أخــبـار مـحـلـيـةمقالات و أراء

العدالة والتنمية: ماذا ربح وماذا خسر من تحالفه مع القوميين؟

الكاتب: سعيد الحاج, باحث في الشأن التركي

عام 2014 وقبل الانتخابات الرئاسية، اتهم رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي الرئيس التركي (ومرشح حزب العدالة والتنمية للرئاسيات) برفع حدة الاستقطاب في تركيا، وسعى لإقناع الرئيس السابق عبدالله غل بالترشح للانتخابات الرئاسية في مواجهة اردوغان كمرشح توافقي للمعارضة، حيث كان الحركة القومية قد أنشأة تحالفاً انتخابياً مع حزب الشعب الجمهوري حينها، لكن غل رفض فتوافق الحزبان المعارضان على ترشيح الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو في مواجهة اردوغان.

في انتخابات حزيران/يونيو 2015، رفض بهجلي كل محاولات رئيس الوزراء المكلف حينها أحمد داود أوغلو لتشكيل حكومة ائتلافية، حتى اشتهر بكلمة “لا”، ما ساهم في ذهاب البلاد لانتخابات مبكرة (إعادة الانتخابات) بعد 5 أشهر تقريباً.

في 2018، خاض اردوغان الانتخابات الرئاسية مرشحاً لتحالف الشعب (أو الجمهور) المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية (ومعهما حزب الاتحاد الكبير). وحين رشح للإعلام نية غل الترشح هاجم بهجلي نفسه “تأخُّرَهُ في إعلان دعمه لاردوغان”، معتبراً مجرد تفكيره في الترشح مقابله “خيانة”.

فما الذي تغير خلال أربع سنوات أو أقل بين الحزبين لينتقلا من يؤسسا تحالفاً يبدو أنه ما زال مستمراً رغم الكثير من العقبات والمشاكل؟

تحالف الشعب

رفض دولت بهجلي المشاركة في حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية بعد انتخابات حزيران/يونيو 2015 والتي خسر فيها الأخير الأغلبية البرلمانية، كما رفض دعم حكومة أقلية يشكلها الأخير، ورفض كذلك المشاركة في حكومة تسيير الأعمال التي أدارت البلاد لحين انتخابات الإعادة في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 لدرجة أنه طرد من حزبه القيادي البارز فيه ونجل مؤسسه توغرول توركيش لقبوله المشاركة فيها.

لكن عام 2016 حاسماً جداً في مسار التقارب بين الحزبين، وشهد تبلور الإرهاصات الأولى لما سمي لاحقاً تحالف الشعب أو الجمهور، حيث شهد ذلك العام تطورين مهمين على صعيد الحركة القومية والبلاد على حد سواء.

خاض زعيم القوميين دولت بهجلي صراعاً مريراً للبقاء على كرسي الرئاسة في حزبه عام 2016، فقد ارتفعت الأصوات المعارضة له داخل الحزب وكان أحد أهم أسباب ذلك – للمفارقة – “عدميته” السياسية من وجهة نظر المعترضين بسبب رفضه كل السيناريوهات التي طرحت على حزبه غداة انتخابات حزيران/يونيو 2015، ما أدى إلى تراجع حضور الحزب تصويتياً وجماهيرياً من وجهة نظرهم.

قاد هذا التيار قيادات بارزة في الحزب في مقدمتهم ميرال أكشنار (وزير الداخلية ونائب رئيس البرلمان الأسبق(، كوراي آيدن )سكرتير الحزب ووزير الإسكان ونائب رئيس البرلمان الأسبق(، سينان أوغان )البرلماني السابق(، يوسف حلاج أوغلو )نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزبه سابقاً( وأوميت أوزداغ )النائب الأسبق لرئيس الحزب(. جمع هؤلاء توقيعات من مناديب وكوادر الحزب لعقد جمعية عمومية طارئة للحزب وأعلنوا ترشحهم مقابل بهجلي، قبل أن يجتمعوا ويوحدوا جهودهم. رفضت قيادة الحزب فكرة الهيئة العمومية، لكن التيار المعارض نظم المؤتمر في حزيران/يونيو 2016.

