متطوع يمني: فرق الإنقاذ التركية والأجنبية جسدت معنى الإنسانية (مقابلة)

أشاد الشاب اليمني مسلم صلاح مسلم باتيس بتفاني فرق الإنقاذ التركية والأجنبية والمتطوعين العرب في العمل على إنقاذ العالقين تحت الأنقاض جنوبي تركيا دون معرفة سابقة بينهم ما جسد معنى الإنسانية دون تمييز.
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول تحدث فيها باتيس عن فريق قاده لمساعدة العالقين في ولاية ملاطية ومنهم مواطنون يمنيون، وذلك في ذكرى مرور شهر على زلزال قهرمان مرعش.
وروى الشاب اليمني مشاهداته في الولاية بعد أن تطوع مع شبان يمنيين وانتقلوا إلى ولاية ملاطية بعد التنسيق مع السلطات التركية، وهناك ساعدوا فرق الإنقاذ في تقديم الطعام والشراب لهم وما طلب منهم.
وفي 6 فبراير/شباط الماضي ضرب جنوب تركيا وشمالي سوريا زلزالان بقوة 7.7 و7.6 درجات، وتبعتهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وخلَّف دمارا ماديا ضخما.
** تنسيق وانتقال
باتيس روى للأناضول قصة انتقالهم إلى ملاطية وانضمامهم لفرق الإنقاذ قائلا: “من طبيعة المسلم وفطرة الإنسان إن رأى أناسا يستغيثون ويستنجدون تلبية حاجتهم”.
وأضاف: “تواصلنا مع الشباب اليمني والجالية والسفارة اليمنية واتحاد الطلبة فتم التنسيق مع الجهات التركية الرسمية المختصة منها آفاد (إدارة الكوارث والطوارئ التركية ) وغيرها، ورتبوا لنا وانتظرنا 3 أيام لا نهنأ في أكلنا ونومنا لما شاهدناه عبر شاشات التلفزة”.
وتابع باتيس: “كنا مستعدون أتم الاستعداد للانطلاق بأي لحظة، أعطونا الإشارة الساعة 12 ليلا بأن ننطلق إلى ملاطية وكنا قد جهزنا إسعافات أولية بقدر المستطاع وكانت لدينا سيارة انتقلنا فيها 5 أشخاص على الفوز بعد ساعة واحدة”.
ولفت إلى أن “الطريق كان صعبا فيه ثلوج وأمطار ومن الصعب السير بسرعة وكنا نرغب أن نصل في أسرع وقت لإنقاذ أرواح من تحت الأنقاض”.
** عمل وفق خطة
الشاب اليمني تحدث عن ما فعلوه بعد ما وصلوا إلى ملاطية قائلا: “أول ما وصلنا كان هناك بعض التشديد نريد أن ننقذ إخواننا من تحت الأنقاض بأسرع وقت، فوجهونا من السفارة وأعطونا خطة عمل”.
وأردف: “وجدنا بنايات وبيوت هدمت فوق ساكنيها في منظر مؤلم، وكنا أولا نريد أن نساعد بالحفر ونحن متحمسون، لم يسمحوا لنا لأن هناك طاقما تركيا وصينيا مختصا يحاول استخراج من هم تحت الأنقاض أحياء، ونحن نريد أن نخرجهم وليست لدينا الخبرة، لكنه دافع الحماس”.
وتابع باتيس: “كان هناك شبان يمنيون وسوريون ومن كل الجنسيات، أتراك عرب وأجانب منهم من يحفر ومنهم من يقدم الماء والطعام والملابس حيث أن الطقس كان باردا جدا”، مشيرا إلى أن “أقل مساهم أوقد النار ليتدفأ من يحفر أو يساعد من يخرج من تحت الأنقاض”.
وشدد على أن “المهام التي قمنا بها هي إجلاء ما يقارب 10 طلاب وعائلتين، فيما توفي الزوج برهان العليمي من عائلة ثالثة، كما توفي أخ وزوجته (يمنيان)”.
وأضاف: “كان هناك طلاب يمنيون في ملاطية ذهبوا مع الأتراك والسوريين أخرجوا من كان على قيد الحياة بأظافرهم وبما توفر لديهم من معدات”.
** عمليات إنقاذ
باتيس واصل حديثه عن عمليات الإنقاذ بالقول “أخرجوا (فرق الإنقاذ) زوجة (اليمني) برهان العلي، وكانت حامل ووصلوا بها إلى المستشفى ووضعت هناك وأجليناها لاحقا، والمطار كان مفتوحا والمخيمات والناس في تعاون”.
