مقالات و أراء

جواسيس الإمارات وفرق دحلان للاغتيال … من كنت ستقتل هذه المرة أيها الأمير؟

دونوا هذه الكلمات التي قالها الرئيس أردوغان في دفاتركم: “عندما يتعلق الأمر بالمسائل التي تهم بقاء الدولة، علينا أن ننحي اختلافاتنا السياسية جانبًا وأن نتحرّك بصفتنا تحالف تركيا بالتعاون مع 82 مليون مواطن”.

يقال شيء يتخطى كثيرًا نتائج انتخابات 31 مارس/آذار؛ إذ يتم الحديث عن “محور تركيا” ولفت النظر إلى أن ذلك المحور يعتبر أرفع هوية سياسية والكشف عن روح الكفاح الذي نخوضه في الداخل وفي منطقتنا وعلى المستوى الدولي.

أكتب مقالات منذ عامين حول مصطلح “محور تركيا”، وأقول إن ثمة هوية فوق كل الهويات المختلفة الموجودة في تركيا، بغض النظر عن إن كنتم يمنيين أو يساريين أو قوميين أو إسلاميين أو محافظين، وأكرر أن هذا هو الكفاح الذي نخوضه على هذه الأرض منذ ألف عام.

إنه عهد “المقاومة الشرسة” ضد “المحور الدولي”

لقد أقاموا “المحور الدولي” في مواجهة محور تركيا. رأينا ذلك في أحداث غيزي بارك و17-25 ديسمبر 2013 وليلة 15 يوليو 2016. رأيناه في كل التدخلات التي نفذوها من خلال بي كا كا والإرهاب ومنظمة غولن الإرهابيّة. رأيناه بينما تعرضنا للحصار من شمال سوريا وللضغط من بحر إيجة وشرق المتوسط، بل ولا زلنا نراه. لقد رأيناه ولا نزال نراه في الهجمات المنفذة بواسطة السعودية والإمارات ومصر نيابة عن الولايات المتحدة وإسرائيل.

لا شك أننا سنرى المزيد من خلال أشكال “المعارضة المحافظة والتدخل المحافظ”. ذلك أننا نعيش واحدًا من أشرس عهود الكفاح الذي تخوضه تركيا منذ ألف عام. وهو ما أطلقت عليه “المقاومة الشرسة”. فنحن أمام حركة صعود جديدة تخوضها تركيا، أمام تحول تاريخي جديد، أمام شعب تخلص من الوصاية الخارجية بعد مائة عام من الوقوع بأسرها ليعود إلى مساره وطموحاته التاريخية.

العلاقة المستمرة بين الدولتين السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية و”المحتلين من الداخل”

إنّ هذا يعتبر استعدادًا للخطوة التالية من العلاقة المستمرة بين الدولتين السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية، فنحن نحوض كفاحًا كذا. ولهذا فإننا أمام “جبهة دولية” مقامة لكسر شوكة هذا الكفاح وإيقاف تقدم تركيا. كما أنّ هناك كيانات تابعة لهذه الجبهة أطلق عليها “الأذناب الداخلية” و”المحتلون من الداخل”.

نحتفل هذا العام بالذكرى المئوية للكفاح الوطني. وبالأمس أطلعت دائرة الاتصالات برئاسة الجمهورية الجمهور على الشعار المستخدم لهذه الذكرى. لقد صمموا شعارًا رائعًا يقول “كفاحنا لن ينتهي، سنكافح إلى الأبد”.

إنهم يحاولون حصارنا وإيقافنا وتمزيقنا مجدّدًا بعد مائة عام، ولهذا نتعرض لهجمات شرسة من الداخل والخارج. وليس أمامنا أي خيار آخر سوى ترسيخ دعائم إدراك ووعي وموقف ومحور وطني.

الساخرون اعتمادًا على “الجبهة الدولية”

ولهذا ننادي بـ”محور تركيا” ونعتبره أرفع هوية سياسية” ونكافح في كل مكان لمواجهة “الجبهة الدولية”. فكل التحركات التي تشهدها كل المناطق من بحر إيجة والبحر الأبيض مرورا بشمال سوريا وانتهاء بالعالم العربي وشمال أفريقيا مرتبطة بتركيا.

نعلم هذا جيدا ونركز لمواجهة من يسخرون منا ومن وطننا اعتمادا على دعم “الجبهة الدولية”.

