ضغوط تركية مؤثرة.. تأجيل “الانتخابات المحلية” المزعومة في مناطق “ي ب ك ” بسوريا
أثمرت الضغوط والاتصالات الدبلوماسية التركية للحيلولة دون إجراء ما يسمى بـ “انتخابات محلية” في مناطق سيطرة تنظيم “واي بي جي/ بي كا كا” شمال شرقي سوريا.
وأعلنت ما تسمى بـ “الإدارة الذاتية الكردية” في شمال شرقي سوريا، أمس الخميس، تأجيل انتخابات المجالس البلدية التي كانت تعتزم إجراءها في المنطقة الأسبوع المقبل بعدما أثارت الخطوة غضب تركيا وانتقاد واشنطن أبرز داعميها.
وكان من المفترض أن تُجرى الانتخابات في 11 يونيو/حزيران الحالي، وأن تشمل المقاطعات السبع الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية، والتي يقيم فيها أكراد وعرب، بحسب ما نقلته “الجزيرة نت”.
لكن المفوضية العليا للانتخابات في مناطق سيطرة الادارة الذاتية أعلنت تأجيلها إلى أغسطس/آب المقبل “استجابة لمطالب الأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة فيها، والتي اعترضت على ضيق الوقت المخصص للفترة الدعائية”.
ويخوض هذه الانتخابات نحو 18 حزبا ومستقلون وفق الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، وبينهم حزبه الذي تعتبره أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مناورة عسكرية في إزمير نهاية الشهر الماضي “لن تسمح تركيا أبدا للمنظمة الانفصالية بإقامة دولة إرهابية” قرب حدود بلاده.
ولوّح أردوغان -الذي شنت قوات بلاده بين عامي 2016 و2019- 3 هجمات واسعة في سوريا استهدفت المقاتلين الأكراد “بالتصرف مجددا” في مواجهة محاولة “فرض أمر واقع”، وتابع “عندما يتعلق الأمر بسلامة أراضي بلادنا وأمن أمتنا فإننا لا نستسلم لأي تهديدات”.
أما واشنطن الداعمة الرئيسية لقوات سوريا الديمقراطية فدعت الإدارة الذاتية إلى التراجع عن الانتخابات.
وقال فيدانت باتيل نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان له الأسبوع الماضي “لا نعتقد أن الظروف الملائمة لمثل هذه الانتخابات متوفرة في شمال شرق سوريا في الوقت الحاضر”.
وأوضح باتيل أن بلاده حثت “الجهات الفاعلة في شمال شرق سوريا -بما في ذلك الإدارة الذاتية- على عدم المضي قدما في الانتخابات حاليا”.
وبعد عقود من التهميش في ظل حكومات سورية متعاقبة أعلن الأكراد إقامة “إدارة ذاتية” بعد انسحاب قوات النظام من مناطق يشكلون أغلبية سكانها في شمال وشرق البلاد من دون مواجهات، وبنوا مؤسساتهم الخاصة.
وتسيطر الإدارة الذاتية ذات الأغلبية الكردية منذ العام 2017 على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا، وتصنف أنها “سوريا المفيدة” لغناها بموارد الطاقة والمساحات الزراعية، وتشمل معظم محافظتي الرقة والحسكة وأجزاء من ريف حلب ومحافظة دير الزور.
وتوسعت هذه المناطق تدريجيا لتشمل ربع مساحة البلاد بعدما خاضت وحدات حماية الشعب الكردية -التي تقود قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا- معارك عنيفة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتصنف تركيا الوحدات الكردية الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي “منظمة إرهابية”، وبعد تحديد موعد الانتخابات سارعت تركيا -التي تسيطر على شريط حدودي طويل في شمال سوريا- إلى التنديد بما وصفتها بـ”أفعال عدوانية” ضدها “تحت ذريعة الانتخابات”.
وكانت تركيا قد حذرت تركيا من أن الانتخابات التي تنوي الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا تنظيمها الشهر القادم في مناطق سيطرتها، غير شرعية وتتعارض مع وحدة الأراضي السورية وتهيئ لانفصال تلك المناطق عن بقية سوريا.
وتخطط الإدارة الذاتية لتنظيم انتخابات محلية، على أساس ما وصفته بـ”العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا” الذي أعلنته في 13 ديسمبر/كانون الأول 2023، مما يمثل خطوة متقدمة في إطار سعيها الحثيث لتعزيز سيطرتها على المنطقة.
واشتمل هذا العقد على نقاط جديدة، أبرزها استخدام مصطلح “أبناء وبنات وشعوب شمال شرقي سوريا” بدلا من “الجمهورية العربية السورية” وعدم ذكر “كردستان” أو “غرب كردستان” ولا “الفدرالية” وإنما أشار إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية بـ”إقليم شمال وشرق سوريا”.
كما حدد العقد جغرافيا الإدارة الذاتية في 7 مقاطعات هي الجزيرة ودير الزور والرقة والفرات والطبقة ومنبج وعفرين والشهباء، وركز على قضايا المرأة والشباب، وأكد على تحرير ما سماها “الأراضي المحتلة” في إشارة إلى عفرين وما حولها.
وذكر مصدر تركي لشبكة الجزيرة القطرية، أن الانتخابات المحلية التي وصفها بغير الشرعية محاولة من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب -التي ينظر إليها باعتبارها جناحا عسكريا للحزب- لإضفاء “الشرعية” على نفسه شرق الفرات، حسب تعبير المصدر.
وشدد على أن مساعي حزب الاتحاد الديمقراطي -الذي وصفه بالجناح السوري لتنظيم حزب العمال الكردستاني– يعد “إجراء مخالفا تماما لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254” مشيرا إلى أن “حزب العمال الكردستاني سيقوم أولاً بإنشاء “وضع حكم ذاتي في سوريا” ومن ثم وضع خطة “إقامة دولة مستقلة” حسب قوله.
وقال أيضا إن ما وصفه بتنظيم حزب العمال الكردستاني قام “بتفعيل خطته للاعتراف الدولي” وحاول إنشاء “صندوق اقتراع” غير شرعي في سوريا التي تشهد حربا أهلية منذ عام 2011، ودعا إلى “انتخابات محلية” تتعارض مع “وحدة الأراضي السورية”.
وأشار المصدر التركي إلى أن المجلس الوطني الكردي السوري أعلن أنه سيقاطع الانتخابات البلدية. وبدوره قال الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني السوري محمد إسماعيل إنهم لن يشاركوا بهذه الانتخابات التي وصفها بغير الشرعية، كما أن الهياكل السياسية الأخرى بالمنطقة تدعم قرار مقاطعة الانتخابات حسب قوله.