وزير الدفاع التركي: نأمل ببدء عملية جديدة مع سوريا
قال وزير الدفاع التركي يشار غولر، إن العمليات التي نفذتها قوات بلاده في شمال العراق وسوريا “كبّدت” حزب العمال الكردستاني “بي كيه كيه” خسائر فادحة يوميا.
وتحدّث غولر، في حوار مع الجزيرة نت، عن توقيع مذكرة تفاهم مع العراق تعتبر نقطة تحول في علاقاتهما، مشددا على سعي أنقرة إلى جعل التعاون في “مكافحة الإرهاب” دائما بين البلدين “للإسراع في تفكيك الحزب وضمان الاستقرار والأمن في المنطقة”.
ووصف غولر علاقات بلاده الثنائية والعسكرية مع دول الخليج بالقوية والمستمرة على مستوى عالٍ. وأوضح أنه يتم تعزيز تعاونهما من خلال التدريبات المشتركة، وتبادل الموظفين بين القوات المسلحة التركية وقوات دول الخليج.
وفيما يلي نص الحوار:
-
هل هناك تقدم في موضوع إنشاء ممر أمني على الحدود مع العراق وسوريا؟
تواصل قواتنا المسلحة التركية كفاحها ضد جميع أنواع التهديدات والمخاطر، بما في ذلك منظمات حزب العمال الكردستاني، وقوات سوريا الديمقراطية، وتنظيما الدولة، وفتح الله غولن “الإرهابي”، بزيادة الضغط والوتيرة.
ومن خلال العمليات التي نفذناها في شمال العراق وسوريا، قمنا بتدمير “ممر الإرهاب” الذي كان يراد إنشاؤه على حدودنا، وضمان أمنها من الأمام، وأؤكد على هذا النجاح المهم.
من خلال عملياتنا المستمرة والفعالة، تتكبد “المنظمة الإرهابية” خسائر فادحة يوميا. وانخفضت نسبة الانضمام إليها -بشكل كبير- من الداخل ومن أوروبا، وانخفضت إيراداتها، وتضاءلت مصداقية قادتها المزعومين. وهذا انعكس بشكل كبير على قرارات ومحادثات المجلس التنفيذي المزعوم للعمال الكردستاني (اتحاد مجتمعات كردستان).
مرة أخرى؛ فإن الإرهاب الذي يحرق الغابات، ويستخدم السكان المحليين كدروع بشرية، ويزرع المتفجرات في المناطق السكنية وأماكن العبادة، ويحاول شن حملة دعائية سوداء لإيهام المجتمع الدولي بأن هذه الأعمال تقوم بها القوات المسلحة التركية -وهذا نتيجة عجزهم- لا يمكنه الهروب من النهاية الحتمية التي تنتظره.
وحتى الآن، قمنا بتوسيع السيطرة الميدانية بنجاح كبير، ونقوم بتحييد قدرة “المنظمة الإرهابية” على القيام بأي عمليات. نحن عازمون تماما على إنهاء “آفة الإرهاب” التي تعيق بلادنا منذ 40 عامًا، وتأمين شمال العراق تماما من الإرهابيين.
-
هل تتعاون الحكومة العراقية معكم في هذا الشأن؟
كما تعلمون، فإن حزب “العمال الكردستاني الإرهابي” يؤثر سلبا على استقرار وأمن كلا البلدين، واستفاد من فراغ السلطة الموجود منذ فترة طويلة في شمال العراق. كما أن وجوده والهجمات التي يشنها من قواعده في المنطقة كانت دائما المشكلة الرئيسية في العلاقات الثنائية بين بغداد وأنقرة.
مع ذلك، تم اتخاذ خطوات إيجابية متبادلة مؤخرا مع العراق، فخلال زيارة رئيسنا رجب طيب أردوغان إلى بغداد وأربيل في 22 أبريل/نيسان 2024، تم توقيع “مذكرة تفاهم حول إطار إستراتيجي شامل”، ونرى هذا كنقطة تحول في العلاقات بين البلدين.
نحن راضون عن الخطوات الإيجابية المتخذة مؤخرا مع الحكومة المركزية العراقية وإدارتها الإقليمية، ونسعى لجعل التعاون في “مكافحة الإرهاب” دائما بين بلدينا، فالقتال المشترك ضد “المنظمة الإرهابية” يسرّع من تفككها، ويعد الأرضية اللازمة للاستقرار والأمن الدائم.
إن التعاون، وتبادل الخبرات، والدعم المتبادل يعزز القدرات المشتركة اللازمة لتنظيف المنطقة من “الإرهابيين”، وقدرة العناصر المحلية على “مكافحة الإرهاب”.
منظمة “حزب العمال الكردستاني” “الإرهابية” أخلت نحو 800 قرية في شمال العراق، وأخرجت القرويين من منازلهم. ولهذا، فالتعاون ضروري لضمان أمن وسلامة القرويين الذين تم تهجيرهم من قِبَل هذه المنظمة في المنطقة.
