اقـتصــاديـة

اختراقات متوقعة.. كيف سيكون شكل الاقتصاد التركي بعد الانتخابات؟

يترقب الكثير من المستثمرين ورجال المال والأعمال داخل تركيا وخارجها ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات التركية المصيرية المقرر إجراؤها في 14 أيار/ مايو 2023.

وقبل أسبوع قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،  خلال اجتماع عقده مع رؤساء حزب العدالة والتنمية في المقاطعات التركية، إن فوز طاولة المعارضة التركية في الانتخابات سينجم عنه “كارثة كبرى”، مشيرا إلى أنها تسعى لإعادة “تركيا القديمة”.

وأضاف أردوغان موجها حديثه لرؤساء الحزب بالمقاطعات: “هدفنا فتح أبواب عصر جديد نحقق فيه أحلام أمتنا، بجعل إنجازاتنا على طريق الديمقراطية والتنمية مقدمة لقرن تركيا”.

ونشرت صحيفة ”ستار” التركية مقال رأي للكاتب دينيز استقبال تحدث فيه عن وضع الاقتصاد التركي والنموذج الاقتصادي الجديد الذي وضعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته “عربي21″، إن العديد من العوامل مثل الوباء والزلزال والتضخم وأزمة العرض، وكذلك الصدمات الاقتصادية المستمرة على الصعيدين العالمي والإقليمي؛ كلها أثرت على الاقتصاد التركي. كما تسببت التدابير العالمية لحماية الوظائف ومنع حالات الإفلاس الجماعي في ارتفاع التضخم العالمي في عام 2021 خلال فترة الوباء. إضافة إلى حرب أوكرانيا، التي بدأت في عام 2022، والتي زادت من حدة التضخم أكثر فأكثر.

وأضاف: “الضغوط التضخمية، التي ضربت البلدان المتقدمة من خلال الطاقة وسلاسل التوريد والإنتاج، أثرت على البلدان النامية والأقل نموًا من خلال أسعار المواد الغذائية. وقد شعرت العديد من البلدان في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا بأزمة الغذاء والطاقة بعمق أكبر”.

آثار الوباء والتضخم العالمي (2020-2023)

وأفاد الكاتب أن التضخم العالمي حطم الأرقام القياسية، وارتفع إلى مستويات قياسية للمرة الأولى منذ أزمة النفط، وبينما حاولت البلدان المتقدمة حل الأزمة بالموارد العامة والإعانات والاقتراض الإضافي، كان على البلدان النامية والأقل نموًا أن تكافح مع التضخم بدون وسائل مالية؛ حيث واجهت البلدان النامية العديد من المشاكل في الاقتراض وإدارة الموارد العامة، وازداد الفقر في جميع أنحاء العالم.

وأضاف الكاتب أن الإنفاق على الغذاء ارتفع بأكثر من 50 بالمائة بسبب تضخم الغذاء، وشعر الفقراء – الذين يقل دخلهم الشهري عن 50 دولارًا – بتضخم الغذاء العالمي بشكل أكثر حدة، ولم يكن بالإمكان سد الثغرة وتعويض المنتجات الزراعية الأوكرانية في وقت قصير من قبل الدول الأخرى. ولا يزال تضخم الغذاء العالمي، الذي ارتفع إلى 65 في المائة وانخفض إلى 18 في المائة اليوم، يحافظ على مستوياته المرتفعة.

نموذج الاقتصاد التركي (2021-2023)

وذكر الكاتب أن نموذج الاقتصاد التركي، الذي أُعلن عنه في الربع الأخير من عام 2021، بدأ في الظهور بشكل أكبر في عامي 2022 و2023. النموذج، الذي يركز على الإنتاج والتوظيف، أوجد 2.78 مليون وظيفة منذ وضعه. وبينما من المتوقع أن تصل الصادرات إلى 270 مليار دولار في عام 2023 من أصل 225 مليار دولار في عام 2021، ظهرت مستويات التضخم المرتفع كمشكلة رئيسية. فالتضخم، الذي ارتفع إلى 85 بالمئة بسبب انخفاض قيمة الليرة التركية والتضخم العالمي، تراجع بنسبة تتراوح بين 30 إلى 55 بالمئة، ومن المتوقع أن يواصل التضخم الانخفاض إلى نطاق يتراوح بين 20 و25 بالمئة مع نهاية العام، ومن ثم إلى خانة الآحاد في عام 2024 وتحقيق اختراقات جديدة في إطار نموذج الاقتصاد التركي.

