أخــبـار مـحـلـيـةاقـتصــاديـةمـنـوعــات

السياحة الطبية | 700 ألف قدموا إلى تركيا العام الماضي بهدف الاستشفاء والعلاج

مراكز الاستشفاء الطبيعية المنتشرة في عموم تركيا، والمستشفيات العديدة في مختلف الولايات مع ما تقدمه من خدمات، تعتبر من أبرز مظاهر السياحة الطبية في البلاد، الأمر الذي رفع عدد الوافدين بغرض الاستشفاء والعلاج لأكثر من 700 ألف في العام السابق.

وشكلت منطقة الأناضول في التاريخ، مركزا للاستشفاء منذ الإغريق الذين كان لديهم “أسكليبوس” إله الطب والشفاء حسب معتقدهم، واستمر الأمر في عهد الرومان، حيث عاش أبقراط المعروف بلقب “أبي الطب” في إزمير (غرب) قبل الميلاد، وامتد بعدها لفترة حكم السلاجقة والعثمانيين، وحاليا تحفل تركيا بالمراكز الطبيعية مع المنشآت الحديثة، حيث ينابيع المياه المعدنية الطبيعية.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها الأناضول من وزارة السياحة والثقافة التركية، فإن مراكز الاستشفاء خلال العام الماضي، شهدت زيارة 550 ألف سائح أجنبي من مختلف أنحاء العالم، حيث تبلغ عدد الينابيع الطبيعية 1500، وتحتل بها تركيا المرتبة الأولى على مستوى أوروبا.

فيما تحتل الثالثة أوروبياً، على مستوى المنشآت التي تعتمد على المياه المعدنية. إذ تأتي إيطاليا أولا بـ 300 منشأة، تليها ألمانيا بـ 260، فيما تأتي تركيا ثالثة بـ 240 منشأة. وتسعى وزارة السياحة والثقافة التركية، إلى أن يصل عدد السياح إلى مليون ونصف مليون سائح في عام 2018، بعائدات تصل إلى 3 مليارات من الدولارات.

وتتركز الينابيع والمنشآت في منطقة بحري إيجة (جنوب غرب) ومرمرة (شمال غرب) ومنطقة الأناضول (وسط)، أما من ناحية المدن فتأتي يالوفا وإسطنبول أولا، ثم بورصا وبالكسير، وبعدها صكاريا وتشناقلعة ، وكلها تقع شمال غربي البلاد، وفي منطقة الأناضول تأتي أنقرة، تليها كل من نيفشهير وسيفاس وإسكيشهير (وسط).

ومع وجود نسبة عالية من المعادن المفيدة للعلاج في المياه المعدنية، وامتزاج الينابيع مع التاريخ الثقافي الغني والطبيعة الخلابة، أصبح الجو مناسبا للسياحة الطبية.

ويضاف إلى الاستشفاء بالمراكز الطبيعية وينابيع المياه الحارة، العلاج في المشافي التركية المنتشرة في مختلف أنحاء تركيا، في مجالات العمليات والعظام، وزراعة الشعر، والتجميل، وشفط الدهون، حيث تتميز بالجودة والأسعار المناسبة.

وقال باشاران أولوصوي، رئيس مجلس إدارة اتحاد وكالات السياحة التركية، في تصريحات سابقة، إن السياحة الطبية حققت في تركيا عام 2014 دخلا بقيمة 2.5 مليار دولار، وأن التوقعات أن تصل في العام 2023 إلى نحو 25 مليار دولار. الدكتور مختار فاتح، طبيب اختصاصي أطفال، ومدير قسم المرضى الدوليين في مستشفى “ميديكال بارك” بإزمير، أفاد بأن “السياحة العلاجية واحدة من أهم المنتجات السياحية في تركيا، ووجهة للسياح العرب، إذ لوحظ ارتفاع عددهم للقيام بعمليات جراحية عديدة، منها أمراض السرطان، وتقويم العظام، وشفط الدهون، وزراعة الشعر”.

وكشف فاتح في حديث لوكالة الأناضول، أنه “نظرا إلى عراقة تاريخ الاستشفاء في منطقة الأناضول، نهضت تركيا وطورت قطاع السياحة، والرعاية الصحية في السنوات السابقة، وتطورت عالميا مع توافر كافة مقومات النجاح، من مصحّات ومنتجعات في مختلف المناطق، فضلا عن النظام الصحي والضمان”.

ولفت إلى أن “نظام الرعاية الطبية في تركيا يعتمد على نظام صارم في تطبيق المعايير الطبية والتقنية، وأدى ذلك إلى جذب السياحة العلاجية، وجذب السياح لتلقي العلاج، كما أن وزارة الصحة تدير 55% من المستشفيات التي يقدر عددها بـ1200، حاصلة على اعتمادات محلية ودولية”. الطبيب “فاتح” بيّن أيضا أن “المستشفيات تقدم خدمات علاجية مجهزة بشكل جيد، وأطباؤها مدربون على أعلى مستويات عالمية، علاوة على أن معظم المؤسسات العلاجية تضم أطباء يتحدثون عدة لغات”.

