هل تبلور 6 أحزاب معارضة في تركيا تحالفا لمواجهة أردوغان؟
عقد قادة ستة أحزاب في المعارضة التركية، اجتماعا هو الأول من نوعه السبت الماضي، لمناقشة أجندة التنسيق بينها بشأن الانتخابات المقبلة في حزيران/ يونيو 2023، وبلورة خطة عمل بشأن “النظام البرلماني المعزز” ما بعد مرحلة الانتخابات.
وشارك في الاجتماع زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وزعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، وزعيم حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، وزعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، و”الديمقراطية والتقدم” علي باباجان، ورئيس الحزب الديمقراطي غولتكين أويصال.
ولم توجه أي دعوة لحزب الشعوب الديمقراطي، والأحزاب الصغيرة الأخرى التي شكلها كل من محرم إنجه المنشق عن حزب الشعب الجمهوري، وأوميت أوزداغ المنشق عن حزب الجيد.
وأشار قادة الأحزاب الستة في بيان مشترك عقب الاجتماع الذي استمر 5 ساعات و15 دقيقة، إلى التوافق لإعداد “النظام البرلماني المعزز” من خلال “نظام قوي وليبرالي وديمقراطي وعادل، يتم فيه الفصل بين السلطات بتشريعات فعالة وتشاركية، وإدارة شفافة خاضعة للمساءلة، مع حيادية واستقلالية للسلطة القضائية”.
وتابع القادة في بيانهم: “تشهد بلادنا واحدة من أعمق الأزمات السياسية والاقتصادية في تاريخ الجمهورية، وتتزايد المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية يوما بعد يوم” متهمين “النظام الرئاسي” بأنه هو من تسبب بتلك الأزمات.
وأشاروا إلى أنهم سيعلنون النص النهائي لمذكرة التفاهم بشأن “النظام البرلماني المعزز” الذي جرى التوافق عليه إلى الرأي العام في 28 شباط/ فبراير الجاري.
وأكدوا أن هدفهم المشترك هو الانتقال إلى نظام برلماني معزز، ومن أجل تحقيق ذلك اتفقوا على “خارطة طريق” بشأن عملية الانتقال سيتم عرضها على الجمهور.
المعارضة التركية في خطاباتها تسعى لتكريس فكرة أنها هي التي ستحكم البلاد، وتحشد حراكها باتجاه الانتقال إلى “النظام البرلماني المعزز”، لكن مرحلة ما بعد الانتخابات تثير مخاوف وقلق الكثير من الناخبين الأتراك، بالإضافة إلى أن هناك إشكاليات وتساؤلات بشأن “توسع تحالف المعارضة” والخطوات التي تلي الانتخابات.
وتدرك بأن خطابات الانتقال لـ”النظام البرلماني المعزز” دون توضيح تفاصيل وآلية الانتقال غير كافية لجذب الناخب التركي، لكنها في ذات الوقت تواجه العديد من المعيقات في شق طريقها لا سيما التوافق على مرشح رئاسي مشترك لتلك الأحزاب التي تختلف في أيديولوجياتها.
نقطة ضعف تحالف المعارضة هي “المرشح الرئاسي”
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، قال في مقال على صحيفة “حرييت”، إن نقطة ضعف “تحالف الأمة” هو المرشح الرئاسي، وإذا حدث أي شرخ فقد يكون سببه ذلك، وعليه يدرك كليتشدار أوغلو ذلك جيدا ويتبع استراتيجية عقلانية من ناحيته.
وبدلا من طرح الترشح للرئاسة وخلق أزمة، أراد أولا لستة أحزاب تشكيل تحالف بينها، وذكر الكاتب أن الترشح للرئاسة لم يتم طرحه في الاجتماع، حتى أن داود أوغلو الذي لديه تحفظات بشأن ترشح كليتشدار أوغلو لم يطرح هذه القضية.
وأضاف سيلفي أن كليتشدار أوغلو سيطرح ترشحه للرئاسة على طاولة قادة الأحزاب بعد أن تنضج الظروف، وسحب البساط من رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
الخطوة التالية ستكون الإعلان عن البيان المشترك للقادة في 28 شباط/ فبراير، وسيتم تشكيل لجنة لتحديد مسار خارطة الطريق، وترتيب العمل لمرحلة ما قبل الانتخابات.
وذكر أن قادة الأحزاب قرروا الاجتماع كل شهر، وقد تتكثف هذه اللقاءات عندما تقترب العملية الانتخابية، مرجحين أن السلطات قد تلجأ إلى انتخابات مبكرة في أي وقت.
ما مغزى اختيار 28 شباط؟
وتساءل الكاتب حول مغزى اختيار 28 شباط/ فبراير للإعلان عن مذكرة التفاهم الخاصة بأحزاب المعارضة الستة.
وأضاف: “في 28 شباط/ فبراير كان هناك انقلاب من جنرالات على رئيس الوزراء، ولكن لدينا اليوم رئيس يحاسب جنرالات الانقلاب”.
