خبير فرنسي:تغير المناخ والبشر يزيدان معدلات حرائق الغابات (مقابلة)
** جان لويس روسي الخبير الأممي بشؤون حرائق الغابات والحد من مخاطر الكوارث:
– الدراسات العلمية تشير إلى احتمال ازدياد حرائق الغابات بمقدار 1.4 إلى 1.6 مرة بحلول نهاية القرن
– في 2023 تعرضت أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتدمير أكثر من نصف مليون هكتار من الغابات
– تركيا فقدت 104 آلاف هكتار من المساحات المشجرة بسبب حرائق اندلعت بين عامي 2001 و2023
قال الخبير الفرنسي جان لويس روسي إن تغير المناخ إلى جانب عوامل بشرية أخرى، تشكل العوامل الأساسية وراء زيادة حرائق الغابات في السنوات الأخيرة.
جاء ذلك وفق روسي، وهو عضو مجموعة الخبراء الاستشارية للعلوم والتكنولوجيا في مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، في حديث للأناضول حول تزايد حرائق الغابات عالميًا وعلاقتها بتغير المناخ.
وأضاف روسي أن “الوقود المستخدم والطقس والسلوك البشري تزيد من مخاطر اندلاع الحرائق في الغابات”.
تغير طبيعة حرائق الغابات
وأشار روسي إلى أن العام 2024 أظهر للجميع مدى تغير طبيعة حرائق الغابات، لافتا إلى أن الأبحاث أظهرت أن 2 بالمئة من حرائق الغابات في السنوات الأخيرة تسببت بأضرار كبيرة للغاية.
وفي إشارته إلى الحرائق التي حدثت بالولايات المتحدة واليونان وتركيا والبرتغال، قال: “أصبحت هذه الكوارث (حرائق الغابات) معيارًا جديدًا”.
وأوضح أن “هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تفسر زيادة الحرائق الشديدة أحدها الاحتباس الحراري، لكن انتشار التفاعل بين المناطق الريفية والحضرية أو انخفاض عدد السكان في الريف، يلعب أيضًا دورًا مهمًا في تزايد معدلات هذه الكوارث”.
وأكد الخبير الأممي أن الدراسات العلمية أظهرت أن التفاعل بين الوقود والهواء يمكن أن يؤدي إلى حرائق غابات كبيرة وكارثية.
وأردف: “هذه الدراسات تشير أيضًا إلى أن درجات الحرارة الموسمية القصوى قد ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأن الحرائق ترتبط بفترات درجات الحرارة المرتفعة والزيادة في معدلات الجفاف”.
ازدياد حرائق الغابات
وأضاف روسي: “وفقًا لتقرير حديث للأمم المتحدة، يُتوقع أن يؤدي تغير المناخ وتغيير استخدام الأراضي إلى جعل حرائق الغابات أكثر تواترًا وشدة”.
وتابع: “من المتوقع أن يصل الارتفاع العالمي في الحرائق الشديدة إلى 14 بالمئة بحلول عام 2030، و30 بالمئة بحلول نهاية عام 2050، و50 بالمئة بحلول نهاية عام 2100”.
ومن المرجح، وفق روسي، أن يكون لتغير المناخ والظروف الجوية المتطرفة مثل موجات الحر والجفاف التي شهدتها أوروبا في السنوات الأخيرة تأثيرًا كبيرًا على خطر حرائق الغابات.
ولفت إلى أنه “في العام الماضي تعرضت أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتدمير أكثر من نصف مليون هكتار من الغابات بسبب الحرائق، وهي مساحة تعادل ضعف مساحة دوقية لوكسمبورغ، ما يشير إلى أن احتمالية حدوث حرائق غابات كارثية قد تزداد بمقدار 1.4 إلى 1.6 مرة بحلول نهاية هذا القرن”.
وتناول روسي أحدث تقرير صادر عن مركز الأبحاث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية، مشيرًا إلى أن “حرائق الغابات تركزت في صيف 2023 وخاصة في منطقة البحر المتوسط، وأن اليونان شهدت أكبر حرائق غابات على مستوى أوروبا”.
وقال: “تشير بيانات الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 المتعلقة بحرائق الغابات إلى أن عدد الحرائق كان تقريبًا ضعف متوسط هذه الفترة”.
وأضاف: “من حيث مساحة الأراضي المحروقة كان عام 2017 (مع مليون هكتار تقريبًا) و2022 (800 ألف هكتار) و2007 (600 ألف هكتار) أسوأ ثلاث سنوات في هذا القرن”.
وأشار إلى أن “حوالي 85 بالمئة من إجمالي مساحة الأراضي المحروقة في أوروبا ناتجة عن حرائق الغابات في فرنسا واليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا”.
وأردف الخبير الأممي: “باستثناء البرتغال، كان هناك انخفاض واضح بعدد الحرائق وإجمالي المساحة المحروقة منذ عام 1980”.
وتابع: “حتى نهاية أغسطس/ آب 2023 كانت مساحة الغابات المحترقة في أوروبا أعلى بنسبة 40 بالمئة من المتوسط المسجل في الفترة بين 2006-2022 وفقًا لنظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي”.
وقال: “تشير الدراسات العلمية إلى أن احتمال حدوث الحرائق المدمرة للغابات سيزداد بمقدار 1.4 إلى 1.6 مرة بحلول نهاية هذا القرن، كما أظهرت وجود خطر كبير حتى على المناطق التي لم تتأثر سابقًا بحرائق الغابات مثل القطب الشمالي”.
تركيا فقدت 104 آلاف هكتار من المساحات المشجرة
وفيما يتعلق بحرائق الغابات في تركيا قال روسي: “عادة ما يبدأ موسم حرائق الغابات في تركيا أوائل يونيو/ حزيران ويستمر حوالي 18 أسبوعًا”.
وأضاف في “الفترة من 21 أغسطس 2023 إلى 19 أغسطس 2024 تم الإبلاغ عن 1823 إنذارًا بوجود حريق في تركيا”.
وأشار إلى أن “هذه الأرقام كانت طبيعية قبل عام 2012″، موضحا أن “عام 2015 كان العام الذي سُجل فيه أكبر عدد من الحرائق في تركيا، حيث شهدت البلاد 3907 حرائق غابات في ذلك العام”.
وأوضح أن تركيا فقدت 104 آلاف هكتار من المساحات المشجرة بسبب حرائق اندلعت بين عامي 2001 و2023، ومثل اليونان، واجهت تركيا العديد من الكوارث الطبيعية هذا الصيف.
وأكد روسي أن “تغير المناخ والسلوك البشري يؤديان إلى حرائق غابات أكثر تكرارًا وشدة ودمارًا في أوروبا”، مشددا على “الحاجة العاجلة إلى استراتيجيات جديدة للحد من خطر الحرائق وتأثيراتها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية”.
وذكر أن هذه الاستراتيجيات تشمل سياسات إدارة الحرائق التي تتضمن إدارة الوقود، واتخاذ تدابير استنادًا إلى توقعات الطقس، ونظم الإنذار المبكر، وزيادة الوعي لدى السكان.
وفي نهاية الحديث، أكد روسي أن الأمم المتحدة والمكتب الأممي للحد من مخاطر الكوارث ينظمان العديد من النشاطات والمبادرات التي تهدف إلى الوقاية من حرائق الغابات والحد من المخاطر المتعلقة بها.