مـنـوعــات

حمية البحر المتوسط تحميك من حب الشباب ومشكلات البشرة

من المرجح أنك أُصبت بحب الشباب في محطة ما من حياتك، ربما في مرحلة المراهقة أو عندما بلغت الثانية والعشرين من عمرك، وبغض النظر عن العمر الذي أصبت فيه بحب الشباب، فمن المحتمل أنها تعد التجربة الأكثر سوءاً وإحباطاً وألماً، هذا برغم أن الكثير من الأشخاص قد يخبرونك أن الأمر لم يكن بهذا السوء.

لحسن الحظ نحن نعيش حالياً في عصر من السهل فيه الوصول إلى أطباء الأمراض الجلدية والعناية بالبشرة، وأدوية حب الشباب متوفرة بكثرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل نستطيع علاج حب الشباب من الداخل (أي باستخدام الطعام) دون استخدام العلاجات والدهانات الخارجية التي توضع على البشرة.

وكي نكتشف المزيد عن علاقة حب الشباب والحمية الغذائية، حاورت النسخة الأسترالية لـ”هافينغتون بوست” خبير الأمراض الجلدية أندرو ميلير.

يقول ميلر “حوالى 85% من المراهقين يصابون بحب الشباب، وبالتالي يحتاجون إلى نوع مناسب من العلاج”.

وتابع ميلر “المشكلة أن المراهقين يصابون بحب الشباب في المرحلة التي يسعون فيها إلى التمتع بالاستقلالية والاعتماد على أنفسهم أكثر، إذ يميلون إلى الابتعاد بعض الشيء عن والديهم كي يصبح لديهم شخصيتهم المستقلة وقرارهم الخاص، وفي هذا الوقت تأتي الإصابة بحب الشباب، ولك أن تتخيل قدر الإحباط والاكتئاب الذي سيشعر به هؤلاء الأشخاص في هذه الحالة، بالتأكيد هو أمر صعب جداً وأنا أتعاطف كثيراً مع هؤلاء المراهقين”.

وتابع “علاوة على ذلك، غالباً ما يعتمد حب الشباب على الجينات أو الوراثة، ويعني ذلك أنه إذا كانت والدتك أو والدك قد أصيب بها في مرحلة المراهقة فمن المرجح جداً أنك ستصاب بها أيضاً”.

علاقة وثيقة بين الجينات وحب الشباب

وأكد خبير الأمراض الجلدية أنه توجد علاقة وطيدة بين الجينات وحب الشباب، موضحاً أنه في الحالات الشديدة المصابة بحب الشباب، والذين يخضعون للعلاج بعقار “roacctuane” الذي يحتوي على المادة الفعالة أيزوتريتينوين، سنجد في الأغلب أنهم أصيبوا بها بفعل الوراثة وأن أسلافهم كانوا يعانون منها في مرحلة ما من حياتهم.

وأكد ميلر أنه حالياً يتعامل مع الجيل الثاني من المصابين بحب الشباب، إذا تعامل مع والديهم المصابين بنفس الحالة من قبل، ونظراً لأن المرض وراثي، فقد انتقل بطبيعة الحالة إلى أبنائهم، مضيفاً إنه عندما يتأمل هذا الكم الهائل من الأشخاص الذين أصيبوا بحب الشباب في مرحلة ما من حياتهم فإنه يشعر بالدهشة، ويتساءل “هل معدلات الإصابة الكبيرة بحب الشباب لها علاقة وطيدة بحميتنا الغذائية، وهل من المفترض أن نعتني ببشرتنا من الداخل أولاً (عبر الطعام ) ثم من الخارج”.

وقال ميلر “الكثير من أطباء الأمراض الجلدية يعتقدون أن الحمية الغذائية لها بالفعل دور هام في الإصابة بحب الشباب، وأن الأمر ليس له علاقة كبيرة بوظائف الجلد، بقدر ما يتعلق بوظائف الجهاز المناعي، وهو ما يرجح أن أشياء عديدة مثل الحمية الغذائية أو مستويات الأنسولين قد تلعب دوراً ملحوظاً في هذا الأمر”.

