن الطلاب الأجانب، قال شنتورك: “الجامعة عالمية، فلدينا طلاب من أكثر من 70 دولة، ونريد التنوع في الطلاب؛ فالعالم دخل مرحلة جديدة وهي الحضارة المنفتحة، الحضارات لا يمكن فصلها بالحدود الجغرافية، بسبب تطورات الإعلام والتواصل، ونريد تربية جيل جديد مجهز للتنافس والعمل في هذه المرحلة الجديدة بتاريخ البشرية”.
وأضاف أن “الجامعة بها أعلى نسبة طلاب أجانب في تركيا، أكثر من 30٪، (وهم) من اليابان للصين لآسيا الوسطى وباكستان والبنغال والبلاد العربية وأوروبا وأمريكا”.
وأردف: “نهتم بتعليم اللغات، فمن شروط التخرج في الجامعة أن كل طالب، بغض النظر عن قسمه وتخصصه، يجب أن يجيد على الأقل التركية والعربية والإنجليزية، ونحن لا ندرسها كلغات فقط”.
وأوضح: “نرى أن عالم الاجتماع، وخصوصًا من يدرس المجتمع الإسلامي، يجب أن يعرف الإنجليزية ليرى الدراسات الاجتماعية في العالم الغربي والنظريات والأصول، والعربية للتعمق في الثقافة الإسلامية”.
واستطرد: “فالإنجليزية مفتاح للحضارة الغربية، والعربية مفتاح للحضارة الإسلامية، والتركية مفتاح للمستقبل، ومن يجمع هذه المفاتيح يكون له أساس قوي في العلوم الاجتماعية والإنسانية”.
وشدد على أن “شعار الجامعة هو الاستقلال الفكري، وتعلم اللغات ينوع المصادر، والتدريس مبني على المقارنة.. نوفر لطالبنا نظريات من الغرب ومن الحضارة الإسلامية (…) لتكوين نظرة مقارنة لبحثه، ليختار ما يناسب أو يأتي بمنظور جديد”.
** “ابن خلدون”
بخصوص اسم الجامعة، قال رئيسها: “سُئلت من الزوار الغربيين عن سبب اختيار (عبد الرحمن بن محمد) ابن خلدون (1332 – 1406م) اسمًا للجامعة كعالم عربي، وليس تركيًا، فقلت لهم هذه ليست جامعة تركية، بل جامعة عالمية، وهنا جمعنا طلابًا من أكثر من 70 دولة، وأسسنا بيئة عالمية”.
وأضاف أن “إحدى ميزات الجامعة أن نسبة طلاب الدراسات العليا بها أكثر من طلاب البكالوريس، وتبلغ 51٪ وهدفنا أن تصل إلى 75٪، لأنها جامعة بحثية علمية، وهو ما يتطلب (وجود) طلبة دراسات عليا ودكتوراة لإجراء الأبحاث المقارنة”.
** من كافة الأديان
حول أعضاء هيئة التدريس، قال شنتورك: “لدينا كوادر تعليمية من العالم العربي وأمريكا وأوروبا وباكستان والبلاد المختلفة”.
وتابع: “هناك تنوع في الجنسيات كما في الطلاب، من مصر مثلًا هبة عزت رؤوف، وهي عالمة مشهورة بعلم السياسة، وكذلك علماء من السويد وأمريكا وألمانيا، وبالتالي الجامعة هي جامعة الحضارة المنفتحة، والطلاب والمدرسون من الأتراك وغيرهم، ومن كافة الأديان”.
وزاد: “لدينا هدف هو تعليم الطلاب في فترة العولمة، والاهتمام بتكوين الشخصية، والفتوة، وهي أخلاق الشبان، وقديمًا في الثقافة العثمانية والثقافات العربية والإيرانية والباكستانية، كانت هناك كتب تتعلق بالفتوة وتكوين الشخصية، فهي مهمة؛ فالعلم وحده لا يكفي للنجاح، يجب أن يكون لدى الطلاب خلق وكفاءات للنجاح، بهدف تجهيز الطلاب للتنافس العالمي؛ فالسوق العالمي منفتح”.