نتيجة لكل هذا، بدأت دولة العراق تَعتبر “بي كيه كيه” مشكلة بالنسبة لها، وليس فقط لتركيا. ونحن نرحب بقرار بغداد إعلانها “منظمة محظورة”، ونتطلع إلى إعلانها “منظمة إرهابية” في أقرب وقت ممكن.
-
ذكرتم سابقا أنه قد تكون هناك عملية عسكرية كبيرة عبر الحدود إلى العراق في الصيف، فهل هناك جدول زمني لذلك؟
تواصل قواتنا المسلحة التركية كفاحها في إطار “مفهوم الأمن الجديد في مكافحة الإرهاب” الذي يتضمن القضاء على التهديدات في مصدرها قبل وصولها إلى حدودنا. لقد نفذنا ضربات شديدة على “المنظمة الإرهابية” من خلال عمليات مستمرة وشاملة، بدلا من العمليات العسكرية المحدودة والمؤقتة في الماضي، وقمنا بتقليل قدرتهم على الحركة إلى حد كبير.
لا يوجد جدول زمني محدد لهذا الأمر، لكن إستراتيجيتنا واضحة واستعداداتنا تتم وفقا لذلك، فقواتنا المسلحة التركية جاهزة في أي وقت، وتنفذ العمليات عند الحاجة، فحيثما يوجد “الإرهابيون”، يتم استهدافهم في الوقت والمكان المناسبين ويتم القيام بما يجب.
-
تم توقيع اتفاقيات أولية لإنشاء ممر التنمية بين العراق وقطر والإمارات وتركيا، ما مستجدات هذا الشأن؟
بالطبع الاجتماعات مع العراق لا تتعلق فقط بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود، وهذا جهد شامل يتضمن الجوانب الأمنية والتجارية.
بدأت أهمية مشروع طريق التنمية تتضح. ونرى أن المشروع، الذي يمتد من الخليج العربي عبر العراق إلى أوفاكوي ومن ثم إلى تراقيا وأوروبا، فرصة كبيرة للمنطقة وتركيا والعراق، ونعتقد أنه سيسهم في تطوير الرفاه في المنطقة.
هدفنا هو مواجهة التهديدات لبلادنا من خارج الحدود من خلال إنشاء منطقة آمنة، والمساهمة في تطوير الاقتصاد والرفاه في المنطقة من خلال مشاريع النقل والطاقة، لأن أكبر عدو لأمنها واستقرارها ورفاهها هو وجود المنظمات الإرهابية.
ومن خلال تنظيف المنطقة من الإرهاب، نعتقد أننا نستطيع تطوير التعاون الحالي مع العراق في مجالات الأمن، والصناعات الدفاعية، والتجارة والاستثمار والصحة والتعليم والزراعة، ونعتقد أننا نستطيع تحقيق البيئة الأمنية اللازمة للمنطقة في النهاية.
-
ما نوع الممر الأمني الذي ترغبون في إنشائه في سوريا؟ هل يعني الدخول إلى عمق 30 و40 كيلومترا والتدخل في مناطق النظام والمعارضة؟ وما الذي سيحدث في هذا الحال؟
تركيا هي الدولة التي تحملت العبء الأكبر ماديا ومعنويا واجتماعيا للأزمة الإنسانية الناتجة عن النزاع في سوريا.
أولا، حاول تنظيم الدولة، ومن ثم منظمات حزب العمال الكردستاني، والاتحاد الديمقراطي (وحدات حماية الشعب)، ومنظمة “إس دي جي”، الاستفادة من فراغ السلطة في سوريا لإنشاء “دولة إرهابية” هناك.
وبين عامي 2013 و2017، قُتل أكثر من 600 مدني بريء وجُرح أكثر من 1000 آخرين جراء الهجمات التي نُفذت من شمال سوريا على بلدنا. كما واجهت تركيا موجة هجرة كثيفة.
ونتيجة لذلك وفي إطار حقوقنا المستمدة من القانون الدولي، منعنا إنشاء “ممر إرهابي” على حدودنا من خلال عمليات “درع الفرات”، و”غصن الزيتون”، و”نبع السلام”، و”درع الربيع” التي نفذناها ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا، وضمنّا أمن حدودنا من الأمام.
كما أنشأنا منطقة معيشة آمنة ومستقرة للسوريين الذين يعيشون في المنطقة أو الذين هاجروا منها. وتستمر أنشطتنا الإنسانية ودعم البنية التحتية لتطبيع الحياة في سوريا، ونريد أن نراها مستقرة ديمقراطية وموحدة سياسيا كجارة لنا.
ولا يوجد تفسير مختلف لمفهوم الممر الأمني في العراق أو سوريا؛ حيث يهدف إلى منع وصول “اليد الدموية للتنظيمات الإرهابية” إلى شعبنا وأراضينا عن بُعد دون تشكيل تهديد. نحن عازمون تماما على إنشائه على طول حدودنا مع بغداد ودمشق.
ستكون عناصر حزبي العمال الكردستاني، والاتحاد الديمقراطي وتنظيم الدولة في سوريا والعراق أهدافا مشروعة لنا كما كانت في الماضي. لن يتوقف كفاحنا بعزم وتصميم حتى يصبح “الإرهابيون الملطخة أيديهم بالدماء” -بغض النظر عمن يقف خلفهم ويدعمهم- غير قادرين على تهديد بلدنا ومنطقتنا.
