عـالـمـيـة

ترامب يهدد الأردن..ما لم تُسلم أحلام التميمي

تدرس إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حجب المساعدات عن الأردن، من أجل الضغط عليه لتسليم سيدة تتهمها إسرائيل بالضلوع في تفجير عام 2001، ما تسبَّب في قتل 15 شخصاً، بينهم مواطنان أمريكيان، في هجوم وقع بمطعم بيتزا مزدحم في القدس، وفق ما أفادت وكالة أسوشيتد برس.

كما نقلت الوكالة الأمريكية عن إدارة الرئيس ترامب أنها تدرس “جميع الخيارات” للضغط على الأردن لتسليم أحلام عارف أحمد التميمي، المطلوبة من قبل واشنطن بتهمة التآمر لاستخدام أسلحة دمار شامل ضد مواطنين أمريكيين.

 

اتهامات للتميمي: إلى ذلك فقد وُجّهت التهمة  للتميمي عام 2013، وأعلنت عنها وزارة العدل الأمريكية بعد 4 سنوات، وفق الوكالة نفسها.

ومن المرجح طرح مسألة تسليم التميمي خلال حديث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لعدة لجان في الكونغرس، للتعبير عن معارضته لخطط إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية لها خلال أيام.

 

والتميمي مدرجة في قائمة مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي لـ”أكثر الإرهابيين المطلوبين”، لدورها في التفجير الذي وقع بمطعم بيتزا مزدحم في القدس.

وتعيش التميمي في الأردن منذ إطلاق إسرائيل سراحها في 2011، إثر صفقة تبادل للأسرى بين إسرائيل وحماس.

رفض أردني: في المقابل، ترفض السلطات الأردنية طلبات الولايات المتحدة تسليمها، رغم وجود معاهدة لتسليم المطلوبين، بحسب أسوشيتد برس.

وقُبيل ظهور الملك الأردني عبدالله الثاني في جلسة افتراضية مقررة الأربعاء 17 يونيو/حزيران 2020، مع لجنتي العلاقات الخارجية بمجلس النواب ومجلس الشيوخ، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه يمكن استخدام مليارات الدولارات من المساعدات الأجنبية للأردن، كوسيلة ضغط تُرغم السلطات الأردنية على تسليم التميمي.

من هي أحلام التميمي؟ هي صحفية فلسطينية تحمل الجنسية الأردنية، وُلدت عام 1980م في مدينة الزرقاء بالأردن، التي غادرتها مع أهلها عندما انتهت من الثانوية العامة إلى فلسطين، حيث بدأت هناك دراستها للإعلام في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، وبعد تخرجها عملت مقدمةً للبرامج في تلفزيونٍ محليّ يبثّ من مدينة رام الله، اسمه “الاستقلال”، حيث كانت تعمل على رصد ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية.

من خلال عملها الصحفي اصطدمت أحلام بواقعٍ قاسٍ ومريرٍ للفلسطينيين، سببه الاحتلال، كانت ذروته خلال الانتفاضة، فقرّرت أن تنضم لكتائب القسام، الجناح العسكري التابع لحركة حماس، ومهّد لها ذلك زميل سابق في كلية الصحافة، كان عضواً في كتائب القسام، لتكون بهذا أول امرأة تنضم للقسام، بقرار من عبدالله البرغوثي، الأسير صاحب أعلى حُكم بالمؤبد في سجون الاحتلال حالياً، وقائد كتائب القسام في الضفة الغربية آنذاك.

أعمال المقاومة: انخرطت أحلام في أعمال المقاومة بتوكيل من الخلية العسكرية التابعة للكتائب، وساعدها في ذلك عملها الصحفي وتحدثها اللغة الإنجليزية، كما كانت حينها غير محجبة، حيث كان باستطاعتها الدخول إلى أماكن وجود الإسرائيليين في القدس، بحجة إجراء مقابلات صحفية.

 

بحسب تصريحات سابقة لها لوسائل إعلام، تقول أحلام إنها اختارت طريق المقاومة لأنه السبيل الوحيد لتحرير الأرض، لكنها لم تكن استشهادية في الخلية العسكرية التابعة لكتائب القسام؛ لأن “للاستشهادي صفات لم تكن موجودة في شخصيتي أنا”.

