أخــبـار مـحـلـيـة

موريشيوس تحتضن معرضا عن العلاقات مع تركيامنذ العهد العثماني

 

نظمت جمعية أصدقاء تركيا ومقرها مدينة بورت لويس عاصمة موريشيوس، معرضا حول العلاقات بين البلدين منذ العهد العثماني.

وحمل المعرض المقام في بورت لويس، عنوان “أسياد المحيط الهندي: بعيدون، لكن قريبون جدا”، وسلط الضوء على العلاقات العثمانية التركية-الموريشيوسية.

وحضر المعرض نائب رئيس وزراء موريشيوس محمد أنور حسنو، ونائب رئيس الجمهورية السابق عبد الرؤوف بوندون.

كما حضر الفعالية سفير تركيا لدى مدغشقر، إسحاق أبرار تشوبوقتشو، ممثلها المعتمد في موريشيوس.

وضمت قائمة الحضور أيضا القنصل الفخري لموريشيوس لدى تركيا أحمد كمال أونجو، الرئيس الفخري المؤسس لجمعية أصدقاء تركيا.

وشاركت أيضا سفيرة مصر في بورت لويس عبير علم الدين، ومدير مكتب الخطوط الجوية التركية في موريشيوس أحمد طورسون، وشخصيات أكاديمية، وممثلو منظمات أهلية.

ومن بين المشاركين في الفعالية أحفاد عائلات موريشيوسية نظمت حملات تبرع وأرسلت مساعدات للدولة العثمانية في أوقات صعبة، مثل الحرب التركية الإيطالية في طرابلس الغرب 1911-1912، وحرب البلقان 1912-1913، وكذلك سارعت لتقديم مساعدات إبان حرب الاستقلال في تركيا التي انطلقت عام 1919، وإثر زلزال أرزينجان الذي وقع عام 1939.

– عودة بالزمن

وفي حديثه في افتتاح البرنامج، قال عبد الصبور محمد صالح، رئيس جمعية أصدقاء تركيا، إن المعرض تم تنظيمه بدعم من أحمد كمال أونجو وعقيلته غولبهار أونجو.

وأضاف: “في هذا المعرض، وبفضل الجهود الشخصية لعائلة أونجو، سنعود اليوم بالزمن إلى 111 عامًا مضت وستتاح لنا الفرصة للتعرف على قصة الموريشيوسيين الذي كانت تربطهم روابط قوية جدا مع تركيا العثمانية في عام 1913”.

وتابع: “العديد منكم هنا اليوم هم أحفاد هؤلاء الرجال والنساء الشجعان الذين باعوا ممتلكاتهم وضحوا بأموالهم للمشاركة في نضال تركيا من أجل الحرية والاستقلال”.

ولفت عبد الصبور إلى أن جمعية أصدقاء تركيا تأسست عام 2017، وقال: “هدفنا هو تعزيز وتقوية العلاقات الودية القائمة بين بلدينا في أكبر عدد ممكن من المجالات”.

وأضاف: “معرض اليوم سيعيد عقارب الساعة ويأخذنا أكثر من 100 عام إلى الوراء”.

وتابع: “هذا حدث مهم نحن في أمس الحاجة إليه في تاريخنا المشترك، لأننا بحاجة إلى التعرف على ماضينا المجيد حتى نتمكن من بناء المستقبل على أسس متينة”.

وأردف: “نحن نعتقد أن المستقبل مشرق. ولا شك أن قصص تضحيات الماضي ستسهم في خلق الفرص التي ستمهد لنا الطريق في المستقبل”.

ومضى قائلا:” تهدف جمعيتنا إلى أن تكون في الواجهة للتعاون مع السلطات التركية، وكي تكون بمثابة قاطرة للتنمية الثقافية والتعليمية والصناعية في المنطقة”.

وتابع: “الثقة التي عززها أجدادنا بولائهم وحبهم، ستوفر لنا الضمانات اللازمة للسير جنبا إلى جنب على طريق التقدم والمنفعة المتبادلة”.

– الذكريات أساس قوي للعلاقات

بدوره، قال نائب رئيس وزراء موريشيوس حسنو إنه يشرفه ويسعده للغاية حضور حفل افتتاح معرض “أسياد المحيط الهندي”.

وأضاف: “أتوجه بالتقدير لأحمد كمال أونجو وزوجته السيدة غولبهار على هذه المبادرات الجديرة بالثناء. أعرف أحمد كمال منذ سنوات طويلة”.

وأشار إلى قدوم طاقم تلفزيون تركي لإنتاج فيلم وثائقي عن موريشيوس بمبادرة من أونجو.

ولف إلى قضاء عدة سنوات لاستخراج وثائق وصور من الأرشيفات التركية لتقصي العلاقات التي كانت بين الدولة العثمانية وشعب موريشيوس قبل نحو مئة عام.

وتابع قائلا: “ستشكل ذكريات الماضي هذه أساسا قويا لبناء علاقاتنا الثنائية”.

