أخــبـار مـحـلـيـةالجاليات في تركيا

أمثلة حية عن معاناة السوريين في الحصول على الفيزا التركية

فيما يُرجع مسؤولون أتراك فرض الفيزا على دخول السوريين لتركيا، إلى أسباب أمنية، يعتقد مراقبون أن هذه الفيزا فُرضت لأسباب مرتبطة باتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وأن الرهان على إلغائها مرتبط تحديداً بمصير هذا الاتفاق، وليس بالأوضاع الأمنية.


في 8 كانون الثاني من مطلع هذا العام فرضت وزارة الخارجية التركية، فيزا على دخول السوريين إلى أراضيها. وقال وزير الخارجية التركي حينها، مولود جاويش أوغلو، إن فرض تأشيرة دخول على السوريين القادمين إلى تركيا عن طريق الجو والبحر، جاء لأسباب أمنية بحتة، مشيراً أنه يمكن لمن يريد القدوم إلى تركيا الحصول على تأشيرة بسهولة. وتحدث أوغلو عن استمرار تركيا في سياسة الأبواب المفتوحة تجاه السوريين، حتى مع فرض تأشيرات دخول.

 إلا أن واقع الحال كان مغايراً لما تحدث عنه الوزير أوغلو، فأبواب تركيا أغلقت في وجه معظم السوريين الراغبين بدخول الأراضي التركية، إما هرباً من الموت في بلدهم، أو رغبة في لقاء أقاربهم وذوييهم.

 يقول المحامي غزوان قرنفل وهو أحد المهتمين بشؤون السوريين في تركيا، إن أكثر من 95% من طلبات السوريين للفيزا التركية تقابل بالرفض، وأن نسبة قليلة من السوريين المقيمين في بعض دول الخليج كالإمارات والسعودية قد حصلوا على الفيزا التركية، بينما لم يحصل عليها السوريون المقيمون في الدول الأوروبية.

 حالات وأمثلة حية رصدها “اقتصاد” عن تلك المعاناة والمصاعب التي سببها فرض الفيزا على دخول السوريين، منها حالة محمد المقيم في تركيا مع عائلته، بينما تقيم ابنته في الإمارات العربية منذ ست سنوات وتعمل مهندسة هناك. يقول محمد بألم وحسرة، إن رفض الفيزا التي تقدمت بها ابنته إلى القنصلية التركية في الإمارات حرمه من رؤية ولقاء ابنته وأحفاده رغم أن ابنته استوفت جميع الأوراق اللازمة للفيزا من حجز طيران وحجز فندقي وحساب بنكي وتأمين صحي، وكلفها ذلك حوالي 1400 درهم، بالاضافة لإرساله طلب دعوة لها يثبت إقامته في تركيا مع عائلته، إلا أن طلبها للفيزا قوبل بالرفض.

adv23

أضاف محمد لـ “اقتصاد”: “كما أني لا أستطيع زيارتها لأن عودتي إلى تركيا تحتاج فيزا أيضاً كوني لا أحمل إقامة سياحية في تركيا”.

 أما مهند المقيم في ألمانيا منذ سنة ونصف تقريباً، قال إنه تقدم بطلب الكتروني في شهر شباط للحصول على الفيزا أرسل من خلاله الأوراق اللازمة مدعومة بطلب دعوة من والده المقيم في تركيا إضافة إلى وثائق تثبت عمله في شركة ألمانية ودفعه للرسوم 60 يورو، إلا أن طلبه قُوبل بالرفض بعد ثلاثة أسابيع على مقابلته في القنصلية التركية في مدينة هانوفر الألمانية.

 وبعد شهرين من قرار الرفض عاد وقدم طلباً جديداً، وفي موعد المقابلة أخبروه أن طلبه غير مقبول وأن عليه انتظار ستة أشهر لتقديم طلب ثانٍ بعد رفض طلبه الأول للفيزا.

 وليس بعيداً عن ألمانيا، يقول المحامي إيهاب عبد، المقيم في السويد، في تصريح لـ “اقتصاد”، إنه تقدم ثلاث مرات للحصول على الفيزا لزيارة تركيا، لكن دون جدوى، فجميع تلك الطلبات أتى الجواب عليها بالرفض.

وبالمثل، رُفضت طلبات الكثير من السوريين وأغلقت الأبواب في وجوههم.

 أما بالنسبة للدول العربية التي يتواجد فيها الكثير من السوريين كلبنان، فإن معظم طلبات السوريين للحصول على الفيزا أتت بالرفض، وكذلك الأمر في مصر، حيث يقول أبو محمود لـ “اقتصاد” إنه لم يرى أهله في تركيا منذ ثلاث سنوات وعندما راجع السفارة التركية للحصول على الفيزا وقدم الأوراق المطلوبة من صور جوازات السفر والإقامة المصرية وحساب بنكي وحجز طيران وحجز فندقي بالفترة التي سيقيم فيها بتركيا، ووثيقة تثبت تسجيل أولاده في المدارس المصرية، ورسوم تقدر بـ 60 دولاراً عن كل شخص إضافة لطلب دعوى من مواطن تركي، جاء الرد بعد 15 يوماً، بالرفض، دون تعليل السبب.

 فيما يختلف الأمر في السعودية التي تتساهل القنصليات التركية فيها بمنح الفيزا التركية للسوريين المقيمين، حيث توجد طريقتان لتقديم الطلب للحصول على الفيزا، وهي إما أن يتوجه الشخص مباشرة الى السفارة أو القنصلية التركية ويتقدم بنفسه بطلب للحصول على التأشيرة أو يقدم الطلب عبر الشركات المعتمدة لدى الحكومة التركية التي حددتها القنصلية التركية في جدة بعشر شركات موزعة على أنحاء المملكة.

 ويشابه حال قطر حال السعودية حيث تتساهل القنصلية التركية فيها بمنح الفيزا التركية للسوريين المقيمين هناك.

(صورة من طلب الدعوة ( قبل تعبئته) الذي أرسله اللاجئ محمد المقيم في مدينة إصلاحية الى ابنته في الامارات يبين فيه أنه مقيم مع عائلته في تركيا .)

 هذا الواقع المؤلم في الحصول على الفيزا التركية، زاد من معاناة السوريين وأثقل كاهلهم بأعباء مالية إضافية وشتت شملهم مع أسرهم وذويهم في تركيا وجعلهم يعيشون على أمل صدور قرار بإلغائها بعد سريان الكثير من الشائعات بذلك الأمر، وهو ما نفاه المحامي غزوان قرنفل، الذي يرى أن فرض الفيزا على السوريين هو جزء من مقتضيات الاتفاق الأوروبي التركي، حيث أن فرض الفيزا على السوريين سيحد من وصولهم إلى تركيا وعبورهم بشكل غير شرعي إلى الشواطئ اليونانية ومن ثم إلى الدول الأوربية.

أما بالنسبة لموضوع إلغاء الفيزا، فإنه بالمدى المنظور على الأقل، لن تُلغى هذه الفيزا، إذ ستبقى موجودة طالما بقي الاتفاق الأوروبي التركي قائماً، وطالما بقيت تركيا ملتزمة به وتعمل على تنفيذ بنوده، إضافة الى التزام الطرف الآخر لمنع انهيار ذلك الاتفاق.

 

– اقتصاد

زر الذهاب إلى الأعلى