مدينة “أقسراي” التركية.. حيث تُرمّم سجاجيد القصور الشاهقة
تتباهى ولاية “أقسراي” التركية، بمكانة عالمية مرموقة في مجال ترميم السجاجيد التاريخية ونسج التقليدية منها، حيث رمّم حرفيّوها سجاد العديد من القصور الشاهقة أبرزها القصر الملكي البريطاني (باكنغهام)، و”دولمة بهجة” بإسطنبول.
وتشتهر أقسراي (وسط) بكونها أحد أهم المراكز الخاصة بتنشئة وإعداد الحرفيين وزيادة مهاراتهم في نسج وإنتاج السجاجيد عالية الجودة منذ حقبة بعيدة، وتمكنت من نشر صيتها على مستوى العديد من الدول في مختلف أنحاء العالم.
بلدة “سلطان خان” التابعة لأقسراي، تضم نحو ألفٍ من الحرفيين الأتراك المتمرّسين في مهنة صناعة السجّاد وترميمه بطرق تقليدية فريدة.
وتعد هذه الحرفة مصدر رزق وحيد بالنسبة للعديد من العائلات التركية القاطنة في البلدة ومحيطها.
أمّا بلدة “طاش بينار” فتشتهر بكون معظم الحرفيين فيها من النساء المتمرّسات أيضًا في نسج السجاجيد ذات الجودة العالية يدويًا وبطرق تقليدية مميّزة تستخدم خيوطًا مصنوعة من أوراق نباتات مختلفة ومدهونة بأصباغ نباتية طبيعية.
الحرفيّ التركي “فوزي صولاق” البالغ من العمر 48 عامًا، قال في حديث للأناضول إنه يقوم بترميم السجاجيد منذ نحو 30 عامًا.
وأشار إلى أن “هذه المهنة تتطلب دقّة عالية وصبرًا كبيرًا للحيلولة دون إلحاق الضرر بالسجّاد”.
وأضاف صولاق: “نحن نعمل على ترميم السجّاد بدقّة عالية وجعله صالحًا للاستخدام مُجدّدا، وهذا الأمر يجتذب إلى البلدة العديد من الراغبين بترميم سجاجيدهم القيّمة”.
وتستغرق ترميم السجّادة الواحدة عدّة أشهر أحيانًا حيت تتم هذه العملية على عدة مراحل تختلف بحسب الضرر التي تعرضت له السجّاد، بحسب صولاق.
ووفق الرجل “يتم أولاً غسل السجاجيد القادمة إلينا من مناطق مختلفة، ومن ثم يتم إعداد الخيوط المناسبة، وهنا يبدأ النسج بشكل دقيق”.
و”عند الانتهاء من نسج المكان المتضرر في السجّاد من جديد، يتم الانتقال إلى مرحلة التسوية لتزول عندها آثار الضرر بشكل كامل بحيث يستحيل على أي كان إيجاد مكان الترميم. نحن نراهن على ذلك”، أضاف صولاق.
من جهتها، قالت الحرفيّة التركية المتمرّسة “كيزبان أوناق” المقيمة في بلدة “طاش بينار” والبالغة من العمر 64 عامًا، إنها تمارس مهنة نسج السجّاد منذ كان عمرها 13 عامًا، “لأنها من أهم المهن التقليدية بالنسبة للبلدة”.
وتابعت: “تعلّمنا هذا العمل من أمهاتنا وخالاتنا وعمّاتنا اللاتي كنّ ينسجن السجّاد سابقًا في المنازل، وتتمتع تلك القطع التي ننتجها هنا بمكانة خاصة جدًا فهي طبيعية خالصة وذات جودة عالية يتم الحصول على صوفها من الخراف”.
وأكّدت أن نساء البلدة ينسجن السجّاد بأيديهن بعد إعداد الخيوط اللازمة ودهنها بالصبغة، معربة عن رغبتها في استمرار هذه المهنة في المستقبل أيضًا، وممارستها من قبل الأجيال القادمة للحيلولة دون اندثارها.