أخــبـار مـحـلـيـة

العلاقات الأردنية التركية..نحو مزيد من التناغم (تقرير)

 

تتجه العلاقات الأردنية التركية لمزيد من التعاون خاصة بعد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إلى أنقرة، بعد أسابيع فقط من إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان، لولاية رئاسية ثانية، لتشكل فرصة لتعميق مستوى التناغم والتفاهم بين البلدين في مختلف الجوانب، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ففي 4 يوليو/ تموز الماضي، أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، زيارة رسمية إلى أنقرة، والتقى الرئيس أردوغان.

وفي نفس الزيارة، التقى وزير الخارجية الأردني، بنظيره التركي هاكان فيدان، بعد شهر فقط من تعيين الأخير في منصبه الجديد، وتم الاتفاق على إدانة “العدوان” الإسرائيلي على جنين.

القضية الفلسطينية الحاضرة التي لا تغيب عن لقاءات الجانبين، ولكن الأزمات الإقليمية والدولية، وبحث سبل التوصل إلى حلول لها، هي الأخرى كانت موضع نقاش وتبادل وجهات النظر، بين المسؤولين في كلا البلدين.

ويعود تاريخ العلاقات الأردنية التركية إلى ثلاثينيات القرن الماضي، بعد قيام الملك المؤسس عبد الله الأول، بزيارة رسمية إلى الجمهورية التركية كأول زعيم عربي يقوم بذلك، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في 1918، وتأسيس الجمهورية التركية في 1923، وتعززت هذه العلاقات أكثر في العقدين الأخيرين.

الصفدي، وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع فيدان، أوضح بأن العلاقات الأردنية مع تركيا “مهمة وذات أثر إيجابي على المصالح المشتركة وتنعكس على المنطقة برمتها”، وهو ما يؤكد وجهة النظر بأهمية أدوار البلدين في وضع حد للأزمات.

الوزير الأردني تناول في حديثه محاور سياسية واقتصادية بين البلدين، ما يعني أن عمان وأنقرة مقبلتين على مرحلة جديدة وأكثر جدّية في العلاقات.

مراسل الأناضول، استطلع آراء عدد من المحللين والخبراء مستقبل العلاقات الأردنية التركية وآفاق تطويرها وإمكانيات ذلك ومساحاته.

** وساطة نشطة وسياسة خارجية عقلانية

جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية (حكومية)، قال للأناضول، “تركيا دولة جارة للأردن، لا يفصلها عنها إلا سوريا”.

وأضاف الشلبي، “يلعب موقع الأردن الجيوسياسي والجيواستراتيجي، عبر حدوده مع دول عربية كبرى كالسعودية والعراق وسوريا وحتى إسرائيل، وتشابكها مع القضية الفلسطينية، دورا يتجاوز واقعه المالي والاقتصادي وإمكانياته الظاهرة”.

واستدرك “لهذا السبب، يسعى الأردن عبر سياسة الباب المفتوح، أن يبقى على تماس تام، ومسافة واحدة مع الجميع، بما فيهم تركيا، التي تعد واحدة من القوى الإقليمية المهمة في الساحة الشرق أوسطية”.

وأشار الشلبي، إلى أنه “على الرغم من أن الأردن يتأثر، أحيانا، بمواقف دول عربية أخرى (لم يسمها) إزاء تركيا، إلا أن قرار المملكة في التحرك نحوها أكثر تحررا واندفاعا من قراره نحو الانفتاح تجاه إيران على سبيل المثال”.

وقال إن “الأردن يرى تركيا دولة عميقة، لها من التاريخ الطويل المرتبط بهذه المنطقة، ولها إمكانيات سياسية واقتصادية كبرى، فضلاً عن رابط الدين، الأمر الذي يدفع أصحاب القرار الأردني الأخذ بعين الاعتبار هذه الخصائص التي تتسم بها الدولة التركية المعاصرة، وجعلها محل نظر وسياسات عمّان بشكل أو بآخر”.