إننا نعيش عهد “المقاومة الشرسة”، “المقاومة إلى ما لا نهاية”. فليراجع كل واحد نفسه في صف من يقف. لقد تحول مجرى التاريخ ولن يستطيع أحد “إيقاف تركيا”. وهذا ما سيراه العالم أجمع..

رجلا اغتيال من الإمارات:

من كنت ستقتل هذه المرة أيها الأمير؟!

أوقف جهاز الاستخبارات التركي في إسطنبول جاسوسين وصلا إلى تركيا عقب جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ورصدت الجهات المعنية أن المتهمين المقربين من محمد دحلان، المعروف بلقب “القاتل المأجور” بالشرق الأوسط، يزاولان أنشطة تجسسية لصالح دولة الإمارات. هكذا جاءنا الخبر…

إن لهذا الرجل، أي دحلان، بصمة في معظم العملية السرية والجرائم مجهولة الجاني والأعمال إرهابية التي تشهدها المنطقة.

إنه يتولى كل الأعمال القذرة التي تكلفه بها القوى الأجنبية، كما يدير شبكات الاستخبارات وتمتد يداه في كل مكان بالمنطقة من السودان إلى سوريا ومن فلسطين إلى الخليج العربي وتركيا.. هذا فضلا عن أنه يشترك في عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتنسيق العمليات الإرهابية، كما لعب دورا في مخططات تغيير الأنظمة الحاكمة في المنطقة وكذلك كل العمليات المعادية لتركيا كما حدث في محاولة الاحتلال والحرب الأهلية التي شهدناها ليلة 15 يوليو.

هم من اغتالوا “عرفات” بالسم

لقد كانوا هم من اغتيال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بالسم. فرجال دحلان والاستخبارات الإسرائيلية دخلوا منزل عرفات وقتلوا فريق حراسته. كان عرفات يتعرض للتهديد، ذلك أنه كان حائلا دون تنفيذ إسرائيل ما تريد في فلسطين. وربما تكون عملية اغتياله هي أول عملية إرهابية كلف بها دحلان الذي تعاون مع شارون ودس السم لعرفات الذي توفي عقب صراع طويل مع المرض.

مركز الاستخبارات يكشف كل شيء..

ولأذكّركم بأن دحلان لعب دورا في أول محاولة أقدمت عليها إسرائيل لاحتلال قطاع غزة والقضاء على حركة حماس، غير أن الحركة تحركت مبكرا وبسطت نفوذها على القطاع الذي كُشف مركز الاستخبارات التابع له، لتظهر كل الحقائق المريبة على السطح؛ إذ أزيل النقاب عن عدد لانهائي من الوثائق حول علاقة دحلان بجهازي الاستخبارات الإسرائيلية والمصرية.

كانت هجمات إسرائيل في غزة تجري بدعم دحلان والاستخبارات المصرية. كانت إسرائيل ومصر ودحلان يرتكبون مجازر في القطاع ويرسلون الأسلحة علانية، كما كانت الوحدات الخاصة الأمريكية تنفذ عمليات سرية في الوقت ذاته.

يمكنكم فهم تاريخ المنطقة بقدر تحليلكم لهذا النوع من العلاقات الظلامية مثل استهداف الشيخ أحمد ياسين بصاروخ في صلاة الفجر عقب لقاء سري في مزرعة شارون، وتعرض قادة حماس بعد ذلك لعمليات اغتيال متتالية…

شارك كذلك في أحداث 15 يوليو

فرق الاغتيال وتمويل الإعلام

كان دحلان أحد الأسماء التي خططت لهجمات 15 يوليو في تركيا. أي أنه كلف بهذه المهمة من قبل أسياده؛ إذ لعب الدور الممنوح له في المخطط الدولي الذي يستهدف إسقاط أردوغان، كما شارك في عملية تمويل الانقلابيين في تركيا، وأجرى التحضيرات وعقد الاجتماعات لأشهر لتنفيذ هذه المهمة. ولهذا يعتبر دحلان أحد المسؤولين بشكل مباشر عن هجمات 15 يوليو.

