أخــبـار مـحـلـيـة

بعد غضب أنصاره.. هل يتخلى كليجدار أوغلو عن الطاولة السداسية للحفاظ على رئاسة أكبر حزب معارض بتركيا؟

بينما أظهرت النتائج الأولية لجولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية خسارة مرشح المعارضة أمام مرشح تحالف الجمهور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ساد الصمت لساعات طويلة، مقر حزب الشعب الجمهوري في العاصمة التركية أنقرة.

كسر هذا الصمت المطبق تصريحاتُ المتحدث باسم الحزب فائق أوزتورك، التي قال فيها إن الحزب لن يصدر أي تصريحات حتى كلمة مرشحه للانتخابات الرئاسية كمال كليجدار أوغلو، في التاسعة والنصف من مساء يوم 28 مايو/أيار.

وبعد طول انتظار خرج مرشح المعارضة، لا ليُعلن قبوله بنتيجة الانتخابات التي خسرها أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ بل ليُعلن أن الانتخابات جرت في أجواء غير عادلة، وأنهم حصلوا على تأييد ما يقرب من 25 مليون شخص في عموم تركيا، ما يعني نجاح المعارضة في مهمتها، بحسب كليجدار أوغلو.

من جانبه انتقد الكاتب الصحفي المعارض إسماعيل سايماز تصريحات كليجدار أوغلو حول عدم الاعتراف بخسارة المعارضة في هذه الجولة من الانتخابات مجدداً أمام الرئيس أردوغان، الذي خاض الانتخابات في ظل العديد من الأزمات؛ من وباء واقتصاد وزلزال.

وتساءل في لقاء تلفزيوني على قناة “سوزجو” المعارضة: “هل يُعقل أن يعتبر كليجدار أوغلو هذه الهزيمة خسارة بطعم النصر كما يقول”، وتابع الكاتب التركي المعارض أن ما حدث للمعارضة بمختلف مكوناتها فشل ذريع يستوجب المساءلة والمحاسبة.

من هنا، كيف تبدو الأجواء داخل معسكر المعارضة بعد تلك الخسارة التي جاءت رغم أن المعارضة اجتمعت بكافة أطيافها لأول مرة في مواجهة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومع ذلك لم تنجح في هزيمته سواء بالانتخابات الرئاسية أو البرلمانية؟

المطالبة بالاستقالة

نبدأ من أكبر أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري. إذ كان الخطاب الأبرز داخل الحزب هو الحديث عن إمكانية استقالة رئيسه كمال كليجدار أوغلو. إذ طالب تانجو أوزجان، رئيس ولاية بولو شمالي تركيا وعضو حزب الشعب الجمهوري، رئيسَ الحزب كمال كليجدار أوغلو بالاستقالة من منصبه؛ بعد الخسارة في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس أردوغان.

وقال أوزجان في تغريدة عبر حسابه على تويتر: “هل أسأت الفهم؟ هل قال السيد كليجدار أوغلو الاستمرار؟ لقد نظمت المعارضة كما تريد وأعلنت نفسك مرشحاً! حتى رغماً عن أولئك الذين لم يرغبوا في ذلك، لكن يكفي.. أرجوك اتركنا، أحبب أحفادك واجلس بجوارهم، لقد أعطيت لنا الأمل لمدة 13 عاماً… ولقد حكمت علينا بهذا الرجل.. أرجوك تكفي 13 عاماً”.

كما هاجمت أصلي بايكال، ابنة رئيس حزب الشعب السابق دينيز بايكال، كليجدار أوغلو واصفةً إياه بـ”الديكتاتور الذي سيدمر حزب الشعب الجمهوري طالما ظل موجوداً في رئاسة أكبر أحزاب المعارضة التركية”.

وأضافت بايكال في تغريدة على حسابها بموقع تويتر، أن كليجدار أوغلو ورغم هزيمته في كل الاستحقاقات الانتخابية أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يتحدث عن الاستمرار في معارضته، واصفةً إياه بالطاعون الذي سيأكل رقبة كل من يساعده على الاستمرار في منصبه.