وتابع: “بماذا تفكر ضحية انقلاب 28 شباط/ فبراير 1997، باختيار مثل هذا التاريخ لإعلان مذكرة التفاهم… ماذا يعتقد كارامولا أوغلو الذي يعد نفسه امتدادا لحزب أربكان؟”.
هل تقنع المعارضة الناخب التركي؟
الكاتبة التركية كوبرا بار في تقرير على صحيفة “خبر ترك”، قالت إن خطوة إبرام اتفاق لإعداد بروتوكول بشأن العملية الانتقالية هي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن إذا لم يتمكنوا من الحصول على 360 نائبا في البرلمان (للانتقال إلى النظام البرلماني)، فيجب عليهم تحديد وشرح كيفية حكمهم لمدة خمس سنوات.
وأضافت أن الدافع للتماسك فيما بينهم هو إسقاط الحكومة التي يقودها أردوغان، وعليهم إذا فازوا بالانتخابات التخطيط منذ البداية لكل شيء، بما في ذلك توزيع الوزارات حتى لا يقعوا في مواجهة بعضهم البعض ولا تبدأ النزاعات بينهم.
ورأت أن قادة المعارضة بحاجة لإقناع الناخب التركي بأنه لن تكون هناك حالة من عدم الاستقرار بعد وصولهم إلى السلطة، وأن القدرة على تحقيق ذلك لا تقل صعوبة وأهمية عن الفوز في الانتخابات ضد أردوغان.
وتابعت بأن هذه المعضلة تعد أكبر عقبة أمام قادة الأحزاب الستة في المرحلة الحالية.
اختيار 28 شباط خطأ استراتيجي للمعارضة
وقالت إن “اختيار 28 شباط/ فبراير كموعد للقاء الثاني خيار مقصود، كنت أعتقد أنه سيتم توجيه رسالة ضمان للمحافظين القلقين واعتبرت أنه أمر عقلاني ولكنني كنت مخطئة بذلك”.
وأضافت أن كليتشدار أوغلو قال للكاتب فكرت بيلا إنهم لم يختاروا هذا الموعد بشكل متعمد، بل جاء مصادفة، مشيرة إلى أن ذلك يعتبر خطأ استراتيجيا وكان عليهم أن يقولوا “اخترناه بشكل مقصود” أو يغيروا الموعد.
وأضافت أن ذلك يعد ورقة رابحة للتحالف الحاكم في البلاد الذي سيحاول تذكير المحافظين بما حدث في 28 شباط/ فبراير (انقلاب ما قبل الحداثة عام 1997).
ماذا عن حزب الشعوب الديمقراطي؟
انتقد حزب الشعوب الديمقراطي الاجتماع الذي عقد بين الأحزاب الستة، وقالت الرئيسة المشتركة للحزب برفين بولدان: “لا نعترف بمن لا يعترف بنا، ونعرف كيف نتجاهل من يتجاهلنا عندما يحين الوقت”.
وأضافت: “لو جمعتم نسبة أصوات الأحزاب الستة باستثناء حزب واحد، فإنها لا تساوي نصف أصوات حزب الشعوب الديمقراطي، لذلك سنواصل السير في طريقنا ولسنا لقمة سائغة”.
مدحت سنجار، الرئيس المشارك للحزب قال: “الحوار والنقاش واللقاء جيد، ولكن على أي حوار يتجاهل حزب الشعوب الديمقراطي، والمفهوم الذي لا يضع في خططه بناء العلاقات وإجراء مباحثات معه، أن يشرح عن المستقبل الذي يعده لتركيا”.
وأضاف: “من الضروري إجراء حوار مع حزب الشعوب الديمقراطي، والبحث عن تفاهمات معه ولا فرق بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية ومن يعادي حزب الشعوب، ولا يحق لأي حزب يتبنى موقفا عدائيا حيال حزب الشعوب أن يعد نفسه قوة معارضة في تركيا”.
ويتحفظ حزب الجيد الذي تقوده ميرال أكشنار على انضمام “الشعوب الديمقراطي” إلى التحالف، كما أن هناك تحفظات من القوميين والمحافظين على مشاركة الحزب بسبب اتهامات موجهة له بدعم منظمة العمال الكردستاني.
ويبقى المسار طويلا أمام الأحزاب الستة، وإمكانية تجمعها في تحالف واحد، في ظل تباينات عدة أبرزها معضلة المرشح المشترك، والناخب المحافظ، والاختلاف في أيديولوجياتها، ورفض جزء من قواعدها للآخر.
ويرفض الناخب التركي المحافظ والقومي كما يرى داود أوغلو ترشح كليتشدار أوغلو للرئاسة ولن يتمكن من استقطابهم، أما كارامولا أوغلو فليس لديه رغبة في ترشح كليتشدار أوغلو أو أكشنار، ويقول إنهم قادة أحزاب ولكن لا يمكنهم الفوز بالرئاسة.