وأوضح الكاتب أن الدخل القومي، الذي بلغ 720 مليار دولار عام 2020 مع تأثير الظروف الوبائية، ارتفع إلى 905 مليارات دولار عام 2022، بالإضافة إلى ذلك؛ اقترب دخل الفرد من 11 ألف دولار، وزادت حصة الإنتاج والصادرات في الدخل القومي بشكل ملحوظ. وأيضًا اقتربت حصة الصناعة التحويلية في الدخل القومي من 22 في المائة، مما ساعد على زيادة قدرتها التنافسية، ووصلت الصادرات الصناعية إلى أعلى مستوى في تاريخها، من 127 مليار دولار إلى أكثر من 190 مليار دولار. من ناحية أخرى؛ اقتربت الصادرات الزراعية إلى مستويات 35 مليار دولار في عام 2022 – وذلك رغم الأزمات العالمية – بعدما كانت 24 مليار دولار في عام 2020.

وبين الكاتب أنه لوحظ زيادة كبيرة في عدد المصانع العاملة في الإنتاج في تركيا، وكذلك في الصادرات والتوظيف. وعندما يضاف عدد المصانع التي تجاوزت 75 ألفًا حتى عام 2023 إلى عدد المصانع قيد الإنشاء البالغ عددها 5 آلاف، فإن ذلك سيساهم بشكل أكبر في الإنتاج والتوظيف في تركيا.

الآثار الاقتصادية للزلزال (2023-2024)

ويرى الكاتب أن الخسائر في الأرواح والدمار والآثار النفسية الناجمة عن كارثة الزلزال لن تمحى من ذاكرة تركيا لسنوات عديدة؛ حيث إن المدن الـ11 التي تضررت من الزلزال تمثل ما يقارب من 10 في المائة (100 مليار دولار) من الدخل القومي و8 بالمائة من صادرات البلاد (20 مليار دولار). بالإضافة إلى ذلك؛ هناك 3  ملايين وظيفة في وضع حرج في التجارة المحلية وإمدادات الطاقة في هذه المدن.

وأشار الكاتب إلى أنه كان من المتوقع أن تصدّر المدن الـ11 – هذا العام – ما يقرب من 22 مليار دولار وتخلق ما يقرب من 110 آلاف فرصة عمل جديدة، ولهذا يمكن توقع انخفاض جزئي في الإنتاج والتوظيف والصادرات بسبب الزلزال. وبالنظر إلى الذين غادروا هذه المدن، يمكن القول إن المنطقة ستحتاج إلى استثمارات وحوافز إضافية في السنوات القادمة.

سيناريوهات ما بعد الانتخابات (2023-2028)

وأوضح الكاتب أن تركيا في السنوات الأخيرة واجهت العديد من الأزمات مثل الأوبئة والتضخم العالمي والزلازل. وبينما أضر الوباء بخطوط الإمداد والإنتاج والصحة العامة، فقد دفع الاقتصاد العالمي إلى أزمة. وفي هذه الفترة؛ فضلت تركيا السياسات النقدية والمالية التوسعية التي تتمحور حول التوظيف والتصدير والإنتاج.

ولفت الكاتب إلى أن الانتخابات، التي ستجرى في 14 أيار/ مايو، تمثل عتبة مهمة في الذكرى المئوية للجمهورية؛ حيث من المتوقع أن يواصل الدخل القومي، الذي تجاوز 905 مليارات دولار في عام 2022 ومن المرجح أن يتجاوز تريليون دولار في عام 2023، اتجاهه التصاعدي في الفترة 2024-2028.

ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، سيبلغ الدخل القومي 1.5 تريليون دولار ودخل الفرد ما يقارب 17 ألف دولار في عام 2028، بفضل إمكانيات تركيا الإنتاجية ونموها.

ويعتقد الكاتب أن تركيا يمكنها تحقيق المزيد من الاختراقات في عام 2023 مع انخفاض حدة الصدمات العالمية، باكتساب زخم في مختلف القطاعات، وخاصة السياحة، كما أن تعزيز الأداء الاقتصادي المتوقع في الفترة 2024-2028 بالإصلاحات الهيكلية سيساعد نموذج الاقتصاد التركي، الذي يركز على العمالة والإنتاج والتصدير، على أن يصبح أكثر فاعلية.

وختامًا؛ قال الكاتب إنه من المحتمل أن يكون للدمار والتكلفة الاقتصادية الناجمة عن الزلزال تأثير سلبي على الاقتصاد لفترة زمنية معينة. ومع ذلك؛ فمع الانتهاء من إعادة الإعمار وتجديد البنية التحتية، يمكن خفض التكلفة الاقتصادية. مؤكدًا أن أعمال البناء الجديدة التي بدأها الجمهور ستساعد في التعافي السريع للمنطقة وعودة الحياة إلى طبيعتها.

زر الذهاب إلى الأعلى