العلاقات الأمريكية السعودية في ضوء قضية اختفاء جمال خاشقجي

تحاول المملكة العربية السعودية إثبات مدى تصميمها على القضاء على خصومها أينما كانوا، لكن هذه المواجهة قد تكون لها عواقب قانونية خطيرة، مما يضع حكام البلاد في موقف حساس.

من المعروف أن المملكة العربية السعودية هي إحدى الدول المفضلة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن المعروف أيضًا أن كونك محبوباً من قبل ترامب أو من قبل الولايات المتحدة، بشكل عام، ليس دائمًا أمرًا جيدًا. حتى عندما يكون بلدك محبوبًا من قِبل الولايات المتحدة، فإن واشنطن لا تعتبرك شريكًا متساوٍ بل تجعلك دائمًا تشعر بالدونية.

في الآونة الأخيرة، قال ترامب في اجتماع حاشد إن الملك السعودي لن يدوم في السلطة لمدة أسبوعين بدون الدعم العسكري من الولايات المتحدة. وتعني تلك الملاحظة غير الدبلوماسية أنه إذا لم تدفع المملكة العربية السعودية، فلن تحظى بالحماية الأمريكية بعد الآن. نفهم من هذه الكلمات أن ترامب يعتقد أن النظام السعودي ضعيف جدا. ضعيف إلى حد أنه قد ينهار في غضون أسبوعين إذا لم يكن الجيش الأمريكي موجودًا هناك للدفاع عن السلالة السعودية. هذه الكلمات لا تقل عن تهديد مبطن، لأننا ندرك أنه في اللحظة التي يقرر فيها الملك سلمان عدم اتباع هوى ترامب، فإن الولايات المتحدة ستتوقف عن دعم نظامه.

كلنا نعرف الأساليب التي استخدمتها الولايات المتحدة في الماضي لتهديد أو لتغيير الأنظمة التي لا تحبها، مثل إثارة الانقلابات العسكرية. علينا أن نعترف بأن هذه الطريقة أثبتت كفاءتها في بعض الحالات. المشكلة تكمن في أن ترامب يهدد المملكة العربية السعودية، أي الحليف الأقرب للولايات المتحدة في المنطقة. إذا كان هذا هو العلاج الذي يستحقه “صديق”، فإن المرء يتساءل عما يعتزم ترامب القيام به لأعدائه.

وردا على ذلك، ادعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن بلاده قادرة تماما على الدفاع عن نفسها. وأضاف أنهم لا يحتاجون إلى دفع أموال إضافية، لأن جميع الأسلحة التي تلقاها السعوديون من الولايات المتحدة قد تم دفع ثمنها بالفعل. بعبارة أخرى، ألمح إلى أن ترامب لم يقل الحقيقة حول العلاقة الثنائية.

لا نعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتوقف بالفعل عن حماية النظام، أو إذا كان السعوديون مدينين بالمال إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، من المثير للاهتمام ملاحظة أنه لا توجد دولة واحدة لم ينتهك ترامب سيادتها منذ وصوله إلى السلطة. ربما ستدفع ملاحظاته حول السعودية المملكة إلى إعادة تقييم علاقاتها الوثيقة مع واشنطن. إلى جانب ذلك، من المحتمل أن تشجع كلمات ترامب أولئك الذين يشككون في سلطة ولي العهد بالمملكة العربية السعودية. لأنها قد تفسر هذا على أنه دليل على أن واشنطن مستعدة للتخلي عنه.

يبدو أن الولايات المتحدة “قد فاقمت مخاوف النظام السعودي من بقائه. ربما تكون أخطاؤه الأخيرة نتيجة لهذا الضغط. ويبدو الآن أن النظام السعودي مصمم على القضاء على جميع أشكال المعارضة، وبكل الطرق الممكنة. بدلاً من إيجاد طرق للتصالح مع المعارضة والاستماع إلى النقاد، يحاول النظام السعودي إسكات وتدمير النقد بدافع الخوف”.

السعوديون مصممون جدا على عدم التردد في تعقب مواطنيهم الذين يعيشون في الخارج، دون الالتفات إلى العواقب الدولية لهذه الحماسة. حالة الصحافي السعودي في واشنطن بوست جمال خاشقجي، الذي اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول مثال على ذلك.

تحاول المملكة العربية السعودية إثبات مدى تصميمها على القضاء على المعارضين أينما كانوا. لكن هذه المواجهة قد تكون لها نتائج قضائية، مما يضع حكام البلاد في موقف حساس. لا يهتم السعوديون بعواقب كهذه في الوقت الحالي، على ما يبدو، لكن قد يتعرضون للإجراءات القانونية الدولية في يوم من الأيام. لذا فعليهم التصرف بشكل أفضل.

هذا وضع معقد بالنسبة للولايات المتحدة أيضًا. إذ كيف تبرر صداقة مع بلد يتتبع ويتخلص من خصومه في جميع أنحاء العالم؟ هذا النوع من الصداقة سيجعل العالم يطرح السؤال على الدبلوماسية الأمريكية. من ناحية أخرى، يجب على الولايات المتحدة أن تعلم أن الضغط المفرط على الحلفاء سيدفعهم نحو روسيا في النهاية.

نحن نعيش في وقت مثير للاهتمام عندما تدفع واشنطن، ليس فقط أعداءها، ولكن أيضا أصدقاءها إلى أذرع روسيا. دعونا نأمل ألا يقع السعوديون في هذا الفخ.

بريل ديدي أوغلو – ديلي صباح

Exit mobile version