ثقافيةروائع التاريخ العثماني

باني “سراييفو” الحديثة.. “غازي خسرو بك” أشهر أمير عثماني بالبوسنة

أسهمت إنجازات غازي خسرو بك، أشهر الأمراء العثمانيين في البوسنة، و”باني سراييفو الحديثة”، خلال النصف الأول من القرن السادس عشر، في تحول سراييفو من قرية متواضعة إلى واحدة من أجمل المدن الأوروبية في ذلك العصر.

 

ولد غازي خسرو (1480 ـ 1541) في إحدى المناطق اليونانية لأب بوسني، هو فرهاد بك من سلالة عائلة تومافاتش، الذين كانوا ملوكا على منطقة البلقان قبل الفتح الإسلامي، وأم تركية هي سلجوق سلطان، بنت السلطان العثماني بايزيد الثاني.

أنشأ غازي خسرو جيشا عثمانيا قويا في البوسنة، وتمكن من ضم مناطق واسعة في بلغاريا والمجر إلى السلطنة، كما قام ببناء سراييفو بشكلها الحالي، لتتحول إلى إحدى أجمل المدن الأوروبية في ذلك العصر.

وتمكن من بناء جامع كبير في سراييفو سمي باسمه، وسوق ومدرسة ومكتبة وسبيل ماء وغيرها، ما وفر للمدينة بنية تحتية قوية.

وشكلت الأبنية والمشاريع المهمة التي أشرف غازي خسرو شخصيا على بنائها، وجه سراييفو المعاصر، حتى بعد مرور قرابة 500 عام على إنشائها.

اهتم غازي خسرو بك، بأدق التفاصيل الهندسية والمعمارية، وحرص على أن تكون مرآة تعكس جمال الحضارة الإسلامية وأصالتها، ما حمل المؤرخين على تسميته “باني سراييفو الحديثة”.

وبينما تحتفل المدرسة، التي تحمل اسمه، في 8 يناير من كل عام، بالذكرى السنوية الـ 483 لتأسيسها، لا يزال سكان سراييفو وزوارها يشربون الماء الزلال من السبيل، ويتسوقون من السوق الكبير الذي بناه غازي خسرو.

يعد غازي خسرو بك، حفيد بايزيد الثاني من جهة الأم، أحد أهم الأسماء اللامعة في تاريخ البوسنة، وأدت إسهاماته إلى رسم ملامح سراييفو، أبرز مدن البلقان وأشهرها.

** باني سراييفو الحديثة

وبينما أطلق المؤرخون العثمانيون على إسحاق أوغلو عيسى بك، أول أمير عثماني على إقليم السنجق العثماني (يمتد اليوم على أراضي صربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك) اسم مؤسس سراييفو، أطلقوا على غازي خسرو بك، اسم باني سراييفو الحديثة.

تمكن غازي خسرو بك، عبر مشاريعه، من تحويل سراييفو إلى مدينة عصرية تعج بالحياة، لتصبح في عهده الذي استمر نحو 20 عاما، مركزا للتجارة بمنطقة البلقان.

وقال رئيس مجلس أمناء مؤسسة غازي خسرو بك الوقفية في سراييفو مصطفى فاترينياك، إن الأمير العثماني وضع الأسس الأولى للمدينة.

وأضاف فاترينياك، للأناضول، أن غازي خسرو بك، عمل قائدا للحرس السلطاني في عاصمة الدولة العثمانية الآستانة (إسطنبول)، بين 1505ـ 1509، قبل أن يعيّن عام 1519 واليا على صربيا.

ولفت إلى أن غازي خسرو بك، شارك في “حملة بلغراد” التي قادها السلطان العثماني سليمان القانوني، ليحصل بعدها على لقب “غازي” في تلك الحملة.

ونوه فاترينياك أن غازي خسرو بك، شغل منصب أمير إقليم السنجق في البوسنة من 1521، حتى وافته المنية عام 1541، وبذلك يكون أبرز الأمراء العثمانيين الذين يحافظون على مناصبهم في نفس الولاية أو السنجق عشرين عاما.

وتابع: يمتلك غازي خسرو بك مكانة مرموقة في التاريخ العثماني، فقد عمل بشكل دؤوب على النهوض بإقليم السنجق، وتمكن من تحويل سراييفو من قرية متواضعة إلى مدينة تعج بالحياة والتجارة، وبنى فيها العديد من المعالم التي شكلت وجه سراييفو القديم والمعاصر.

وأشار فاترينياك أن جامع غازي خسرو الكبير، والسوق الكبير، وعددا من المؤسسات الوقفية، ومكتبة غازي خسرو للمخطوطات والكتب الإسلامية، والمدرسة الخسروية، وبرج الساعة، وسبيل ماء سراييفو، إضافة إلى شبكات مياه الشرب وغيرها، تعد في مقدمة المشاريع التي أسهمت في نهوض سراييفو وتحولها إلى مدينة عصرية.

** خلد ذكرى والدته

وتفيد الوثائق الموجودة في أرشيف المؤسسة، أن مدرسة غازي خسرو بك (الخسروية)، جرى بناؤها لتكون المؤسسة التعليمية الأكثر رسوخا في البلقان.

وتشير أن المدرسة بنيت تخليدا لذكرى والدة غازي خسرو بك، الأميرة العثمانية سلجوق خاتون، وأنها سميت بادئ الأمر “المدرسة السلجوقية”، قبل أن يشيع استخدام “الخسروية” لاحقا.

وأسهمت المدرسة المكتوب على بابها “تم إنشاء هذا المبنى للباحثين عن حب العلم والله. غازي خسرو بك، المدافع عن الدين المبين”، في تخريج مجموعة من رجال الدين والدولة الذين لعبوا أدوارا مهمة في صناعة القرار بمختلف عهود الدولة العثمانية.

زر الذهاب إلى الأعلى