اقـتصــاديـة

بلدان كانت على حافة الانهيار بعد الأزمة المالية.. أين وصلت الآن؟

أربع دول من أعضاء منطقة اليورو كانت على حافة الانهيار، أو ربما انزلق عنها البعض، قبل انتشاله على يد باقي بلدان التكتل، وذلك في أعقاب الأزمة المالية التي اندلعت قبل عشرة أعوام، لكن الآن وبعد استقرار الأمر كيف يبدو بلاء هذه البلدان الأكثر تضررًا من الأزمة؟

وبحسب تقرير لـ”الجارديان” فإن هذه البلدان هي البرتغال وإسبانيا واليونان وآيرلندا، وكانت الأخيرة أسرعها قدرة على التعافي وتجاوز الأزمة، لكن ذلك لا يعني تخلصها تمامًا من آثار الاضطراب.

آيرلندا

– بعد ثلاث سنوات من إنقاذها من الإفلاس في عام 2010 عبر قرض إنقاذ قيمته 67.5 مليار يورو، أصبحت آيرلندا أول دولة منكوبة في منطقة اليورو تقف على قدميها.

– أدت التدابير التقشفية المثيرة، بما في ذلك التخفيضات الحادة للكثير من رواتب العاملين في القطاع العام، إلى إرضاء الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وطمأنهم ذلك حيال قدرة البلاد على الوفاء بسداد الالتزامات.

– سارع وزير المالية في ذلك الوقت “مايكل نونان” إلى إخماد الاحتفالات بهذا الإنجاز، حيث حذر من السماح لفقاعة عقارية جديدة بالنمو والانفجار، قائلًا إن الأزمة تسببت في مرور البلاد بأسوأ فتراتها منذ مجاعة البطاطس في القرن التاسع عشر.

– من المحتمل أن “نونان” كان مستاءً لرؤية تقرير العقارات العالمية الأخير لوكالة الاستشارات العقارية “نايت فرانك” والذي صنف آيرلندا ضمن أفضل خمس نقاط ساخنة على مدار العام الماضي، وبينت الأرقام أن الأسعار في المناطق الأكثر ازدحامًا في دبلن اقتربت من مستوى الذروة المسجل عام 2007.

– كما أن ندرة بناء المنازل على مدى السنوات العشر الماضية رغم ارتفاع دخل الأسر وزيادة وتيرة التوظيف، أدت إلى ارتفاع الإيجارات، ما جعل العديد من العمال الشباب يفقدون الشعور بتعافي اقتصاد البلاد.

– في الوقت نفسه لا يزال التشرد يشكل أزمة كبيرة في جميع أنحاء البلاد، وفي بعض المناطق فإن متأخرات الرهن العقاري تعني أن آثار الركود لا تزال قائمة، ويعيش أكثر من 8% من السكان في فقر دائم، فيما لا تزال هناك متأخرات لأكثر من 3 أشهر على 7% من منتفعي الرهونات.

– يجعل ذلك البلد منقسمًا بشأن الانتعاش، ووجد استطلاع حديث للرأي أن 52% من الناخبين غير راضين عن الطريقة التي تدير بها الحكومة البلاد، مقارنة بـ37% أبدوا رضاهم عن الأداء.

 

البرتغال

– اتبعت لشبونة طريق ما بعد الأزمة الذي رسمته المملكة المتحدة وآيرلندا بتبني سياسة التقشف قبل تخلي الناخبين في عام 2015 عن دعم الحكومة اليمينية التي قادها “بيدرو باسوس كويلهو” لصالح الاشتراكي “أنطونيو كوستا”، ومنذ ذلك الحين خفت حدة التقشف، واستعادت البلاد ثقة المستهلك والشركات، وظل معدل النمو أعلى 2%.

– أخبر “كوستا” البرلمان الأوروبي مؤخرًا أنه بفضل النهج الاقتصادي البديل الذي اتبعته حكومته، استعاد الشعب البرتغالي (على النقيض من العديد من البلدان الأوروبية) ثقته في المؤسسات الديمقراطية وفي الاتحاد الأوروبي.