على مراحل، بدءاً من آذار/مارس 2016 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، اتخذت قيادة الحزب قرارات  تأديبية بإخراج جميع هؤلاء من الحزب، باستثناء كوراي آيدن الذي استقال بنفسه في تشرين الأول/أكتوبر 2017 وانضم لحركة المعارضين، الذين أسسوا لاحقاً “الحزب الجيد” بقيادة اكشنار نفسها.

في حزيران/يونيو 2016، ألغت إحدى محاكم أنقرة المؤتمر العام الذي نظمه المعارضوم لبهجلي واعتبرت كل القرارات التي اتخذت خلاله لاغية. قرار اعتبره القياديون المعارضون دعماً من اردوغان والحكومة لبهجلي، ورآى فيه البعض لعباً من العدالة والتنمية على وتر الخلافات داخل الحركة القومية لإضعافه. لكن المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز/يوليو 2016 قلبت كل المعادلات داخل الحركة القومية لصالح بهجلي.

دولت بهجلي: رجل الدولة

يعرف زعيم القوميين في تركيا بأنه “رجل دولة” بمعنى أنه ممن يقدم المصلحة الوطنية العامة على الحزبية والشخصية الضيقة، وقد حصا ذلك بالتأكيد في مرات عديدة، ولعله يصلح أن نضيف له صفة “رجل الدولة” أيضاً بمعنى أوسع من ذاك.

أياً يكن الأمر، فقد اختلفت مواقف الرجل جذرياً بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016. فقد رآها الرجل استهدافاً للدولة ونظامها السياسي وتجربتها الديمقراطية قبل أن تكون انقلاباً على اردوغان وحكومة العدالة والتنمية. ومن هذا المنطلق فقد كرس الرجل نفسه وحزبه، وفق ما يقول، للحفاظ على الدولة ونظامها ومؤسساتها من خلال التعاون والتحالف مع المنتخبين من قبل الشعب وفي مقدمتهم اردوغان، بل والاستعداد للتضحية في سبيل ذلك دون أن يساوم أو يفاوض على مكاسب لصالح حزبه، او هكذا قال.

رأى بهجلي أن الأمر لم يعد منافسة سياسية بل إن مستقبل تركيا وبقاءها واستقلالها أصبحوا على المحك، ولذلك فقد اصطف بشكل واضح إلى جانب اردوغان والعدالة والتنمية في السياسات الداخلية والخارجية بلا استثناء مهم يذكر حتى مؤخراً. دعم الحركة القومية سياسة “تطهير” مؤسسات الدولة من جماعة كولن، والعمليات العسكرية التركية في سوريا والعراق، والسياسات الأمنية والاقتصادية في الداخل، وكان هو من أعاد طرح فكرة النظام الرئاسي على طاولة الحوار السياسي في البلاد.

تحدث الطرفان، العدالة والتنمية والحركة القومية، عن تيار أو جبهة وطنية عريضة تضم كل من هو “محلّي ووطني” وفق تعبير اردوغان، وقد استمر التنسيق الوثيق بينهما شهوراً عديدة. كان لافتاً أن بعض القرارات أو الاتجاهات المصيرية أتت من قبل بهجلي وليس اردوغان أو أحد قيادات حزبه، مثل الدعوة لإقرار النظام الرئاسي (كان العدالة والتنمية قد تراجع مؤقتاً عن الفكرة بعد انتخابات حزيران 2015) والدعوة لتبكير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة في حزيران/يونيو الفائت، أقر البرلمان التركي قانون التحالفات الانتخابية ليتحول مسار التعاون بين الحزبين إلى تحالف رسمي وقانوني وفق الدستور أسمي تحالف “الشعب” او “الجمهور”، وانضم له لاحقاً بشكل غير رسمي حزب الاتحاد الكبير القومي، في مقابل تحالف “الأمة” أو “الشعب” المعارض.