وأوضح أن “مجموع من أجليناهم 12، جاء 10 منهم إلى منطقة قريبة من مدينة إسطنبول وبعضهم بقي هناك (في ملاطية)، ودفننا برهان العليمي وكان هناك عدد كبير من الجثث (..) الكل كان يساهم بالأعمال هناك”.
ونفى باتيس وجود أي تمييز بعمليات الإنقاذ قائلا: “لم يكن هناك أي تمييز في عمليات الإنقاذ واستخراج الجثث، لأن المباني هدمت ولا يمكن تحديد الجنسيات (..) يأتي الطاقم الصيني بمعداته ومن بينها جهاز يكشف أن هناك إنسانا يتنفس تحت الأنقاض فيبدأ يعمل لإنقاذه”.
وتابع: “سرنا على برنامج رسمه لنا اتحاد الطلبة والسفارة والجالية اليمنية في إسطنبول وأبلغنا الجانب التركي به ونفذناه (..)، كنا نود أن ننطلق من ملاطية إلى ولايات أخرى وكنا ننفذ التعليمات من الجانب التركي فالمتطوعون كثر وبالآلاف”.
** المواقف المؤثرة
وعن المواقف المؤثرة التي عاشوها أفاد باتيس: “بقينا 3 أيام في مالاطية كنا نبقى في مستشفى الجامعة وكان يهتز بالهزات الارتدادية”.
وأضاف: “طلب مني مواطن تركي عدم رفع صوتي وبعد دقيقتين جاء يعتذر ويقول أبي وأمي وأبنائي داخل المبنى، موقف مؤثر لن أنساه فساعدناه والناس كانت صابرة ومحتسبة وراضية”.
وأردف باتيس: “مشاهد لا توصف كنا عندما وقع الزلزال في إسطنبول نسمع عن إنقاذ أي حي تكون الفرحة كبيرة، فكيف وأنت معهم وأصبحت سببا في إخراج أحدهم”.
وتابع: “رغم تلك المشاهد حبست دموعي ولم أبك خوفا على خذلان إخواني، ونظهر أننا مهزومون، صحيح هناك من تأثر وبكي في الفريق فنصبرهم، أبكي في دعائي بإخراج العالقين أحياء قدر الإمكان”.
** مهام وصعوبات
وحول عمليات الإنقاذ والحفر والصعوبات قال باتيس: “في البداية كان الجميع يعمل على الإنقاذ أهل حيه ومنطقته، قبل أن تبدأ فرق الإنقاذ المختصة بالوصول فزادت فرص إخراج أحياء من تحت الأنقاض”.
وأضاف باتيس: “نحن شباب نريد أن نعمل وعندما أخبرونا بعمل الفرق المختصة، ونرى الكفاءة والخبرة في استخراج الناس اقتنعنا فأصبحنا نساعدهم قدر الإمكان، إما نقدم لهم الطعام وأقل شيء نوقد النار”.
وبين أن “الجيش التركي والطاقم الصيني والأتراك والسوريين واليمنيين كل الجنسيات هناك كانت تتعاون فيما بينها، والأمور الصعبة هي الزلازل والخوف عند الحفر في المبنى وبجانبك المباني المجاورة تهتز تخاف من سقوطها”.
وأوضح باتيس: “الأمر الثاني الثلج والبرد الشديد، عند الهزة الارتدادية يتوقف العمل لدقائق وبعدها يعودون للعمل فجهود كبيرة بذلت من أجل الإنقاذ”.
** تجسيد للأخوة
وحول أجواء العمل والتعاون قال باتيس: “تجسدت مشاعر الإخوة بين العرب والأتراك عبر المواقف والمعاملة، الناس لا تحب الكلام، لكنها عبر المساعدة تشعر بالمحبة، فلا تمييز ولا تفريق ولا عنصرية”.
وأكمل باتيس: “تجد السوري يعاون التركي دون النظر إلى وجهه (..) الكل يعمل يقدم الماء دون أن يعرف من هو ولا يعرف ما هي جنسيته وكذلك اليمني”.
وشدد “لا نعرف من هم تحت الأنقاض صحيح نعلم هنا يمنيون، ولكن نقدم المساعدة لكل إنسان”، مشيرا إلى أن الأتراك كانوا يوزعون الطعام والشراب لجميع الناس ويجبرونك على تناوله، فكان هناك تعاون وأخوة وتعاضد وتكاتف”.