واليوم في الوقت الذي نركز فيه على فرق الاغتيال، لقد حان الوقت كذلك للتركيز على العمليات الإعلامية التي ينفذها المحور ذاته داخل تركيا. ذلك أن من أرسل فرق الاغتيال ومول الكيانات الإعلامية هي الجهة عينها. وسنكشف النقاب عن أن القضية ليست مجرد قضية إعلامية وحسب…

قائدا الإرهاب: محمد بن زايد ومحمد بن سلمان

لنكمل حديثا.. ثم ظهرت السعودية والإمارات في الصورة، بشكل مرتبط بالاستخبارات الإسرائيلية بطبيعة الحال. ولقد تولى دحلان ورجاله كذلك هذه المهمة بصفتهم قتلة مأجورين. وقد كشفت جريمة اغتيال خاشقجي النقاب عن العمليات التي تنفذها الإمارات والسعودية وإسرائيل ودحلان عندما ألقي القبض على رجالهم متلبسين. بيد أننا كنا قد بدأنا نكتب عن هذه الأمور قبل نحو عام من جريمة خاشقجي، غير أننا عجزنا عن لفت انتباه أحد. لقد صار دحلان يتلقى التعليمات من بن زايد وبن سلمان اللذين كانا يتلقيان الأوامر – بطبيعة الحال – من الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية.

ألم تكف جريمة خاشقجي؟

من كنت ستقتل هذه المرة يأيها الأمير؟!

ينفذ هذا المحور الجديد هجمات عميقة ومدمرة في المنطقة بأسرها من شمال أفريقيا إلى سوريا، ومن السودان والصومال إلى البلقان بما في ذلك تركيا بكل تأكيد. إن محور السعودية – الإمارات – مصر، بدعم أمريكي – إسرائيلي، يخوض حربا شعواء ضد تركيا بدءا من المشاركة في مناورات بحر إيجة والاستثمار في أفريقيا، مرورا بتمويل منظمة بي كا كا الإرهابية في سوريا، ووصولا إلى دعم وتمويل بعض الجهات في الداخل التركي.

إن الجاسوسين الإماراتيين المعتقلين في إسطنبول ينتميان إلى فرق الاغتيال التي نتحدث عنها. ولا يزال في إسطنبول المزيد. ولهذا يجب القبض عليهم فورا. لقد كان هذا الجاسوسان يريدان تنفيذ عمليات اغتيال أو خطف أو أي عمليات كبيرة أخرى. وعندما نظرنا إلى السيرة الذاتية للشخصين المعتقلين اكتشفنا أنهم تلقيا تدريبا على تنفيذ عمليات التخريب والاغتيال.

من كانا سيغتالان؟ هل كانا سيفرجان القنابل في إسطنبول؟ لأي غرض أرسلتما هذين الرجلين إلى تركيا يا محمد بن زايد ويا محمد بن سلمان؟ ألم يكفيكما جريمة خاشقجي؟ من كنتما ستقتلانه؟

أرجو أن يقتفي البعض أثر الأموال…

لقد بسطوا أيديهم على إسطنبول

إنها قضية أمن قومي

لقد نفذوا مخططا عميقا للغاية في إسطنبول في انتخابات 31 مارس. وهذا ليس تزويرا انتخابيا، بل انقلاب وتدخل من خلال الصناديق. لقد تدخلوا في الانتخابات من خلال عمليات داخلية وخارجية.

لقد بسطوا أيديهم على إسطنبول. فهذا هو استمرار لما حدث ليلة 15 يوليو. فنحن أمام قضية أكبر بكثير من قضية الانتخابات وحزب الشعب الجمهوري.

يجب إعادة الانتخابات وإفشال هذا التدخل الذي استهدف تركيا. كما يجب تسليط الضوء على الإرادة التي سلمت إسطنبول لتنظيم غولن الإرهابي وتلك الجبهة الدولية. ولا شك أن هذا الأمر سيتضح بمرور الوقت، فهذه أصبحت قضية أمن قومي.

إن إمام أوغلو مخطط وضعوه. وقريبا سيرى حزب الشعب الجمهوري وتركيا كلها المراحل الجديدة من هذا المخطط. إن القضية هي قضية تتخطى بكثير مسألة الانتخابات والديمقراطية. لقد تدخلوا في الانتخابات والديمقراطية ونفذوا مخططا دوليا، وعلى تركيا إفساد هذه اللعبة.

 

 

يني شفق – ابراهيم قراغول

زر الذهاب إلى الأعلى