** بحث ونشر
تطرق شنتورك إلى مشاريع البحث والنشر بقوله: “عندنا مشاريع بحث ونشر وطباعة، البحث يهتم بمشاكل الشبان والأسرة والسياسة والاقتصاد والثقافة والحضارة، والنشر يهتم بنشر كتب تراثية وكتب بحثية جديدة، مثل نشر كتاب التفسير لمولا غوراني، وهو شيخ السلطان العثماني محمد الفاتح، فقد ألّف تفسيرًا لكنه كان غير مطبوع، وموجود كمخطوط في مكتبة السليمانية، ونُشر بالعربية ويوزع بالعالم العربي حاليًا”.
وأضاف: “نخطط لنشر تفسير أبو السعود أفندي، وكان شيخ الإسلام في فترة السلطان سليمان القانوني، ولدينا مشروع نشر مقدمة ابن خلدون وكل آثاره طبعة فاخرة، ووقعنا اتفاقية مع الشيخ محمد عوامة، وهو لديه فريق بحث دولي كبير، لنشر صحيح الترمذي، وهو كتاب مهم ولا توجد طباعة موثقة عنه، وهو مشروع لأربع سنوات، وبعدها يُنشر بالعربية”.
وتابع أن “الجامعة ستنشر سلسلة كتب كلاسيكية في التفكير السياسي والأخلاقي الإسلامي، مئة كتاب، وبعد شهرين سيُعلن المشروع، وجهزنا نحو 50 كتابًا منها.. هناك مراكز بحوث وأساتذة لديهم ميزانية للبحث، أي لكل مدرس ميزانية مستقلة بجانب راتبه، لإجراء البحوث فقط”.
** مكانة إسطنبول
تحدث شنتورك عن مكانة إسطنبول في العلوم قائلًا: “أحد قيم الجامعة هو التجديد المؤصل، هناك تحريف وتقليد كاستراتيجية ثقافية نحن لا نوافق عليها، تبنينا استراتيجية التجديد المؤصل، والتأصيل في الثقافة العثمانية الإسلامية، لا نريد أن نكون منقطعين عن المحلية التركية العثمانية الإسلامية ونتبع الثقافة الغربية، لأنها أخر دولة إسلامية”.
وأضاف أن “إسطنبول كانت أهم مركز في الحضارة الإسلامية إلى نهاية الدولة العثمانية (1299: 1923)، ونسعى لإعادة إسطنبول كمركز للثقافة والحضارة الإسلامية، ليكون سهلًا قدوم العلماء مع وجود اللغات الأخرى، إسطنبول لعبت دورًا كبيرًا سابقًا، ونريد إحياءها”
** اهتمام بالأطفال والشبان
عن الفئة المستهدفة من أبحاث الجامعة، قال رئيسها: “نستهدف الأطفال والشبان في الأبحاث ليكون لديهم ثقة بحضارتهم الإسلامية”.
وتابع: “نرى أن هناك شكًا بالحضارة الإسلامية، ونسعى عبر أبحاثنا إلى إعطاء الهوية الحضارية الإسلامية للشبان والأطفال، ليفخروا بأنهم أبناء هذه الحضارة”.
وشدد على أن “الأطفال والشبان لديهم تشويش، لا يعرفون ولا يفتخرون بالحضارة الإسلامية، ولا يوجد لديهم تصور للمستقبل ولا لهدف الأمة الإسلامية، ونقول إن هدفنا هو إحياء الحضارة الإسلامية المنفتحة كتصور مستقبلي”.
** الأكثر إنفاقًا على الطلاب
عن عدد الطلاب في الجامعة، قال شنتورك: “نهدف إلى أن يكون عدد الطلاب خمسة آلاف على الأكثر (…) وأكثرهم بالمنح، وحاليًا يقارب عدد الطلاب 1500، في مختلف المراحل، وندقق باختيارهم”.
وتابع أن “عدد المتقدمين كبير جدًا، ونسبة القبول 2٪ فقط.. ندقق بشكل كبير بالطلاب، ونوفر لهم إمكانيات عديدة، ومجلس التعليم العالي أعلن أن جامعتنا هي الأكثر إنفاقًا على الطلاب”.
وختم شنتورك بأن “المقر الحالي للجامعة مؤقت، وننتقل بعد أشهر إلى المقر الدائم.. وتصميمه مستوحى من المدارس القديمة بشكل عصري.. ثلاثة طوابق دون مبانٍ عالية، ولا يوجد طابق أرضي، فلا غرف دون إضاءة طبيعية، وهي تعطي رسالة للطلاب والأساتذة والزائرين عن الحضارة الإسلامية وفكرة التجديد معًا”.