أخــبـار مـحـلـيـة

أردوغان يخطط لجولة خليجية.. ما رهانات تركيا الاقتصادية؟

يتطلّع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الفترة بين 17 و 19 تموز/ يوليو الجاري، إلى كسب الرهان الاقتصادي من خلال جولة خليجية تشمل زيارة السعودية والإمارات وقطر .

وبحسب عدد من المتابعين للشأن الاقتصادي، فإن العلاقات الراهنة بين تركيا ودول منطقة الخليج، تُكتب بعناوين اقتصادية، الشيء الذي أوضحه وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، الاثنين الماضي، بالقول إن “أردوغان سيقوم بزيارة إلى دولة الإمارات من أجل التوقيع على عدة اتفاقيات ثنائية شاملة”، مشيرا إلى أن “الوفود التركية والإماراتية، عملت طيلة الأسبوع الأخير من حزيران/ يونيو الماضي، على اكتمال الأعمال ليتم رسم إطار عمل زيارة أردوغان إلى الإمارات”.

صُلح بعد فُتور
على مدار عشرين سنة، لم تستقر العلاقات التركية الخليجية على مسار واحد، حيث كلما ساد بينهما جو التعاون والتفاهم، يأتي التوتر ليزرع فتيل الخلاف بين الطرفين، من قبيل ما شاب العلاقات بين تركيا والسعودية والإمارات من خلافات خلال أزمة الخليج.

وبعد القطيعة التي عرفتها تركيا مع دول الخليج عادت العلاقات إلى توازنها، قبل الانتخابات التركية بشهرين فقط، من خلال الدعم الإعلامي الذي قدمته دول الخليج لحكومة أردوغان، حيث أعلن الصندوق السعودي للتنمية بتاريخ 6 أذار/ مارس 2023، إيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، لتعزيز اقتصاد أنقرة؛ الشيء الذي اعتبره وزير الخزانة والمالية التركي السابق، نور الدين نباتي، إيجابيا، بالقول إنها “نتيجة إيجابية لثقة إدارة المملكة بالاقتصاد التركي”.

وقبل أيام من قرار الرياض دعم اقتصاد أنقرة، وقّعت تركيا والإمارات اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة لرفع حجم التجارة بين البلدين إلى 25 مليار دولار، في غضون خمس سنوات، وهي الفترة التي سيتولى فيها أردوغان رئاسة بلده للمرة الثانية منذ التعديلات الدستورية.

تركيا ودُول الخليج.. مسارٌ جديد
وبعد فوز رجب طيب أردوغان، في أيار/ مايو الماضي، في ما يُوصف بكونه “آخر ولاية رئاسية في حياته السياسية”، وفقا للتعديلات الدستورية سنة 2017 التي حددت ولاية الرئيس في فترتين، انطلق الرئيس التركي في سن توجه جديد في سياسة بلاده الخارجية، خاصة في علاقاته مع دول الخليج.

وفي لقاء مع قناة “سي إن إن إنترناشيونال” فور إعلان فوزه، قال أردوغان إن “السعودية وقطر والكويت والإمارات وكل بلدان الخليج هي دول شقيقة لتركيا” مشيرا إلى أنه “ليس من الصواب أن نكون متخاصمين، وقد تجاوزنا هذا الوضع، والآن بدأت الزيارات المتبادلة معهم جميعاً”.

وأوضح الرئيس التركي، بأنه سوف يعمل نحو اتخاذ “خطوات جادة مع دول الخليج”، مبرزا عزمه بإجراء جولة خليجية قريبة. هذه الزيارة هي التي يتوقع متابعون للشأن التركي بأنها سوف تنعكس إيجابا على الطرفان، بتوقيع مذكرات التفاهم والاتفاقيات في شتّى القطاعات الاستراتيجية من قبيل التكنولوجيا الزراعية، والأمن الغذائي، والطاقة النظيفة، فضلا عن التعاون المستمر في مشاريع البناء والعقارات.

أي أُفق للتعاون الراهن؟
وعرفت العلاقات التركية السعودية، تحولا خلال السنة الماضية، عقب الزيارة التي قام بها أردوغان للمملكة، في نيسان/ أبريل 2022، تلتها زيارة أخرى قام بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان لأنقرة، في شهر حزيران/ يونيو من السنة ذاتها، حيث أكد مسؤولون أتراك لوكالة “بلومبيرغ”، لم يكشفوا عن أسمائهم، أنه سوف “يتم جذب استثمارات بقيمة 25 مليار دولار من الدول الخليجية”.

