مقالات و أراء

تكتيك جديد ام مواجهة جديدة ضد القواعد والمعسكرات التركية في شمال العراق

نتيجة الصراع القائم بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، تم عقد اتفاقية امنية في عام 1994بين الدولتين الجارتين تركيا والعراق، والتي سمحت للقوات التركية بالتوغل في الأراضي العراقية الى عمق يصل الى 25كم وعلى طول الشريط الحدودي بينهما، وقد تم التجديد لهذه الاتفاقية في عام 2007، ومنذ ذلك التاريخ فقد تواجدت القوات التركية في اربعة قواعد لها في إقليم كردستان العراق شمال العراق ، الأولى في قضاء (بامرني ) شمال مدينة دهوك، والثانية في (غيريلوك) شمال قضاء العمادية، والثالثة في (كاني ماسي) شمال مدينة دهوك، والرابعة في (سيرسي) شمال قضاء زاخو قرب الحدود مع تركيا.

 

وبعد الذي حصل في العراق عام 2014 ودخول داعش اليه واحتلاله لمدينة الموصل العراقية، كان التعاون بين تركيا والعراق واضحاً في مجال التدريب وتقديم المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات، حيث تم ايضاً تأسيس معسكر خامس في منطقة (دوبردان) قرب ناحية بعشيقة لتدريب المتطوعين من مقاتلي العشائر السنية والقوات العراقية والبيشمركة على قتال الشوارع وكيفية التعامل مع المتفجرات اليدوية، إضافة إلى استخدام الأسلحة الثقيلة والإسعافات الأولية. واذا ما أستعرضنا مواقف الأطراف العراقية من تواجد القوات التركية في شمال العراق، فإننا سوف نرى التناقض في هذه المواقف، فالموقف الشيعي ينقسم الى ثلاث اتجاهات وهي:

الاتجاه الأول هو اللغة الدبلوماسية التي تتبناه الحكومة ووزارة الخارجية برفض التواجد التركي على الأراضي العراقية، وتكثيف الاتصال مع الدول القريبة من المحور الإيراني، والاتجاه الثاني هو الموقف السياسي الذي تتبناه المرجعيات الشيعية والأحزاب والكتل السياسية في البرلمان، والذي يهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية والمقاطعة الاقتصادية واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، أما الاتجاه الثالث فهو الموقف الذي تتبناه شخصيات سياسية مرتبطة بالحشد الشعبي والميليشيات الموالية لإيران تهدد باستخدام القوة العسكرية وضرب المصالح التركية في حال عدم انسحاب القوات التركية، اما مواقف الأطراف الأخرى فكانت كما يلي: فالتركمان رحبوا بالتواجد التركي لقربهم من الاتراك لغة وتاريخاً ولتدريب الحشد الوطني التركماني، واما العرب السنة فاتسمت مواقفهم بين مؤيد ومرحب بأي دعم يأتي على شكل قوة سنِّية من تركيا، ومعارض وصامت، اما الموقف الكردي فهو بين مؤيد دون تصريح علني، أو صامت، أو رافض، فالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البرزاني، لا يجد في تواجد القوات التركية التي جاءت بالاتفاق مع الحكومة المركزية انتهاكًا للسيادة، على النقيض من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرى في هذا التواجد خرقًا للسيادة

 

و تواجه القوات التركية الموجودة في هذه المعسكرات الى تهديدات جدية من قبل حزب العمال الكردستاني الذي يسعى للحصول على موطئ قدم لكي يتم التواصل الجغرافي مع اكراد تركيا وسوريا من جهة، ولتخفيف الضغط الحاصل على وحدات حماية الشعب الكردية والتي تسعى تركيا لدحرها مستفيدة من الانسحاب الأمريكي المعلن من سوريا.

 

وعن موضوع تعرض القاعدة العسكرية التركية في شمال العراق يوم السبت 26/1/2019 لاعتداءات من قبل أشخاص من أهالي محافظة دهوك، فأننا نرى ان حزب العمال الكردستاني المحظور بدأ بتكتيك جديد وبمساعدة بعض الأطراف الكردية المساندة له ، وهو مهاجمة القواعد والمعسكرات للقوات التركية المتواجدة خارج حدود تركيا، لتشتيت الأنظار عن الهزائم المتلاحقة والخسائر التي تكبدها نتيجة الضربات العسكرية لقواعده في جبال قنديل وشرق الفرات من جهة، والعمل على احداث شرخ في العلاقات بين الدول وتأجيج الفتنة بين اكراد المنطقة من جهة أخرى، فقام بتحريض بعض العناصر الموالية له  بالهجوم على احد معسكرات تواجد القوات التركية في منطقة(شيلادزي) بمحافظة دهوك شمال العراق ،ورغم ان الحادث لم يسفر عن اضرار بشرية وأسفر عن أضرار جزئية في مركبة ومعدات عسكرية، الا انه مؤشر خطير على توجه هذا التنظيم الإرهابي على مهاجمة القواعد والمعسكرات التي تتواجد فيها قوات حكومية تركية، وكما اشرنا سابقاً فان هذه الهجمات ترمي ايضاً الى زرع بذور الفتنة بين البلدين، لاسيما في الوقت الحاضر والذي تمر فيها العلاقات التركية العراقية بمرحلة دافئة ، وخاصة بعد الزيارة الناجحة للرئيس العراقي المنتخب جديداً برهم صالح لتركيا في 3/1/2019، ولقائه الرئيس التركي السيد رجب طيب اردوغان، والتي كانت احدى ثمراتها هو عودة الرحلات الجوية للخطوط التركية الى مطار السليمانية الدولي بعد فترة انقطاع دامت بحدود عشرة اشهر.

 

وتأكيداً لتهديدات حزب العمال الكردستاني المحظور، فقد أصدرت وزارة الدفاع التركية بياناً بشأن الهجوم الذي وقع يوم السبت، محملة حزب العمال الكردستاني المحظور مسؤوليته، وفي تصريح آخر لوزير الدفاع التركي قال: (جنودنا نجحوا في افشال محاولة الإيقاع بين جيشنا وأهالي إقليم شمال العراق) ويقصد بها محاولات حزب العمال الكردستاني المحظور بزرع الفتنة في تلك المناطق.

                     

الدكتور عبد السلام ياسين السعدي – تركيا الان

زر الذهاب إلى الأعلى