بعد الانتخابات، التي فاز فيها تحالف الشعب بأغلبية البرلمان ومرشحه – اردوغان – بالرئاسة من الجولة الأولى، انفض تحالف الأمة المعارض، بينما استمر تحالف الشعب ولكن في ظلال نقاشات وجدالالت أعادت للسطح مرة أخرى الخلافات بين الحزبين التي لم يستطع التحالف إذابتها أو حلها، لا سيما بعد النتيجة التي حصل عليها القوميون.

كانت معظم التوقعات تشير إلى تراجع حضور الحركة القومية، خصوصاً بعد انشقاق الحزب الجيد عنه، وأنه لن يدخل البرلمان إلا من خلال التحالف مع العدالة والتنمية وفق القانون الجديد. لكنه فاجأ الجميع بتخطيه العتبة الانتخابية منفرداً، إضافة لفشل العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية البرلمانية بمفرده، ما يعني حاجته لبهجلي وحزبه في العمل التشريعي داخل البرلمان.

قبل أسابيع فقط أعلن بهجلي أمام كتلة حزبه الانتخابية عدم رغبة الأخير في تشكيل تحالف مع العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية والمحلية المقبلة، موجهاً – لأول مرة منذ سنوات – انتقادات حادة لاردوغان، وداعياً للتوازن في العلاقة بين الحزبين المتحالفين بعيداً عن معادلة “الشريك الأكبر والشريك الأصغر”، مع التأكيد على أن التحالف السياسي العام ما زال قائماً ومطلوباً وضرورياً.

ملفان خلافيان برزا في الآونة الأخيرة بين الحزبين المتحالفين، مشروع قرار قدمه الحركة القومية للبرلمان لإصدار عفو عام عن المساجين بشروط معينة رفضه العدالة والتنمية بشدة، و”القَسَم الطلابي” الذي أعاده مجلس القضاء الأعلى بعد أن كانت حكومة العدالة والتنمية قد ألغته عام 2013 ضمن حزمة إصلاحات ديمقراطية. يرى الحركة القومية هذا القسم، الذي يردده الطلاب في الطابور الصباحي وأهم جمله “أنا تركي”، تأكيداً على الهوية التركية للبلاد بينما يخشى العدالة والتنمية من إحالاته التفريقية بين مكونات الشعب من أعراق أخرى (لا سيما الأكراد).

عاد الحزبان مؤخراً إلى مباحثات التحالف الانتخابي، الذي لم تتضح بعد معادلته وحدوده وإمكانات بلورته وبالتالي فرص نجاحه، ما يعطي دفعة جديدة لتحالفها السياسي والاستراتيجي الأهم.

المكاسب والخسائر

ما زال تحالف الشعب/الجمهور متماسكاً رغم الهزة الأخيرة، وقد أثبت الحركة القومية على مدى السنتين الأخيرتين أنه أقرب للعدالة والتنمية من أحزاب المعارضة الأخرى.

وإذا كانت “المصلحة” بمعناها الواسع هي محور السياسة وقراراتها، فكيف يمكن تقييم مكاسب كل طرف من هذا التحالف؟

بحساب أولي سريع، فقد استفاد العدالة والتنمية من هذا التحالف عدة أمور لا يمكن الاستهانة بها وبتأثيرها على المشهد السياسي الداخلي، في مقدمتها:

أولاً، إقرار النظام الرئاسي في البلاد، بدعم الحركة القومية تحت قبة البرلمان لإيصال الأمر للاستفتاء الشعبي (بغض النظر عن نسبة تصويت القوميين فيه)، وهو ما يعتبره الحزب تتويجاً وتثبيتاً لكل الإصلاحات الدستورية والقانونية السابقة التي قدمها، وأهم عامل مساهم في الاستقرار الداخلي.