تأثير هذه العلاقات، بدآ يتوضح على أرض الواقع، خاصة على مستوى رفع القيود على المواطنين السعوديين في الاستثمار والسياحة بتركيا، حيث ارتفعت عمليات شراء السعوديين للمساكن في تركيا، خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، بنسبة 79.4٪، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، وفق إحصائيات عن الحكومة التركية. ليتربع السعوديين إثر ذلك في المرتبة الـ11 في قائمة الأجانب الأكثر شراء للعقارات في تركيا.

وفيما يتعلق بالعلاقات بين تركيا والإمارات، فقد عرفت تحسنا عبر التوقيع على اتفاقية التعاون الاقتصادي والاستثماري والتبادل التجاري، في أذار/ مارس الماضي، وتوطدت أكثر خلال ضخ الإمارات لمبلغ  10 مليارات دولار في الاقتصاد التركي، دعما لأنقرة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي البلاد في 6 شباط/ فبراير الماضي.

أما العلاقات البحرينية التركية، نالها كذلك قسطا من تعزيز التعاون والتبادل التجاري،  حيث قال نائب رئيس الوزراء البحريني، خالد بن عبد الله آل خليفة، مباشرة عقب فوز أردوغان، إن “العلاقات بين تركيا والبحرين بدأت قبل 50 عاماً، وهناك حتى الآن 38 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عديد من المجالات المختلفة؛ مثل الشباب والتعليم والدفاع والصناعة، فيما ارتفع حجم التجارة بين البلدين، بنسبة 66% سنة 2022، مقارنة بما قبل” وذلك في تصريحات نقلتها وكالة “الأناضول” التركية، يونيو المنصرم.

علاقات اقتصادية تلوح في الأفق
في تعليقه على المسار الذي تمضي عليه العلاقات بين تركيا ودول الخليج، يقول الصحفي المختص في الشأن التركي، حمزة تكين، إن “العلاقات التركية الخليجية تتحسن يوما بعد يوم وفي طليعة النقاط الأساسية التي تهم الطرفين هي النقطة الاقتصادية” مبرزا أن “العالم اليوم يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، يسودها التضخم وعدد من المشاكل المالية، جراء تداعيات فيروس كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا وأسباب أخرى، هذا الوضع دفع الكثيرين لإعادة ترتيب أوراقهم الاقتصادية والتعالي عن الكثير من الخلافات السياسية”.

وأضاف تكين، في حديثه لـ”عربي21“، أن “سعي دول عديدة في الخليج للاستثمار في تركيا يعطي إشارة أن الاقتصاد التركي قويا” مستطردا: “بكل الأحوال لا أعتقد أن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين التركي والخليجي ستؤثر سلبا في أي ناحية من النواحي على تركيا أو على الخليج، حيث إنها علاقات متطورة اقتصاديا بين الطرفين، سوف تنعكس إيجابا عليهما معا”.

وفي حسابه على تويتر، غرّد الباحث في التاريخ، حسين السبعاوي، بقول إن هذه العلاقات سيكون “لها أهداف استراتيجية لجميع الأطراف، بالنسبة لتركيا هو تفكيك التحالف الذي سعت إليه اليونان وإيران وبدعم غربي لمحاصرة تركيا من جهة البحر ودول الجوار” مضيفا بأن الأمر في نهاية المطاف يتعلق ب”تسوية سياسية واقتصادية للمنطقة بدل الصراعات التي يغذيها الغرب”.

إلى ذلك، أصبحت الخطة الاقتصادية التركية تهدف إلى جذب استثمارات بقيمة 25 مليار دولار من الدول الخليجية، تُركّز على جُملة نقاط، من بينها الثروات الباطنية التي تم اكتشافها، وعودة العلاقات مع مصر وعدد من الدول الخليجية، خاصة على مستوى قطاعات تتعلق بالنقل والزراعة والصناعات الدفاعية والطاقة وغيرها، بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ.

زر الذهاب إلى الأعلى