مقالات و أراء

حروب ترامب الاقتصادية… قد ينقلب السحر على الساحر

الحرب الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على تركيا والتي تزامنت مع فرض حصارات وعقوبات على بلدانٍ أخرى في الوقت نفسه، ستخلق أزمات كبيرة لبلاده ولحلفائه، وسوف لن تجد الولايات المتحدة الامريكية لها أصدقاء في المستقبل غير دولٍ لا تتعدى أصابع اليد.

حيث قام الرئيس الأمريكي بأصدار أمرًا بمضاعفة رسوم الصلب والألومنيوم على تركيا والتي تزامنت مع تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات على إيران، كما حظر التعامل بالروبل الروسي، ويستعد أيضاً لفرض رسوماً جمركية على الصادرات الصينية الى أمريكا وأخرى على الدول الاوربية.

 

وهناك الكثير من المؤشرات تشير الى ان الذي يقف وراء هذه الحصارات وهذه الحروب الاقتصادية هي إسرائيل التي أصبحت هي صاحبة النفوذ الأكبر في الولايات المتحدة وعلى الرئيس الأمريكي، وقد أيد هذا الكلام المحلل البارز في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، بن كاسبيت والذي يمتلك مصادر مقربة جداً من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.

هذه الحصارات أو الحروب الاقتصادية سوف تأتي بنتائج عكسية للأهداف التي اريد منها وهي إيقاف نمو وتطور اقتصاديات هذه الدول، ومن النتائج المحتملة لهذه الحصارات وخاصة امام تركيا، الاحتمال الأول:

هو توحيد الدولتين الاسلاميتين بطرفيها الشيعي المتمثل بإيران والسني المتمثل بتركيا، وجعلهما في خندق واحد ضد الرئيس ترامب وإظهار الكراهية للأدارة الامريكية، والذي من الممكن إقامة تحالف بين هاتين الدولتين المسلمتين مستقبلاً، وسيستقطب هذا التحالف بعض الدول الإسلامية القريبة مثل باكستان والتي هي الأخرى بدأت تتململ من الإملاءات الامريكية ، والتي تمثلت بتصريحات المتحدث الرسمي للخارجية “بأنها لن تلتزم بالعقوبات الامريكية على ايران ، وانها دولة ذو سيادة وتقوم برسم سياستها وفق مصالحها وليس الإملاءات الخارجية”، أما عن موقفها تجاه الحرب الاقتصادية ضد تركيا فقد صرح النطاق الرسمي لوزارة الخارجية قائلاً “ان باكستان تعارض من حيث المبدأ، فرض عقوبات أحادية الجانب ضد أي دولة، فيجب أن يكون حل جميع القضايا عبر الحوار، والتفاهم المتبادل، وحسن النية، وتعترف باكستان وتشيد بدور تركيا القيّم في مجالات السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكونها عضوا حيويا ومحركا للاقتصاد العالمي”، كما أعرب المرشح لمنصب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، عن تضامن بلاده مع تركيا في وجه الحرب الاقتصادية التي تواجهها، وقال في تغريدة له ” أتوجه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والشعب التركي بخالص أمنيات النجاح في التعامل مع التحديات الاقتصادية الشديدة التي تواجههم “، وإذا ما تم هذا الامر فلا يستغرب ان تلتحق بهذا التحالف الإسلامي كل من اندونيسيا وماليزيا وبعض الدول الإسلامية التي تعاني من ظلم أمريكا لها. 

أما الاحتمال الثاني فهو: إذا توحدت كل من تركيا وروسيا والصين في تحالف واحد لمواجهة هذه الحصارات الامريكية فإن المشروع الامريكي سيلاقي فشلاً ذريعاً، وسوف تكون نتيجته ايضاً هو سقوط هيبة أمريكا، ويمكن بهذا التحالف ان يتم التعامل بالعملات المحلية وبدون وجود الدولار، ومن المحتمل ان يؤدي ذلك الى قيام نظام اقتصادي جديد مستقل ويستند الى سلة عملات غير العملة الامريكية، وهناك مؤشرات على هذا التحالف.

هذه هي أمريكا التي قامت بتحشيد أعداءها والكراهية ضدها بتصرفات رئيسها ، وكل يوم يزداد عددهم، حيث كان سابقاً من يكن لها الكراهية هي اغلب دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي لأنها كانت الداعم الرئيسي لإسرائيل والعصابات الحاكمة لها، ثم ما فعلته في الدول الإسلامية مثل الحرب على أفغانستان والقيام باحتلال العراق وتدمير البنى التحتية له بحجج واهية، ولكن اليوم أضيفت دولاً أخرى بسبب حصاراتها والحروب الاقتصادية التي تلحق الضرر بهذه البلدان وخاصة من تعتبرها أمريكا من حلفائها، ويمكن ان تتولد هناك ثورة غضبٍ ضد هذه الإدارة وممارساتها سوف تقلب الموازين ويحصل التغيير في أمريكا .

 

د. عبد السلام ياسين السعدي –  خاص تركيا الآن

زر الذهاب إلى الأعلى