مـنـوعــات

بسبب قلة الحبوب.. شهدت روسيا مجاعة قتلت نصف مليون شخص

بالقرن الماضي، شهد الاتحاد السوفيتي العديد من المجاعات التي أودت بحياة ملايين الأشخاص. فخلال تلك الفترة، عاشت البلاد خلال العشرينيات على وقع مجاعة تزامنت مع فترة الحرب الأهلية وأوقعت أكثر من 5 ملايين ضحية. كما شهدت بالثلاثينيات مجاعة أكبر حجماً هزت دول الاتحاد السوفيتي وأوقعت نحو 10 ملايين ضحية. كما مرت عقب نهاية الحرب العالمية الثانية بمجاعة أخرى أودت بحياة ما لا يقل عن مليون شخص.

لوحة تجسد عددا من الجوعى أثناء توسلهم للحصول على بعض الخبز
لوحة تجسد عددا من الجوعى أثناء توسلهم للحصول على بعض الخبز

وفي زمن الإمبراطورية الروسية التي انهارت مع رحيل النظام القيصري عام 1917، كانت هذه المناطق على موعد مع مجاعات أخرى جاءت أبرزها أواخر القرن التاسع عشر حيث تسببت التقلبات المناخية في كارثة أودت بحياة ملايين الروس.

وتعود أطوار هذه المجاعة للعام 1891. فخلال تلك السنة، شهدت المناطق المطلة على نهر الفولغا (Volga) خريفاً ساخناً وجافاً أخّر عملية بذر الحقول. وخلال فصل الشتاء، انخفضت درجات الحرارة لتبلغ 31 درجة تحت الصفر وكانت كميات الثلوج ضئيلة مقارنةً بالسنوات الفارطة. وقد أدت هذه العوامل الطبيعية السيئة التي شهدها فصل الشتاء لإفساد نسبة كبيرة من البذور والعلف المخصص للحيوانات.

صورة لنيقولا الثاني
صورة لنيقولا الثاني

بحلول فصل الربيع، عرفت هذه المناطق سيولاً جارفةً ورياحاً عاتية نقلت معها التربة السطحية وأتلفت ما تبقى من البذور التي نجت من فصل الشتاء. وفي الأثناء، أثارت هذه التقلبات المناخية حالة من الهلع في صفوف الفلاحين الذين دقوا ناقوس الخطر وحذروا من مجاعة وشيكة.

أواخر العام 1892، استفحلت المجاعة بالمناطق المطلة على الفولغا وامتدت لتشمل الأورال والقرى المطلة على البحر الأسود. وبناء على تقارير تلك الفترة، بلغ عدد ضحايا المجاعة بحلول ديسمبر 1892 نصف مليون ضحية.

وإضافةً للتقلبات المناخية، لعبت عوامل أخرى دوراً هاماً في حدوث مجاعة 1892. فخلال تلك الفترة، اعتمد الفلاحون الروس على تقنيات وأدوات زراعية قديمة تعود للعصور الوسطى كالمحراث والمنجل الخشبي وافتقروا للأسمدة. فضلاً عن ذلك، كانت طرق نقل الحبوب والمواد الأساسية بدائية وعرقلت بذلك توزيع المحاصيل والمعونات. أيضاً، اتُهم وزير المالية الروسي إيفان فيشنيغرادسكي (Ivan Vyshnegradsky) بالتسبب في الكارثة حيث تأخر الأخير في إصدار قرار منع التجار من نقل صابة الحبوب الضئيلة وتصديرها.

صورة للوزير الروسي إيفان فيشنيغرادسكي
صورة للوزير الروسي إيفان فيشنيغرادسكي
القمح.. قصة التحول إلى سلاح في قلب أزمة الغذاء العالمية

أزمة الغذاء


القمح.. قصة التحول إلى سلاح في قلب أزمة الغذاء العالمية


خلال شهر نوفمبر 1891، طالبت الحكومة سكان الإمبراطورية بتشكيل هيئات إغاثة للمناطق المنكوبة. وقد ظهرت إحدى هذه الهيئات على يد الأديب الروسي الشهير ليو تولستوي (Leo Tolstoy) الذي اتهم النظام القيصري والكنيسة الأرثوذكسية بالتسبب في هذه الكارثة. وكرد على ذلك، أصدرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قراراً بالحرمان الكنسي بحق تولستوي. وفي نفس السياق، شكّل وريث العرش الروسي نيقولا الثاني هيئة مساعدات جمعت 5 ملايين من الروبلات لمساعدة المتضررين من المجاعة الذين أجبروا على تناول وجبات تكونت أساساً من الطحين والحساء.

صورة للأديب الروسي ليو تولستوي
صورة للأديب الروسي ليو تولستوي

من ناحية أخرى، ظهرت بالولايات المتحدة الأميركية هيئة لإغاثة المناطق الروسية المتضررة من المجاعة. وخلال منتصف شهر مارس 1892، حلت أولى السفن الأميركية المحملة بما يزيد عن 1900 طن من الغذاء بروسيا لتتبعها فيما بعد سفن أخرى نقلت مليوني طن من الحبوب للمناطق المنكوبة.

لوحة زيتية تجسد توزيع المساعدات الأميركية على المناطق المنكوبة
لوحة زيتية تجسد توزيع المساعدات الأميركية على المناطق المنكوبة

زر الذهاب إلى الأعلى