– أشرف “كوستا” على سلسلة من الإنجازات الاقتصادية، بما في ذلك انخفاض عدم المساوة، وزيادة العمالة، وتماشي عجز الموازنة مع قواعد الاتحاد الأوروبي، وخلال العام الماضي، رفعت المفوضية الأوروبية اسم البرتغال من قائمة البلدان التي تحتاج للإنقاذ.

– في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اكتسح “كوستا” انتخابات المجالس المحلية، حيث هيمن الاشتراكيون على 158 مجلس بلدية من إجمالي 308 مجالس.

– مثل آيرلندا واليونان وإسبانيا، عانت البلاد من هجرة الشباب في أعقاب الأزمة، ومن غير المرجح عودة أغلب هؤلاء، وبلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 146% في 2017، ولا يزال هناك جبل من الائتمان بحاجة للخفض.

 

اليونان

– أدى انهيار حكومة حزب الديمقراطية الجديدة اليميني وسط أعمال شغب واضطرابات عام 2015، إلى تشكيل حكومة يسارية راديكالية بقيادة “ألكسيس تسيبراس” الذي وافق على خطة إنقاذ بقيمة 86 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي.

– كانت هذه هي المرة الثالثة التي تفلس فيها اليونان منذ عام 2010 عندما بدأت أزمة الديون وحصلت البلاد على 110 مليارات يورو من حزم الإنقاذ قبل أن توافق بروكسل على 130 مليار يورو أخرى عام 2012.

– بعد ما يقرب من عشر سنوات من التقشف المرير، حيث ارتفعت الضرائب، وانخفضت إعانات الرعاية الاجتماعية، وتراجعت معاشات التقاعد، وأصبح الآلاف من عمال القطاع العام زائدين عن الحاجة، باتت الحكومة مستعدة للموافقة على الشريحة النهائية من قروض الاتحاد الأوروبي.

– لكن عددا قليلا من الاقتصاديين الذين يعتقدون أن الدولة التي يبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي لديها 180%، يرون أن بإمكانها توفير الأموال اللازمة للاستثمار في اقتصادها وتسديد القروض.

– من المقرر أن يوافق “تسيبراس” على شروط إتمام خطة الإنقاذ الثالثة، والتي ستعني المزيد من إجراءات التقشف وتحقيق فائض كبير في القطاع العام حتى سنة 2022.

– لم تنجح أي دولة أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقليل نفقاتها إلى ما دون مستوى الحصيلة الضريبية طوال مدة مماثلة لتلك التي تم تحديدها لليونان، ويعلق البعض الأمل على عودة السياحة إلى مستوياتها القياسية وكذا عودة الشباب المهنيين من الخارج.

 

إسبانيا

– تجنبت مدريد خطة إنقاذ شاملة، لكن انهيار نظامها المصرفي واندلاع الأزمة التي استمرت لشهور عام 2012 كان يعني أنه على حكومة اليمين بقيادة “ماريانو راخوي” اقتراض 100 مليار يورو من بروكسل.

– كان راخوي تحت الضغط بعدما طلبت مجموعة “بانكيا” المصرفية العملاقة حزمة إنقاذ من الدولة بقيمة 19 مليار يورو، لكن مثل آيرلندا، تعافت إسبانيا بقوة منذ ذلك الحين، وبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي ما بين 2015 و2017 نحو 3.2% وزادت العمالة وانتعش دخل الأسر.

– لكن بعض المناطق انتعشت أسرع من غيرها، ما تسبب في صراع سياسي، ويقبع العديد من زعماء إقليم كتالونيا الذي يستضيف مقرات شركات عالمية منها “زارا”، إما في السجن أو في المنفى جراء الاحتجاجات المطالبة بالانفصال عن إسبانيا.

– تم إقالة “راخوي” مؤخرًا بعد التصويت على حجب الثقة الذي أدى لتولي الاشتراكي “بيدرو سانشيز” لمقاليد الأمور، والذي من المتوقع أن يخفف من التقشف.

زر الذهاب إلى الأعلى