-
هل كان هناك اجتماع مع النظام السوري حول هذا الموضوع؟
تُعقد الاجتماعات مع النظام السوري فقط في أستانا بمشاركة إيران وتركيا وسوريا وروسيا. وهدفنا هو التوصل إلى حل سياسي في دمشق على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254). وقد كلف الرئيس أردوغان وزير الخارجية هاكان فيدان بهذا الشأن، وأملنا هو بدء عملية جديدة مع جارتنا على أساس عقلاني.
وصوّت مجلس الأمن على القرار يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، وينص على بدء محادثات السلام بسوريا في يناير/كانون الثاني 2016، وبينما أكد أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد، دعا إلى تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية مطالبا بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.
-
للولايات المتحدة قواعد في سوريا والعراق، هل كان هناك اجتماع بشأن القواعد التي ترغب تركيا في إنشائها فيهما؟ وما موقف واشنطن من ذلك؟
تعاون الولايات المتحدة مع حزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب لا يتوافق مع روح التحالف، ويعرّض سلامة الأراضي العراقية والسورية للخطر. وإذا كان الهدف هو مكافحة “تنظيم الدولة”، فيجب أن يتم التعاون مع الحلفاء وليس مع “الإرهابيين”، وقد أعربنا عن استعدادنا لذلك دائما.
وجدير بالذكر أن القوات المسلحة التركية الشجاعة كانت الأكثر فعالية في مكافحة “تنظيم الدولة” في عملية “درع الفرات”، حيث أوقفت آلاف “الإرهابيين” وجعلت هذا التنظيم في حالة انهيار. ونتوقع من حلفائنا، وخاصة واشنطن، تغيير مواقفهم تجاه القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على أمننا الوطني تحت ستار مكافحة هذا التنظيم.
-
هل تفكرون في عملية عسكرية عبر الحدود إلى سوريا في المستقبل القريب؟
القيام بعمليات أو حملات عسكرية في إطار القانون الدولي وحقنا في الدفاع المشروع من أجل أمن بلدنا وحدودنا هو حق طبيعي لتركيا. ولا يتوقع أحد منا أن نبقى متفرجين على ما يحدث، وستستمر أنشطتنا في المنطقة ما دام “التهديد الإرهابي” قائما، وهدفنا الوحيد هو “الإرهابيون”.
وجدير بالذكر أن جميع عملياتنا في العراق وسوريا تُنفذ وفقا لما يلي:
- حقوقنا في الدفاع المشروع بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.
- احترام حقوق السيادة والسلامة الإقليمية لجيراننا.
- اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم تعرض المدنيين الأبرياء والعناصر الصديقة، والممتلكات التاريخية والثقافية والبيئية لأي ضرر.
-
ما ملامح التعاون العسكري والدفاعي مع دول الخليج، والزيارات رفيعة المستوى التي تمت إلى المنطقة بما في ذلك زيارتكم؟
نحن في تركيا نعتبر استقرار وأمن ورفاه دول الخليج -التي لدينا معها روابط تاريخية وصداقة عميقة- مرتبطا بشكل مباشر باستقرار وأمن ورفاه بلادنا. ونسعى جاهدين لتعزيز التعاون الإقليمي، لا سيما أن علاقاتنا الثنائية والعسكرية مع دول الخليج قوية ومستمرة على مستوى عالٍ.
وفي هذا السياق، يتم تعزيز تعاوننا من خلال التدريبات المشتركة، وتبادل الموظفين بين القوات المسلحة التركية وقوات دول الخليج. وعلى سبيل المثال، كانت هناك مشاركة كبيرة ورفيعة المستوى من هذه الدول في مناورة “إفيس 2024” التي أجريت بتركيا في مايو/أيار الماضي.
ونحن نهتم بزيادة تعاوننا في مجال الصناعات الدفاعية مع دول الخليج، ولقد أثبتت منتجاتنا في هذا المجال فعاليتها في مناطق العمليات. وهي تُصنّع بمعايير حلف شمال الأطلسي (الناتو) وباتت تستخدم على نطاق واسع وتثير اهتمام دول المنطقة.
علاوة على ذلك؛ فمنذ عام 2017، تمركزت عناصر من القوات المسلحة التركية في قطر لدعم تطوير قدرات الدفاع لدى القوات المسلحة القطرية والمساهمة في السلام الإقليمي والعالمي من خلال العمليات والتدريبات المشتركة.
كما تم وضع خارطة طريق للتعاون العسكري والدفاعي الثنائي مع الإمارات. ونعمل على تأسيس شراكتنا مع دول المنطقة من خلال الزيارات المتبادلة والاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها.
ومن بين هذه، زيارات الرئيس أردوغان للمنطقة، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لبلدنا، ورئيس الأركان العامة القطرية وقادة القوات القطرية، ورئيس الأركان العامة الإماراتي، ووزير الدفاع السعودي ونوابه. ونعتقد أن تعاوننا سيزداد قوة وسيستمر في الفترة المقبلة.