أخــبـار مـحـلـيـةسيـاحـة وسفـر

إسطنبول | ما سر اللوحات التاريخية الضخمة في جدران “آيا صوفيا”؟

تعدّ اللوحات الدائرية الضخمة من أبرز الآثار الإسلامية العثمانية التي بقيت معلقة على جدران مسجد “آيا صوفيا” التاريخي في مدينة إسطنبول التركية، حتى بعد تحويله إلى متحف بأمر من مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، في ثلاثينات القرن الماضي، وذلك بسبب فشل محاولات إخراجها من المسجد.

ومنذ فتح القسطنطينية وتحويل “آيا صوفيا” من كنيسة إلى مسجد على يد السلطان العثماني محمد الثاني (الفاتح)، أشرف جميع سلاطين الدولة العثمانية على ترميم المسجد المهيب والاهتمام به وتزيينه برموز هامة ولافتة بالنسبة إلى العالم الإسلامي.

اللوحات الدائرية الكبيرة التي تزيّن الجدران بأسماء الله (جَلَّ جَلاَلُهُ)، والرسول محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، والخلفاء الراشدين، تعدّ من أهم الرموز الموضوعة داخل المسجد في عهد السلطان عبد المجيد، حيث جرى تصميمها على يد الخطاط والقاضي العسكري مصطفى عزّت أفندي.

تم بناء “آيا صوفيا” ككنيسة عام 537 من قبل الإمبراطور البيزنطي يوستينيانوس الأول (527-565)، واستخدمت كأضخم كاتدرائية للمسيحيين الأرثوذوكس طوال تسعمئة عام.

في عام 1453، حوّل السلطان محمد الفاتح “آيا صوفيا” إلى واحد من أعظم المساجد بالنسبة إلى المسلمين، وبقي هكذا على مدى نحو خمسة قرون، ليتحول فيما بعد إلى متحف عام 1934.

مصطفى عزّت أفندي، الذي يعتبر من أكبر الأساتذة في الخط العثماني والإمام الثاني لمسجد “آيا صوفيا”، قام بتصميم لوحات خاصة على جدران المسجد التاريخي، عليها أسماء الله (سبحانه وتعالى)، ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين إلى جانب حفيدي الرسول الحسن والحسين (رضوان عليهم).

قام مصطفى عزّت أفندي، بتخطيط اللوحات الدائرية الشهيرة بالخط الثلث الجلي دون أخطاء، ويبلغ طول كل لوحة 7.5 متر وعليها خلفية خضراء، جرى تعليقها بطريقة قوية على قطع مصنوعة من خشب الزيزفون.

عقب تحويل آيا صوفيا” إلى متحف، عام 1934، أراد المسؤولون خلع اللوحات الكبيرة وإخراجها ثم تعليقها داخل مسجد السلطان أحمد الواقع بمنطقة مجاورة، إلا أنهم فشلوا في ذلك بعد عجزهم عن إخراج اللوحات التي صمّمها مصطفى عزّت أفندي، مع إطارها الضخم داخل المسجد وهي أكبر حتى من البوابة الرئيسية.

طالب مسؤولون بتكسير اللوحات من أجل إخراجها بسهولة، لكنهم لم يجرؤوا على القيام بذلك، وعمدوا إلى تركها مهملة على الأرض وبقيت على هذه الحالة 15 عامًا، ما أدى إلى تضررها بسبب الرطوبة.

في أربعينات القرن الماضي، شاهد أستاز التاريخي الشهير “سماوي أيّجة”، تلك اللوحات الملقاة على الأرض حذّر كبار مسؤولي المتحف آنذاك، وقال لهم: “إذا حدث مكروه لهذه اللوحات فإنكم قد تواجهون مشاكل.. عليكم بإعادة تعليقها في أسرع وقت ممكن”.

وأعيدت اللوحات الكبيرة إلى مكانها من قبل مسؤولي المتحف في يناير/ كانون الثاني من عام 1949، بعد أن تعرضت للضرر وخضعت للترميم والصيانة بسبب الإهمال الكبير على مدى أعوام.

 

زر الذهاب إلى الأعلى