آخر تحديث ديسمبر 14th, 2019 12:38 مساءً
أغسطس 03, 2019 turk now أخبار الهجرة و اللجوء حول العالم, الجاليات في تركيا
للحملة دوافع متعددة، بعضها معلن وبعضهما مضمر. ويبدو أن ثمة عاملين اثنين لعبا دورًا رئيسًا في إطلاق تلك الإجراءات أخيرا: فوز مرشح المعارضة في رئاسة بلدية إسطنبول،
وأحزاب المعارضة تنظر للاجئين السوريين، وكأنهم من “ممتلكات” حزب العدالة والتنمية، ولهذا أسبابه. وضيق الشارع التركي، في إسطنبول، من اللاجئين السوريين، بسبب آثار سلبية استغلتها المعارضة وضخمتها، للتعبئة ضد مرشح حزب العدالة والتنمية في إسطنبول التي باتت تغص باللاجئين المقيمين بطريقة غير قانونية، لتضاف إلى أعداد كبيرة من المقيمين بصورة قانونية، ما أحدث ضغوطًا تركت آثارًا سلبية، يتم تضخيمها وتستغل ضمن الصراع السياسي بين حكومة ومعارضة، ما ساهم في خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية في عدد من المدن الرئيسة، وشكل هذا دافعاً للحزب للموافقة على بدء هذه الحملة، أملاً منه في أن تسهم هذه الإجراءات الصارمة في إعادة التأييد الذي خسره، على الرغم من أن خسارة الحزب قد شملت مدنا رئيسة، ما يشير إلى أن للخسارة أسبابًا أخرى بعيدة عن الوجود السوري في تركيا. ويفيد محللون بأن للحملة دوافع أخرى غير معلنة، مثل الضغط على الأوروبيين، كي يدفعوا ما تعهدوا به، والضغط على الروس عبر ترحيل أعداد أكبر إلى إدلب، ما سيحول الشباب منهم إلى مقاتلين ضد الروس ونظام الأسد.
وقد نافست هذه الجموع الأتراك على فرص العمل، وخصوصا أن السوريين يقبلون العمل بأجور أدنى، كما أحدث هذا زيادةً في الطلب على المساكن والسلع والخدمات في زمن قصير، ما رفع الإيجارات والأسعار، فتأثر
بذلك التركي محدود الدخل. وقد تضافرت هذه الآثار مع نتائج هبوط سعر صرف الليرة التركية. كما أنتجت هذه الأعداد مزيدًا من الضغوط على المشافي والمدارس، انعكست ازدحامًا ووقت انتظار أطول، كما تقلص عدد شواغر المدارس أمام الأتراك. وبرزت بعض المظاهر، مثل عدم التزام السوريين بالدور، متذرعين بجهلهم اللغة التركية، ما أعطى انطباعًا سلبيًا وأشاع تذمرًا أنتج حكايات كثيرة مبالغًا فيها. كما أثار خوض وسائل الإعلام السورية المعارضة في القضايا الداخلية التركية، وإبداء تعاطف واضح مع حزب العدالة والتنمية، حفيظة أحزاب المعارضة.
في نظرة شمولية، ثمّة مبالغات في تقدير الآثار السلبية لوجود السوريين على حياة الأتراك، سببه الضخ الإعلامي المسيس، المدفوع بصراعات سياسية داخلية، تستعمل السوريين مادّة
للصراع. وعلى سبيل المقارنة والقياس، عرف السوريون تجربة مماثلة، ولكن هذه المرة “أنصارا” وليس “مهاجرين”، حين استقبلوا نحو مليون ونصف المليون مواطن عراقي خلال تسعينيات القرن العشرين، عندما فُرِضَ حصارٌ على العراق بعد حرب الخليج الثانية، وشكل “الضيوف” العراقيون قرابة 10% من سكان سورية سنة 2000 (1.5 مليون عراقي مقابل 16 مليون سوري)، وتركز الجزء الأكبر منهم في ضواحي دمشق، ولم تعدّهم الحكومة السورية لاجئين، ولم تصدر أي تعليمات تقيد من حركتهم وإقامتهم أينما شاؤوا.
استثمرت الحكومة والشعب التركيان خلال سنوات ثمانٍ الكثير في السوريين “الضيوف”، وهذا ما يجب ألا يرمى دفعة واحدة تحت تأثيرات ضغوط آنية، فالسوريون موجودون في تركيا،
وهذه حقيقة، وأمام ملف اللجوء السوري سنوات عديدة حتى يحل، فالحل السياسي لا يبدو أنه سيكون في الأفق القريب، وإعادة الإعمار التي تسهل عودتهم لا تلوح في الأفق، وهم قوة منتجة، ومن مصلحة الدولة والمجتمع التركيين أن يعالجا مسألة الوجود السوري برؤية استراتيجية، بما يتجاوز صراعات السلطة والمعارضة.