الجاليات في تركيا

الدمج في المدارس.. ارتباك تركي يدفع ثمنه الطلاب السوريون

تسبب القرار التركي بدمج الطلاب السوريين مع نظرائهم الأتراك في مدارس تركية، بارتباك كبير، بسبب اختلاف تنفيذه بين ولاية وأخرى، وحتى داخل المدارس في الولاية الواحدة، مما أوجد حالة من القلق لدى الطلاب السوريين وذويهم.

وكان قرار من الوزارة التركية صدر، وينص على أن يتم البدء بتعليم طلاب السنة الأولى من كل مرحلة تعليمية باللغة التركية، وهذه الصفوف هي الأول والخامس والتاسع في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.

ولم يصادف تطبيق القرار على طلاب الصف الأول في المرحلة الابتدائية عقبات تذكر، في حين اختلف تطبيقه على طلاب الصف الخامس بين ولاية وأخرى ومدرسة وأخرى داخل الولاية الواحدة.

استيعاب اللغة

عمدت بعض المدارس التركية إلى افتتاح شعب صفية خاصة للطلاب السوريين، تعلمهم في الفصل الدراسي الأول اللغة التركية ليتم تعليمهم في الفصل الثاني مفردات المنهاج مكثفة.

فيما دمجت بعض المدارس الطلاب السوريين مع نظرائهم الأتراك وراحت تعلمهم المنهاج التركي دون مرحلة تحضيرية لتعلم اللغة.

أثار اختلاف تطبيق القرار الوزاري على طلاب الصف الخامس قلق ذوي الطلاب، حيث أشار أبو رشيد، والد أحد التلاميذ في مدينة عنتاب، إلى عدم قدرة ابنه على فهم المنهاج باللغة التركية لعدم معرفته بها، وتمنى على وزارة التربية التركية تعليم التلاميذ اللغة الجديدة قبل تدريسهم المقررات الدراسية.

ربيع، والد أحد التلاميذ في الصف الخامس، وُضع ابنه مع زملاء سوريين له بشعبة خاصة، لكنه يتخوف من أن لا يتمكن هؤلاء من إتقان اللغة بفصل واحد، وبالتالي عدم قدرتهم على استيعاب المنهاج الذي سيتم تكثيفه خلال الفصل الثاني.

المشكلة الأكبر

المشكلة الأكبر التي يواجهها الطلاب السوريون وذووهم الآن تتمثل في فرض التعليم المهني أو الشرعي على طلاب الصف التاسع، والذي يجري تطبيقه في ولاية غازي عنتاب حصرياً، على الرغم من أن القرار الوزاري التركي منح الطلاب حرية الاختيار بين الثانوية العامة أو المهنية أو الشرعية.

ولايات أخرى طبقت القرار الوزاري بشكل جيد فسمحت للطلاب السوريين التسجيل والدراسة في الاختصاص الذي يرغبونه.

ذوو الطلاب السوريين في مدينة غازي عنتاب حائرون في كيفية تسجيل أبنائهم وخائفون على مستقبلهم الذي سيؤولون إليه “إما مشايخ أو خياطين أو ميكانيكي سيارات”، حسب قول سميرة، والدة إحدى الطالبات.

وتضيف السيدة سميرة في حديث لـ اقتصاد: “ابنتي متفوقة وتحصل على العلامات الكاملة منذ دخلت المدرسة حتى الآن، أريد لها أن تدرس الصيدلة في الجامعة وهذه رغبتها أيضاً، وتحرمها الثانوية الشرعية أو المهنية هذه الفرصة”.

وتساءلت مستغربة “كيف يحدث ذلك في دولة متحضرة كتركيا، تصدر قرار وزارياً مركزياً ولا تلزم الولايات بتطبيقه كما جاء، هل يعقل أن تطبقه كل ولاية حسب تفسيرها الخاص ومصلحتها الخاصة، هل يريدون إخراج السوريين من مدينة غازي عنتاب لسبب ما، لأن كثيراً منهم ولا شك سيضطرون للانتقال إلى ولاية أخرى لتدريس أبنائهم في ثانويات عامة”.

 

◄ اقرأ سرّ القهوة التركية المدرجة على قوائم التراث الثقافي العالمي

ما الحل؟

وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة أجرت لقاءات مع مسؤولين تربويين أتراك في محاولة لإيجاد حل لهذه المشكلة، ولكنها لم تحصل على جواب يحمل حلاً يطمئن السوريين إلى مستقبل أولادهم.

يحيى عبد الله، مدير مكتب وزير التربية، قال: “إننا أمام مشكلة حقيقية، ابني في الصف التاسع، ولم أسجله في أي مدرسة حتى الآن لأنني أريده أن يدرس في ثانوية عامة”.

وأضاف في حديث لـ “اقتصاد”: “سنستمر في البحث مع الجانب التركي عن حل للمشكلة، عرضت الموضوع على الوزير عماد برق الموجود في الداخل السوري، وهو سيحضر خلال أيام للقاء المسؤولين الأتراك في محاولة لإيجاد حل يضمن مستقبل الطلاب السوريين”.

يُذكر أن ولايات أخرى مثل هاتاي والعثمانية ومرسين لاتزال تسمح بتدريس طلاب الصف التاسع باللغة العربية، كما أنها قبلت تسجيل الطلاب في الثانوية العامة وتأهيلهم لغوياً في الفصل الأول، أما فرض التدريس المهني والشرعي فهو محصور بولاية غازي عنتاب.

يذكر أن عدداً كبيراً من السوريين أبدوا انزعاجهم من فرض التعليم باللغة التركية والمنهاج التركي على أبنائهم، ووجدوا فيه إبعاداً لهم عن لغتهم الأم ومنهاجهم العربي، ومنهم من ذهب أبعد من ذلك، ووجد في القرار مقدمة لتتريك السوريين اللاجئين في تركيا.

 

عبد السلام حاج بكري – اقتصاد

 

زر الذهاب إلى الأعلى