في السياق ذاته، انتقد وزير الدولة السابق وعضو حزب الشعب الجمهوري محمد سيفيغن، المرشحَ الرئاسي لتحالف الأمة وزعيم حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو، قائلاً: “لم نتمكن من فهم الناس؛ إنهم لا يثقون بنا، وحذرتْ من ذلك ميرال أكشنار وقالت له: من فضلك لا تكن مرشحاً؛ لأنك إن أصبحت مرشحاً، فلن يصوت الناخبون لك أو لنا”.

وأضاف سيفيغن في تصريحات لقناة CNN TURK: “أتمنى لو كنت متفاجئاً، لقد عملنا من أجل حزب الشعب الجمهوري لسنوات، ولكن مع أخطاء قلة من الناس، أزلنا أمل الشعب في التغيير”، موضحاً أن كليجدار أوغلو أخذ أحلامهم بعيداً عنهم، “نحن غاضبون من أنفسنا وكذلك من السيد كمال، ولذلك يجب عليه الاستقالة لكنه لن يفعل ذلك بسبب جشعه”، على حد وصفه.

وهاجم القيادي في حزب الشعب الجمهوري “الطاولة السداسية” وقياداتها قائلاً: “من وضع طاولة الستة معاً، هل توجد طاولة ستة هناك؟ كانوا هم من أطلقوا النار على السيد كمال من الخلف، ولو كانوا يخرجون ويتجولون في الولايات التركية لكانت الأصوات ضعف ما هي عليه الآن، ولكنهم أخذوا منه ما أرادوا وتركوه وحيداً خاسراً”.

ضرورة التجديد

الهجوم الأشرس على مرشح المعارضة جاء هذه المرة من المغني التركي الشهير هايكو جيبيكن، الذي طالبه صراحة بالاستقالة والتغيير الجذري لقواعد وقيادات حزب الشعب الجمهوري بعد 20 عاماً من المعارضة التي لم تصل به إلى سدة الحكم في تركيا.

وأضاف الفنان في تغريدة عبر حسابه على تويتر، أنه قد حان وقت الحقائق، ويجب على زعيم حزب الشعب الجمهوري الرحيل بعد 20 عاماً قضاها في التخطيط لشيء لا يستطيع هو تحقيقه.

وطالب جيبيكن زعيمَ حزب الشعب الجمهوري بتجديد كوادر الحزب وتقديم الاستقالات اللازمة، ووجود من يبحثون عن هدف واضح يعود بالحزب إلى السلطة في البلاد بدلاً من الراحة المستمرة في مقاعد المعارضة الفارهة.

وطرح الفنان التركي اسمَي أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش لقيادة الحزب خلال الفترة القادمة؛ من أجل التخطيط لنوع الاستراتيجية التي سيتم تنفيذها لعودة الحزب إلى سدة الحكم وكيفية التحضير للانتخابات المحلية، ومن سيكون الرئيس وكيف سيتم تجديدها في السنوات الخمس المقبلة.

مؤتمر حزب الشعب

منذ الانتخابات المحلية عام 2019 التي حصد فيها حزب الشعب الجمهوري رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة، يتمتع كليجدار أوغلو بموقع قوي للغاية في حزب الشعب الجمهوري؛ لكونه المرشح الذي جمع المعارضة كلها على طاولة واحدة.

رغم ذلك فإن المرشح الرئاسي الخاسر سيكون على موعد مع تحدٍّ كبير لقيادته المستمرة لحزب الشعب الجمهوري منذ عام 2010 في مؤتمر الحزب العام العادي الـ38، الذي سيعقد الصيف القادم، وهو المؤتمر الذي تم تأجيله من شهر يوليو/تموز 2023 لمدة عام بدون إعلان سبب ذلك.

وسيخوض كليجدار أوغلو المنافسة على رئاسة حزب الشعب الجمهوري هذه المرة بعد خسارته الانتخابات الرئاسية أمام أردوغان، وهي الانتخابات رقم 12 في تاريخه السياسي التي يخوضها أمام الرئيس التركي، ما يعزز فرص المعارضة داخل الحزب لإنهاء سيطرته المستمرة منذ 13 عاماً.