وذكر حسنو أن أحمد كمال أونجو ألف كتابا للتأكيد على الروابط بين موريشيوس والدولة العثمانية وكان له دور فعال في إنشاء جمعية أصدقاء تركيا، التي يشغل منصب الرئيس الفخري لها.

وأوضح أن أونجو يساعد رجال الأعمال الموريشيوسيين والأتراك على التواصل مع بعضهم البعض ويساعد أيضا طلاب موريشيوس المسجلين في الجامعات التركية.

وأضاف: “نظرا لهذه الأعمال الجليلة التي قام بها، وافقت حكومة موريشيوس، بناءً على توصيتي، على تعيين أحمد كمال قنصلًا فخريًا لموريشيوس في أنقرة، وتم ارسال ملف الترشيح إلى السلطات التركية وننتظر الرد”.

– الاستفادة من خبرة تركيا

وقال حسنو إنه مهتم شخصيا بالتاريخ، وأضاف: “بموجب اقتراحي، أعلنت حكومة موريشيوس هذا المسجد (مسجد الأقصى في بورت لويس) موقعا للتراث الوطني”.

ولفت إلى أن تركيا تتمتع بخبرة واسعة في إدارة أكثر من 20 موقعًا من مواقع التراث العالمي.

وأردف: “نود بالتأكيد أن تشارك تركيا تجاربها معنا حتى نتمكن من اتخاذ قرار مستنير بشأن التحسين المستقبلي لموقع التراث الوطني مسجد الأقصى في بورت لويس”.

وذكر حسنو أن بناء نصب تذكاري لإحياء ذكرى وصول المسلمين واستقرارهم في موريشيوس منذ بداية الاستعمار الفرنسي يمثل موضوعا هاما آخر بالنسبة له.

ولفت إلى أن رئيس الوزراء قبل اقتراحه وخصصت بلدية مدينة بورت لويس مكانًا لهذا النصب التذكاري في حديقة “Plaine Verte”.

وأردف: “ما أنتظره الآن هو نموذج لهذا النصب التذكاري. أنتظر مقترحات من مجموعة من المعماريين والمهندسين والمؤرخين”.

– الاستثمارات التركية

وقال حسنو إن موريشيوس وتركيا ملتزمتان باتفاقية تجارة حرة تسمح لكلا البلدين بتصدير واستيراد آلاف المنتجات من بعضهما البعض بشكل معفى من الرسوم الجمركية.

وأردف: “آمل أن تمهد هذه الاتفاقية الطريق أمام استثمارات تركية في موريشيوس”.

كما لفت إلى أن الخطوط الجوية التركية تقدم أيضا مساهمات كبيرة في نقل السياح إلى موريشيوس.

وأكد حسنو على أن البلدين يتمتعان بإمكانات كبيرة لتعزيز السياحة الثقافية.

– دعم الشعب الفلسطيني

وأشار حسنو إلى أن موريشيوس وتركيا تدعمان الحقوق المشروعة للفلسطينيين وحقهم في دولة فلسطينية مستقلة.

ولفت إلى أن البلدين يدعمان القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بدعوى ارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” في قطاع غزة.

– سكان موريشيوس ساعدوا العثمانيين

من جهته، قال أونجو إنه توصل إلى معلومات ووثائق مهمة من خلال القيام بأبحاث عن العلاقات بين تركيا وموريشيوس والبحث في أرشيفات الدولة في البلدين، لمدة 7 سنوات.

ومضى قائلا: “بمناسبة هذا المعرض، نستذكر بكل احترام أبطال موريشيوس الذين ضحوا بأموالهم وممتلكاتهم وتبرعوا للدولة العثمانية في أوقات حاجة الشعب التركي الذي عاش حروبا وزلازل في الماضي”.

وتابع: “سيظل الشعب التركي ممتنا دائما لإخوانه في موريشيوس لما فعله أجدادهم من أجل تركيا”.

وذكر أونجو أنه قرر الذهاب إلى الجزيرة بعد نشر خبر بعنوان “المسلمون في موريشيوس ينتظرون المساعدة من العالم” في إحدى الصحف التركية.

وتابع: “قبل الرحلة، كانت لدينا بعض المخاوف بشأن احتمال حدوث مشاكل أمنية أو فوضى في الجزيرة، ولكن على عكس الادعاءات الإعلامية، واجهنا مجتمعًا مسلمًا يعيش بسعادة وسلام، وله تأثير كبير في اقتصاد البلاد وسياستها، ويتمتع بمستوى عالٍ من الثقافة”.

وذكر أونجو أن موريشيوس تقع في وسط المحيط الهندي، وهي من أبعد النقاط في العالم عن تركيا، وأن اهتمامه بالجزيرة زاد مع تعرفه على موريشيوس وشعبها.

ولفت إلى أن البريطانيين جلبوا مسلمي موريشيوس من الهند إلى الجزيرة، وأن علاقات سكان الجزيرة مع الإمبراطورية العثمانية تعود إلى أوائل القرن التاسع عشر، وأن الإمبراطورية العثمانية عينت قنصلا من أجل الحفاظ على العلاقات مع الجزيرة.