ثانياً، فوز اردوغان في الانتخابات الرئاسية ومن الجولة الأولى في أول انتخابات وفق النظام الرئاسي، حيث استفاد من دعم الحركة القومية وعدم ترشيحه منافساً له فضلاً عن أن ينسق مع المعارضة كما فعل في 2014.

ثالثاً، فوز تحالف الشعب بالأغلبية البرلمانية بعد أن فقدها العدالة والتنمية بفارق 5 مقاعد فقط.

رابعاً، دعم الحركة القومية داخل البرلمان لإقرار مختلف التشريعات التي سبقت إقرار النظام الرئاسي ولحقته، وخصوصاً “قوانين المواءمة”.

خامساً، الغطاء السياسي الذي قدمه بهجلي وحزبه لاردوغان والعدالة والتنمية والحكومة في عدة ملفات داخلية وخارجية كما سبق تفصيله.

سادساً، حالة الاستقرار السياسي في البلاد.

سابعاً، ثمة استشراف بأن الحزب سيستفيد من التحالف مع الحركة القومية في الانتخابات البلدية المقبلة، خصوصاً في المدن الكبرى وذات الرمزية وفي مقدمتها إسطنبول وأنقرة حيث لم يقدم الحركة القومية فيهما (ولا في إزمير) مرشحاً له، ما يزيد من فرص مرشحبي العدالة والتنمية.

في المقابل، ينظر الكثيرون للحكومة التي شكلها اردوغان بعد الانتخابات الأخيرة ويستغربون من خلوها من أي وزير “قومي” كما كان متوقعاً كنوع من استحقاقات التحالف أو التفاوض أو حتى العرفان بالجميل من قبل اردوغان. والحقيقة أن بهجلي نفسه قد قال مراراً بأنه لا يريد لحزبه مناصب وزارية، ولعله يريد من خلال ذلك ألا يظهر كمنتفع من التحالف مع العدالة والتنمية. لكن ذلك لا يعني أنه وحزبه لم يكسبا من هذا التحالف.

فأولاً، ولعله الأهم بالنسبة لبجهلي، حسم الأخير الصراع على كرسي رئاسة حزبه عبر دعم الحكومة والجهاز القضائي، حتى أقصى جميع معارضيه الكبار وأمن استقرار الاوضاع داخل حزبه.

وثانياً، يرى الحزب في المناصب البيروقراطية في مختلف مؤسسات الدولة مكسباً اكبر بكثير من منصب وزاري قد لا يدوم ولا يفيد.

وثالثاً، لا يبدو الحزب مستعجلاً على قطف ثمار التحالف بعد الانتخابات، لعله من باب إدراكه أنه خرج منها قوياً بما يكفي ليراعي العدالة والتنمية مصالحه دون طلب منه، حيث لا يستطيع العدالة والتنمية سن أي قانون داخل البرلمان إن عارضه الحركة القومية (بافتراض أن باقي أحزاب المعارضة سترفضه أيضاً).

ورابعاً، فقد كسب الحركة القومية من التحالف مع العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ومن الخزان الانتخابي للأخير على وجه التحديد. فقد أظهرت الإحصاءات التفصيلية للدوائر الانتخابية في عموم تركيا أن الحركة القومية قد عوّض ما خسره لصالح الحزب الجيد من رصيد العدالة والتنمية وهو ما قدر بحوالي %4-5 من عموم ناخبي تركيا.

وخامساً، ثمة ما هو أهم وأكثر استراتيجية بالنسبة للحركة القومية، وهو السياسات العامة للدولة في الداخل والخارج، والتي يمكن القول بأريحية أنها أقرب وأكثر شبهاً بالحركة  القومية منها للعدالة والتنمية، على الأقل في بداياته ومنطلقاته الأولى.