وعن مميزات السياحة العلاجية بتركيا، قال فاتح إن “الأسعار مناسبة، خاصة للأوروبيين والعرب، والخدمات المتوافرة ما بعد العلاج جيدة، والمناطق الصحية غير خاضعة للضريبة، ولها تأثير على القطاع الصحي الخاص”. وأضاف أن “الحمامات الساخنة متواجدة في كل مكان، والينابيع المعدنية لها فنادق ومنشآت، وفيها مميزات وخصائص طبيعية، خاصة للاستشفاء من الأمراض، وتساهم في فترة النقاهة، وتنتشر في مختلف الولايات التركية”.

ونوه بدور “التشريعات الحكومية المساهمة في تطور الخدمات، ومنح التسهيلات بالقدوم إلى تركيا، فضلا عن شبكة خطوط الطيران التركية لكافة أنحاء العالم، وداخل البلاد، إضافة إلى شبكة المواصلات المتنوعة”. كما أشار إلى أنه “بهذه المميزات احتلت تركيا المرتبة العاشرة عالميا في مجال السياحة الطبية، وبلغ العدد نحو 700 ألف سائح في العام الماضي”، متوقعا أن يصل العدد في السنوات القادمة إلى نحو مليون سائح، حيث إن “الحصة العالمية في السياحة الطبية تبلغ 30 مليون، بقيمة 150 مليار دولار سنويا”.

أوزغور أوزمن، نائب مدير مستشفى “أوراسيا” في إسطنبول، قال إن “الواقع الطبي في تركيا متميز، وفيه تقدم تقني كبير، من خلال الأجهزة الحديثة التي يوجد القليل منها في العالم، إلا أنها موجودة في المستشفيات التركية، فضلا عن الكوادر الطبية المتميزة”.

واعتبر في تصريحات للأناضول، أن “ما سبق أمور مهمة في السياحة الطبية، لتقديم الخدمات المناسبة للسياح والمرضى، إضافة إلى تقديمها الدعم الاقتصادي للبلاد، فالسائح الطبي عادة يصرف 8 أضعاف السائح العادي”.

وعن ردود الأفعال التي حصل عليها من المرضى العرب الذين يأتون للعلاج، أفاد بأن “المرضى يرون ما يرضيهم في المستشفيات، وكثير منهم يتعافون، وقبل أن يأتوا يتم تشخيص حالتهم، ويتم تقييم الوضع الطبي، وبناء عليه يتم استدعاؤهم لتركيا، وبذلك يكون المريض قد حصل على الخدمة المتميزة”.وردا على سؤال حول الخدمات الصحية ومميزاتها، كشف أن “هناك معايير لمن يريد أن يأتي للمعاينة والكشف، حسب العمر والجنس، فتقدم الباقات المناسبة لهم، ويقدمون للسائحين العرب خدمة زراعة الشعر وهي متقدمة، وهناك رضى عنه، فضلا عن جراحة العظام، والعلاج الفيزيائي، وجراحة التجميل”.

وشدد على أن “الأسعار تعتبر رخيصة بالنسبة إلى الدول الأخرى في السياحة العلاجية، على الرغم من نفس التقنيات التي في تركيا، حيث تجد نفسها في أمريكا وأوروبا”. وخلال جولة لمراسل الأناضول في المستشفى، تواجد أفراد عراقيون يتلقون العلاج، من بينهم المواطن “حسين علي” من بغداد، وهو مقيم في تركيا منذ عام ونصف، من أجل علاج ابنته التي تعاني مرض السرطان في الدماغ.

وقال “علي” للأناضول أن “ابنته أكملت العلاج وتعافت حاليا، حيث أجريت لها عملية، وجرعات كيمياوية وأشعة، وتجاوبت وتعافت”، واصفا الخدمات المقدمة بأنها “جيدة وهناك تجاوب من قبل الأطباء، مع إمكانية لتخفيض في الأسعار”.

الشاب “عامر اللامي” من بغداد أيضا، أوضح أن “هناك رعاية صحية ونظافة، والأسعار مقبولة قياسا بالأسعار الأوروبية، حيث إن زوجته أجرت عدة معاينات، والوضع جيد حاليا”. كذلك قال أحمد حسين العزام من بغداد، إن “الأسعار مقبولة، ولديه مرض الضغط، وراجع المشفى من أجل العلاج، والنظام الطبي يشبه النظام الأوروبي، والخدمات المقدمة هي أكثر من المتوقع”.

زر الذهاب إلى الأعلى