ما الذي يحدث لجسمك وعقلك إذا دخلت الحجر الذاتي، وكيف يمكنك التعايش معه؟
في حال كانت مدينتك أو بلدك من الدول التي قررت تطبيق أشد إجراءات السلامة لوقف انتشار فيروس كورونا، فأنت على وشك أن تدخل حجراً صحياً – حتى إشعار آخر -.
تجربة الجلوس والاسترخاء في المنزل قد تبدو مغرية، لكن لها مساوء قد لا تدركها الآن. فكيف تحولها إلى تجربة صحية غير مملة؟
كيفية التعايش مع الحجر الصحي
قبل أن نتحدث عن الجوانب السلبية للحجر الصحي، دعنا نتفق على أن الاختلاط بالآخرين حاجةٌ إنسانية.
ما الذي يثبت ذلك؟ خلصت دراسة صدرت عام 2015 وشملت أكثر من 300 ألف شخص، إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية ضعيفة تزيد احتمالات موتهم بنسبة 50% عن الأشخاص الذين يتمتّعون بعلاقاتٍ أكثر نشاطاً في نفس الفترة الزمنية.
بمعنى آخر، أوضحت تلك الدراسة مخاطر العزلة والابتعاد عن الناس، وحاجتنا كبشر إلى الاختلاط بالآخرين والتفاعل معهم.
لكن، ماذا لو كانت عزلتك إجبارية وليست اختيارية؟
مع تفشي فيروس كورونا أصبح الحجر الصحي إجراء ضرورياً في عدة دول، هذا يعني أنه على المرضى أن يلزموا المستشفيات، وعلى الأصحاء أن يلزموا بيوتهم وألا يختلطوا بالآخرين لتجنب العدوى وزيادة تفشي المرض.
وبالرغم من أن الحجر الصحي قد يجنبك الإصابة بفيروس كورونا، فإنه سيعرضك لمخاطر أخرى.
ولهذا السبب سيشعر الشخص أنه ليس على ما يرام، وسيحاول جسده أن يطلب منه الاختلاط بالناس حتى يظل على قيد الحياة، وهو شعور سيء من الصعب السيطرة عليه داخل الحجر الصحي.
مُؤلفة الدراسة الرئيسية جوليان هولت لونستاد، أستاذة علم النفس والأعصاب في جامعة بريغام يونغ، قالت لموقع Business Insider الأمريكي:
“إذا نظرنا إلى الوحدة على أنّها نوعٌ من الاستجابات التكيّفية، مثل الجوع والعطش، فسنُعرّفها على أنّها حالة الشعور السيء الذي يدفعنا إلى البحث عن العلاقات الاجتماعية تماماً كما يدفعنا الجوع إلى البحث عن الطعام”.
وأردفت أنّه في حال انتشار جائحة تتطلّب منك تقليل أو إلغاء التواصل وجهاً لوجه، فسوف يتعيّن عليك تحمُّل تلك المشاعر المزعجة من أجل تفادي الآثار الفورية الأخطر.
قلة الحركة الجسدية المُعتادة يُمكن أن تؤثر على عقلك أيضاً
سواءً كنت محتجزاً داخل غرفة بسبب تعرُّضك للفيروس، أو تعمل من المنزل لأنّ مديرك أمرك بذلك؛ فإنّ هذا الانخفاض في الحركة الجسدية يُمكن أن يُؤثّر على عقلك أيضاً.
خير مثالٍ على ذلك هو الرياضيون الذين يتعرضون للإصابات، إذ يمُر يمرون أحياناً بـ “اضطرابات عاطفية” أثناء إصابتهم، والسبب على الأرجح لأنّهم أصبحوا يفتقرون إلى آليات التكيّف التي ربما ساعدتهم في تجنُّب هذه المشاعر من قبل.
ويُمكن أن يتجلّى ذلك في صورة الحزن، أو الضيق، أو الإحباط، أو الغضب، أو غيرها من المشاعر المزعجة، فتقليل النشاط الجسدي أو إلغاؤه يُمكن أن يُؤدي إلى ضمور العضلات.
وأشارت دراسةٌ علمية إلى أنّ عدم النشاط لأسبوعين يُمكن أن يبدأ في التأثير سلباً على القلب والكتلة العضلية، بحسب مجلة US News & World Report الأمريكية.
ووجدت دراسةٌ أخرى أنّ البالغين الذين يُعانون من السمنة والذين تدرّبوا لأربعة أشهر متواصلة ثم اقتطعوا شهراً كاملاً للراحة؛ فقدوا غالبية التحسينات التي طرأت على القدرة الحركية وحساسية الأنسولين والكوليسترول بالنسبة للجسم.
آثار الحجر الصحي ربما تكون ضارةً نفسياً على المدى البعيد
يُمكن أن يُؤدي الحجر الذاتي إلى أعراض الاكتئاب، والارتباك، والغضب، والخوف، وإساءة استخدام الأدوية، لذلك فإن الأشخاص الأكثر عرضةً للخطر هم أولئك الذين يُعانون -أو كانوا يُعانون- من مشكلات في الصحة العقلية.
ومن الطبيعي أنّ الأشخاص الذين يُعانون من أعراض فيروس كورونا ويقبعون في الحجر الصحي داخل غرفهم أو في المشافي سيكونون أسوأ حالاً من الذين يشعرون أنّهم بخير.
فضلاً عن أنّ مدى تأثُّرك بفترة العزلة الاجتماعية، أو تقليل التفاعلات، يتوقّف على شخصيتك.
إذا كُنت شخصاً مُنفتحاً يعشق التواصل الاجتماعي، فسوف تكون التجربة أصعب مقارنةً بشخصٍ انطوائي يشعر بالراحة لمجرد الاستلقاء على أريكته مع كتاب.
لذلك فكِّر في خطة تدريبٍ داخل المنزل من أجل الاستعداد جسدياً لآثار الحجر الصحي المحتمل.
كل ما تحتاجه هو تأدية بعض التمارين الرياضية التي يمكن تأديتها في المنزل مثل تمارين الضغط أو المعدة، كما يُمكنك استخدام أيّ كرسي من أجل تمارين عضلات اليدين.
خزِّن منتجات غذائية صحية للتتغلّب على شعور الخمول الشديد
قالت أليسا بايك، أخصائية التغذية في منظمة International Food Information Council، إنّك لست مضطراً لتناول الشوربات والأغذية المملحة لأسبوعين متتالين وهي مدة الحجر الصحي.
وبدلاً من ذلك، يُمكنك تخزين الخضراوات والفواكه المجمّدة أو المعلبة، والحبوب مثل الأرز والمعكرونة، وتجربة الوصفات غير المعقّدة والغنية بالمكملات الغذائية مثل السلطات والمعكرونة والبطاطا والأرز.
تواصل مع الآخرين افتراضياً
من أجل التكيُّف عقلياً وعاطفياً مع الحجر الصحي أو قلة التواصل الاجتماعي؛ تواصل مع الآخرين افتراضياً، إذ يُعَدُّ الحجر الصحي اليوم أقل ضغطاً من الناحية الاجتماعية مقارنةً بالحال قبل عقدٍ من الزمن.
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ربما يساعدك في تخفيف بعض الاستجابات المُزعجة على المدى القريب، إذ إنها أتاحت الشعور بتلك العلاقات والحفاظ عليها دون تعريض أنفسنا للخطر المُحتمل المُتمثّل في الإصابة بالفيروس.