إن الناظر إلى سياسات العدالة والتنمية وخطابه في السنوات القليلة الأخيرة سيلمح ولا شك جنوحاً نحو اليمين والشعبوية والقومية بما يختلف جذرياً عن سياساته وخطابه في السنوات الأولى بل ربما حتى سنة 2015. باتت “مكافحة الإرهاب” العنوان الأبرز المرفوع داخلياً، والمحددات الأمنية الدافع الأكبر للسياسة الخارجية التركية خصوصاً في المنطقة لا سيما في سوريا، وعملية التسوية مع “الأكراد” في الثلاجة وفق تعبير الرئيس التركي دون أي إشارات على قرب خروجها منه.

الخطاب بات أكثر حدة وأضيق ذرعاً بـ”الآخر”، وباتت مفردة الإرهاب كثيرة الترداد، واقترنت أحياناً بمن يعتدي على طبيب أثناء ممارسة مهنته أو من يخزن بعض المنتجاب الزراعية لرفع سعرها استغلالاً للأزمة المالية.

بالتأكيد ليس ذلك كله بسبب التحالف مع الحركة القومية. فالظروف الداخلية وخصوصاً الخارجية التي تزامنت مع تأسيس العدالة والتنمية وبدء حكمه لم يتبق منها شيء تقريباً. تحولت المنطقة من “صفر مشاكل” إلى “صفر هدوء”، وأحيطت تركيا بأزمتين كبيرتين ولاهبتين في كل من سوريا والعراق، فضلاً عن الحصار على إيران والازمة الخليجية وغيرها. وباتت أنقرة مهددة بإنشاء كيان معاد لها على حدودها الجنوبية يقوده الامتداد السوري للحزب الإرهابي الذي يحاربها منذ 30 عاماً.

ولذلك، مثلاً، يرى المدير العام لمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا” برهان الدين دوران أن المنظومة الفكرية للعدالة والتنمية، وتأثراً بالكثير من العوامل الداخلية والخارجية، قد تبدلت على مدى السنوات الـ17 الماضية من “حزب ديمقراطي محافظ” بين يدي التأسيس، إلى خطاب “الأمة” مع ثورات العالم العربي، إلى معاير “المحلي والوطني” المرفوع مؤخراً.

إذن، ليس التحالف مع الحركة القومية العامل الوحيد وربما ليس الأهم في المتغيرات المذكورة، بيد أن تأثيره أيضاً لا يمكن غغفاله أو تجاهله. ذلك أن هذا التحالف فرض خطاباً يمكنه أن يستقطب القوميين ويجذب أصواتهم وتأييدهم، وبالتالي جنح – إرادياً او لا إرادياً – نحو الخطاب اليميني والقومي وأحياناً الشعبوي.

أخيراً، ما الذي ينتظر هذا التحالف على المدى البعيد؟

حسناً، لا يمكن المجازفة بتقديم توقعات جازمة في ظل المتغيرات المتسارعة داخلياً وخارجياً. لكن التحالف ما زال حاجة للطرفين في المدى المنظور كما أن النظام الرئاسي يدفع بهذا الاتجاه من جهة، كما أن الخلافات بينهما مرشحة للتفاقم مستقبلاً وعلى المدى المتوسط من جهة أخرى خصوصاً وأن العدالة والتنمية ليس سعيداً – وإن لم يظهر ذلك – باستقواء الحركة القومية بنتائج الانتخابات وحاجته له، كما أنه غير راغب ولا قادر على الابتعاد كثيراً عن “إعدادات التأسيس” الخاصة به.

والحال كذلك، وفي ظل تبدل التحالفات المستمر بلا توقف في تركيا في السنوات العشرين الأخيرة على أقل تقدير، فليس من المضمون بقاء تحالف الشعب و/أو استمراره بنفس المحددات والسياسات والأسلوب، خصوصاً إذا ما حصلت متغيرات جذرية في بعض العوامل المهمة والمؤثرة داخلياً و/أو خارجياً.

زر الذهاب إلى الأعلى