قادت الشابة العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي عزالدين المصري في مطعم سبارو بالقدس المحتلة، يوم 9 أغسطس/آب 2001، التي أسفرت عن مقتل 15 إسرائيلياً، حيث حدّدت أحلام الطريق الذي سيسلكه المصري من رام الله إلى القدس المحتلة، وفي يوم العملية حملت آلة الغيتار التي كانت مفخخة بالمتفجرات، واصطحبت زميلها عز الدين، وحدَّدت له موقع العملية وتركته يذهب في رحلته الأخيرة، فيما أذاعت هي بنفسها لاحقاً نبأ العملية في محطة التلفاز الذي كانت تعمل به.

لكن في يوم 14 سبتمبر/أيلول من نفس العام، وبعد تحقيقات استخباراتية أشارت إليها، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أحلام التميمي بعد اقتحام منزل والدها في قرية النبي صالح برام الله، وكانت تلك فترة عزاء والدتها، التي توفيت في الأول من سبتمبر/أيلول 2001.

10 سنوات سجن: قضت أحلام التميمي في السجون الإسرائيلية 10 سنوات بعد أن حُكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، بتهمة المشاركة في تنفيذ عملية استشهادية، وخضعت كغيرها من الأسرى للتعذيب والعزل الانفرادي، وعاشت ظروفاً قاسية في معتقلات الاحتلال.

 

كيف أُطلق سراح أحلام التميمي؟ أفرجت إسرائيل عن أحلام وسلمتها إلى الأردن، البلد الذي أبعدت فيه كحال الكثير من الأسرى الذين تم إبعادهم عن فلسطين، في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011، ضمن صفقة تبادل الأسرى “وفاء الأحرار” بين إسرائيل وحركة حماس، حيث أفرجت إسرائيل عن 1047 أسيراً، مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كان بحوزة كتائب القسام، كما شملت الصفقة حينها الإفراج عن خطيبها (زوجها لاحقاً) نزار البرغوثي، الذي كان محكوماً بالسجن المؤبد، والذي اعتقل منذ عام 1993.

لماذا تطالب الولايات المتحدة بالتميمي؟ منذ ذلك الحين عادت التميمي برفقة زوجها للعيش في الأردن، لكن في 14 مارس/آذار 2017، طالبت وزارة العدل الأمريكية الحكومة الأردنية بتسليم أحلام، وذلك بعد أن وضعها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) على رأس لائحة “الإرهابيين” المطلوبين بتهمة المشاركة في تفجير مطعم إسرائيلي عام 2001 قُتل فيه أمريكيان، كما وضع المكتب مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال أو إدانتها.

ووجّهت وزارة العدل الأمريكية إلى أحلام تهمة “التآمر لاستخدام سلاح دمار شامل ضد مواطنين أمريكيين خارج التراب الأمريكي نتج عنه وفاة”، وأضافت الوزارة أنها تريد ترحيل التميمي ومحاكمتها، لكنها اعترفت بوجود قانون أردني يحظر ترحيل مواطنين أردنيين.

وتواجه الأسيرة المحررة عقوبة السجن مدى الحياة إذا اعتقلت وحُوكمت في الولايات المتحدة، لكن محكمة التمييز -أعلى هيئة قضائية في الأردن- صادقت عام 2017 على قرار صدر عن محكمة استئناف عمّان، يقضي برفض تسليم التميمي إلى السلطات الأمريكية.

لماذا ترفض عمّان تسليم التميمي لواشنطن؟ منذ قراره القطعي عام 2017 يقول القضاء الأردني إن الأردن والولايات المتحدة وقعتا بتاريخ 28 مارس/آذار 1995 معاهدة بينهما لتسليم المجرمين الفارّين لديهما، لكن المعاهدة لم يصادق عليها مجلس الأمة استكمالاً لمراحلها الدستورية رغم توقيعها.

وبحسب القضاء، فإن الاتفاقية تعد غير نافذة ولا مستوجبة للتطبيق، ويترتب عليها عدم قبول طلب التسليم، وفقاً لقرار محكمة التمييز؛ “لأن طلبات تسليم المجرمين المرسلة إلى السلطات المختصة في المملكة من دولة أجنبية لا تكون مقبولة ما لم تكن نتيجة معاهدة أو اتفاق معقود ونافذ بشأن المجرمين”.

منذ ذلك الحين لم تتوقف المطالبات والضغوطات الأمريكية بتسليم التميمي، في حين جددت الحكومة الأردنية رفض التسليم، لكن الضغوط الأمريكية عادت اليوم، بل وتحمل معها صيغة تهديد للأردن، بعد المذكرة التي سلمت للسفارة الأردنية بواشنطن من أعضاء في الكونغرس الجمهوريين.

زر الذهاب إلى الأعلى