استقالة أكشنار

دعوات الاستقالة لم تتوقف عند أعتاب حزب الشعب الجمهوري، بل وصلت كذلك إلى حزب الجيد برئاسة ميرال أكشنار؛ خاصة بعد خسارة الحزب العديد من نوابه في الانتخابات البرلمانية، بعدما كانت رئيسة الحزب تتوقع أن تكون الحزب الأول في تركيا.

وطالب رئيس لجنة الانضباط في الحزب أدهم بايكال، رئيسةَ الحزب بالاستقالة من منصبها بعد ما سماه بالخسائر الفادحة التي لحقت بالحزب بسبب قيادة أكشنار.

وقالت رئيسة الحزب عقب النتائج المخيبة لآمال المعارضة، إن الحزب سيعمل من الآن على الاستماع لكوادر الحزب وصوت الشعب التركي من أجل بناء تركيا القوية، التي يسود فيها القانون والعدل.

مؤتمر حزب الجيد

وأعلن حزب الجيد قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو/أيار عن موعد انعقاد المؤتمر العام للحزب في 24 و25 يونيو/حزيران القادم.

وتضع نتائج الانتخابات البرلمانية التي جاءت بالحزب في المرتبة الخامسة بين أحزاب البرلمان التركي، رئيسة الحزب ميرال أكشنار في موقف صعب؛ خاصة في ظل تنامي الدعوات لتقديم استقالتها من رئاسة الحزب.

وخلال عملية الترشيح لرئاسة الحزب، من المتوقع أن ترفع المعارضة داخل الحزب الجيد أصواتها ضد أكشنار، التي تعرضت لانتقادات لزعزعة ثقة الناخبين، لأنها وقفت أمام طاولة الستة ثم عادت للجلوس معهم مرة أخرى.

هل تتفكك المعارضة؟

من جانبه يرى الكاتب الصحفي المعارض يشار آيدن أن بقاء “الطاولة السداسية” على هذه الشاكلة وبعد نتائج الانتخابات الكارثية، غير وارد على الإطلاق؛ حتى وإن كانت لا تفصلنا عن الانتخابات التركية المحلية سوى 8 أشهر.

وقال أيدن في تصريحاته لـ”عربي بوست”، إنه ينبغي للمعارضة تنظيم نفسها من جديد بالشكل الذي يضمن الأريحية في التعامل بين مكوناتها السياسية والأيدلوجية.

وأشار الكاتب التركي إلى أنه إذا كان حزب الشعب الجمهوري مجبراً على الدخول في تحالفات من أجل الفوز بأي انتخابات قادمة، فعليه أن يفعل ذلك، ولكن مع أحزاب من نفس اللون والتوجه والفكر.

وأضاف الكاتب الصحفي أن الانتخابات البلدية القادمة تتطلب من المعارضة العمل على تغيير كوادرها بالشكل الذي يجعلها قادرة على الفوز بهذه الانتخابات.

وشدد أيدن على أن قيادة المعارضة ينبغي أن تكون من قبل شخصيات كأكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش؛ مع التخلي عن كل الوجود القديمة التي أدارت الحزب طوال السنوات الماضية.

وقال الكاتب التركي إنه لا يتوقع أن يكون هناك تغيير في فكر وإدارة حزب الشعب الجمهوري ما دام كمال كليجدار أوغلو في رئاسة الحزب، لكن تابع قائلاً: “إن قواعد الحزب ستكون لديها القدرة على التغيير إذا ما أرادت ذلك”، بحسب الكاتب التركي.

وأضاف الكاتب التركي أنه لا ينبغي التعامل مع الخسارة الحالية كأن شيئاً لم يحدث، وتسير الأمور مثلما كانت عليه في الماضي، مشيراً إلى أن حالة الغضب الموجودة بين صفوف أنصار الحزب والكوادر الوسطى وبعض كوادره العليا قد تدفعه إلى تغيير رئاسة الحزب في المؤتمر العام القادم.

وتوقع أيدن أنه في حال فشل هذه الكوادر في إبعاد كمال كليجدار أوغلو عن رئاسة الحزب؛ فإنها ستكون قادرة على الأقل على تغيير تحالفات وشكل الطاولة السداسية خلال الفترة القادمة، في محاولة من زعيم حزب الشعب الجمهوري لتهدئة أنصاره.

زر الذهاب إلى الأعلى