وأردف “الأردن الرسمي والشعبي أصبح لديه رؤية إيجابية جدا عن تركيا؛ بفضل الإعلام والدراما التركية، وهي القوة الناعمة لتي أعطت رؤى وتصور وأفكار جديدة عن تركيا والأتراك، وحياتهم اليومية بتفاصيلها المختلفة، وفي كافة المجالات منذ تسعينيات القرن الماضي وإلى اليوم”.

واستطرد “لذلك لا عجب أن تسعى الدولة الأردنية وأجهزتها المختلفة إلى تعميق علاقتها مع تركيا وتوسيعها لمصالح دولهما وشعبيهما”.

واعتبر الأكاديمي الأردني، أن “المملكة كما هو حال تركيا، تشعر بضرورة قيامها بدور الوسيط النشط في إخماد الحرائق والصراعات والحروب في الشرق الأوسط”.

ولفت إلى أن “الأردن اعتمد سياسية خارجية واقعية، وعقلانية، ووسطية في التعاطي مع القضايا القائمة في المنطقة”.

وتابع “في ظل عالم تتطور فيها الآلة والتكنولوجيا بشكل أسرع من القرارات السياسية والإنسانية، وفي ظل حالة الاستقطابات الاقتصادية التي بدأت تتشكل، ليس أمام الأردن وتركيا إلا العمل سوية وبنشاط، وتنسيق الجهود، على الأقل، على المستوى الاقتصادي”.

الشلبي، يرى أن “تركيا تدرك أهمية موقع الأردن كطريق واصل بينها وبين أسواق دول الخليج العربي، ما يجعل فكرة أي مشروع اقتصادي مستقبلي واسع بين العملاقين الاقتصاديين في المنطقة، تركيا ودول الخليج، تحتاج إلى علاقة قوية وثابتة مع الأردن”.

** الأردن بحاجة لعلاقة مميزة مع تركيا

المحلل السياسي عامر السبايلة، قال للأناضول، “منطقيا، الأردن بحاجة إلى تحالف مع دولة مثل تركيا في الإقليم، وهذا الواقع الذي تشكّل في السنوات الأخيرة”.

وأشار السبايلة، إلى أن “تركيا قوة وازنة وجزء أساسي من هذا الإقليم، والمملكة بحاجة أن تكون على علاقة مميزة وعميقة معها”.

وأوضح “كل الأخطاء السابقة في إدارة هذه العلاقة وعدم التقدم فيها، لا يمكن أن تكون اليوم أدوات معطّلة لفكرة بناء علاقة بين البلدين”.

ورأى أنه من الضروري “إعادة النظر استراتيجيا إلى هذه العلاقة، وهذا يجب أن يقود الأردن للحفاظ على مصالحه لعامل التوازن في الإقليم والاستفادة من تركيا على كل الصُعد”.

ولتحقيق ذلك، أشار السبايلة، “نظريا، إن ذلك بحاجة إلى إيجاد مساحات منفعة مشتركة أساسها اتفاقيات تجارية وتبادل اقتصادي، والاستفادة من الخبرات التركية بعمليات التنمية والتطوير، وإقامة مشاريع طويلة الأمد، وشراكات صناعية بهدف تطوير الصناعات وفتح أسواق”.

​​​​​​​** تنوع الشراكات وملف اللاجئين

خالد شنيكات، رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية (خاصة)، تناول في حديثه للأناضول العديد من مجالات التعاون بين عمان وأنقرة.

إذ اعتبر شنيكات، أن لتركيا خبرة في المجالات العسكرية، حيث “أصبحت دولة كبيرة في تصنيع المعدات العسكرية والأسلحة، وبالتالي من الممكن بناء شراكات في هذه المجالات”.

وأردف “كذلك هناك إمكانية بناء شراكات في المجالات الثقافية والتعليمية والصحية والبيئية، والبنى التحتية والنقل والطرق…”

وبيّن شنيكات، أنه “من الممكن أن تشهد العلاقات الأردنية التركية تعاونا في الملفات السياسية كملفات اللاجئين والوضع السوري ككل، حيث تسعى حكومتا البلدان إلى عودة آمنة للاجئين، وهذا يتطلب منهما دعم مصالحة سياسية وضمان استقرار الأوضاع في سوريا”.




زر الذهاب إلى الأعلى