وأوضح أونجو أن مسلمي موريشيوس بدأوا الاتصال بالدولة العثمانية بعد أن قرروا فتح مسجد ثانٍ في عام 1850.

وأردف: “قرر سكان الجزيرة بناء مسجد كبير. ونقلوا مطالبهم إلى الحاكم البريطاني. فقال الحاكم، لا يمكنكم فتح مسجد كما يحلو لكم، عليكم أن تحضروا لنا رسالة من خليفتكم”.

واستطرد: “لذا أعد أعضاء الجمعية عريضة وأرسلوها إلى الخليفة في تلك الفترة عبد المجيد. وسمح عبد المجيد بفتح المسجد وفي نفس الوقت عين شخصا من هناك للمسجد. وبعد ذلك بدأت قراءة الخطب في الجزيرة باسم عبد المجيد وعبد الحميد خان. ورفع العلم التركي دائمًا خلال الأعياد والمناسبات الدينية”.

وأضاف أونجو أن الوثائق المتعلقة بالمساعدات التي قدمها مسلمو موريشيوس في الحرب التركية الإيطالية التي دارت في طرابلس الغرب موجودة أيضاً في المعرض.

وتابع: “عملت مع فريقي لسبع سنوات لاستخراج وثائق مهمة تتعلق بالعلاقات بين الإمبراطورية العثمانية وموريشيوس من الأرشيف التركي والوصول إلى المعلومات والوثائق من خلال تتبع أحفاد العائلات التي جاءت لمساعدة بلادنا”.

وأضاف: “تشكل هذه الوثائق والصور الفوتوغرافية الآن قيمة مهمة لتاريخنا المشترك. أنا متأكد من أن الباحثين والمؤرخين سيجدون أدلة مهمة من خلال هذه المعلومات والوثائق لإجراء المزيد من الدراسات التحليلية”.

وأكد أنه يرى موريشيوس موطنه الثاني، مضيفاً: “هذا المعرض هو مجرد بداية لسلسلة من الأنشطة الثقافية التي نخطط لها مع جمعية أصدقاء تركيا في بورت لويس. وفي المستقبل القريب، سنرى موسيقى المهتار التقليدية (الجوقة العسكرية العثمانية) والتقاليد الصوفية وفناني السينما ونخطط أيضاً لجلب نجوم كرة القدم”.

– رحلات جوية متزايدة

من جانبه، قال سفير تركيا لدى مدغشقر وممثلها المعتمد في موريشيوس، إسحاق أبرار تشوبوقتشو: “رغم أن علاقاتنا الدبلوماسية مع موريشيوس تأسست عام 1976، إلا أن علاقاتنا الثقافية تعود إلى القرن التاسع عشر. وفي الواقع، يعد هذا المعرض انعكاسًا حقيقيًا لصداقتنا”.

وأضاف: “يجب أن أعترف بأن علاقاتنا مع موريشيوس ممتازة في العديد من المجالات. إن سفارتنا التي افتتحت في أنتاناناريفو في أبريل/ نيسان عام 2010 والمعتمدة أيضاً لدى موريشيوس وجزر القمر، تساهم في تطوير علاقاتنا الثنائية”.

وأشار إلى أن العلاقات التجارية بشكل خاص تطورت على نحو كبير بفضل اتفاقية التجارة الحرة واتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي واتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات.

ولفت أنه من المقرر التوقيع على اتفاقيات تعاون في مجال صيد الأسماك والسياحة وإلغاء الازدواج الضريبي في المستقبل القريب.

وأوضح أن حجم التجارة بين البلدين يتزايد بسرعة وثبات، مضيفاً: “وصل حجم التجارة إلى 89 مليون دولار في عام 2023. ونعتقد أن هناك العديد من المجالات المختلفة التي يمكننا أن نتعاون فيها”.

ولفت إلى أن رحلات الخطوط الجوية التركية إلى موريشيوس ومدغشقر ساهمت بشكل كبير في تعزيز العلاقات الثقافية.

وتابع: “ومن المتوقع اعتبارًا من اليوم أن يزيد عدد الرحلات الجوية المباشرة بين إسطنبول وبورت لويس، من 7 أسبوعيًا، إلى 11 رحلة، ويعكس العدد المتزايد من الرحلات التأثير الإيجابي للخطوط الجوية التركية على السياحة والأعمال”.

وشكر تشوبوقتشو، رئيس جمعية أصدقاء تركيا عبد الصبور محمد صالح، وأحمد كمال أونجو وعقيلته غولبهار أونجو. لمساهمتهم في تعزيز علاقات البلدين

وتابع: “الدراسات والأبحاث الملهمة التي سلطت الضوء على الوجود الإسلامي وخاصة التأثير العثماني في هذه المنطقة ذات فائدة كبيرة للباحثين الأتراك. وأنا متأكد من أن كتاب (الوجود الإسلامي في رودريغز) سيصبح مرجعاً”.




زر الذهاب إلى الأعلى