وتابع خبير الأمراض الجلدية “أنا أعتقد أن تفسير هذه الظاهرة المحيرة يكمن في أن الجلد عضو كبير الحجم، إذا يبلغ وزنه في الشخص البالغ حوالى 3 إلى 5 كجم، وهو ما يمثل جزءاً كبيراً لا يستهان به من كتلة الجسم، هذا بالإضافة إلى أن الجلد هو عضو بالغ النشاط والحيوية ويتمتع بنشاط أيضي ملحوظ للغاية”.

المثير للاهتمام أن الجلد لا يلتزم بآليات التحكم والوظائف الحيوية العديدة التي تتأثر بها أجزاء الجسم المختلفة، وهو ما يؤكد أنه عضو استثنائي وبالغ الأهمية، كما أنه يتمتع بحماية كبيرة من تأثير الهرمونات والعمليات الحيوية المتنوعة التي تحدث في أعضاء الجسم المختلفة ولا يتأثر كثيراً بالمشاكل والاضطرابات المرضية التي تصاب بها.

وأردف ميلر “لكن إذا كنت تتبع أسلوب حياة غير صحي سينعكس ذلك بلا شك على جلدك، فإذا تناولت أكلة فاسدة، فسيكون ذلك ظاهراً بشكل جلي على بشرتك، لذا فمن البديهي أن ندرك بشكل واضح الدور الملحوظ الذي يلعبه الطعام في صحة بشرتنا”.

وقال ميلر “النصيحة العامة التي أقدمها للأشخاص المصابين بأي نوع من المشاكل الجلدية هي التأكد من التغذية بشكل جيد، واتباع حمية صحية تحتوى على قدر كبير من الأطعمة الطازجة من مجموعات الغذاء الخمسة، المتمثلة في الخضراوات والبقوليات والفواكه والحبوب واللحوم بمختلف أنواعها والألبان ومنتجاتها، وإذا حرص المصابون بحب الشباب على تناول الطعام الطازج وعدم الاقتصار فقط على الأكلات المعلبة ستتحسن حالتهم كثيراً”.

كما أكد خبير الأمراض الجلدية أن صحة الأمعاء تلعب دوراً ملحوظاً في المظهر العام لبشرتنا وحالتها الصحية، وتشير الكثير من الأبحاث الحديثة إلى أن الميكروبيوم أو الميكروبات المتعايشة مع الإنسان وخاصة الموجود على البشرة وفي الأمعاء لها دور ملحوظ في الإصابة بالعديد من الأمراض مثل التهاب الجلد الوراثي، والمهم في الأمر أنها تتأثر كثيراً بطبيعة ونوعية الغذاء.

وقال ميلر “نحن ندرك جيداً أن ميكروبيوم الأمعاء له دور كبير في الإصابة بالكثير من الأمراض الالتهابية التي تصيب الجلد، وتوجد بعض الأدلة العلمية التي تشير إلى أنها قد تؤثر -لكن ليس بدرجة كبيرة- على حب الشباب، لكن التأثير الأكبر يظهر على الاضطرابات الالتهابية، ويمكننا القول بأن الميكروبيوم له تأثير على البشرة والجلد”.

الأطعمة التي تزيد من حدة حب الشباب

ولعلك الآن تتساءل، هل هناك أطعمة تزيد من حدة حب الشباب وتجعل الأمر يزداد سوءاً، وفقاً للدكتور ميلر، الذي يمتع بخبرة عشرات السنين في هذا المجال، نعم يوجد بالفعل.

وقال خبير الأمراض الجلدية “منتجات الألبان لها تأثير واضح في جعل حالة حب الشباب تتحول من سيئ إلى أسوأ”.

وتابع “توجد دراسة كبيرة والعديد من الأبحاث التي أكدت وجود علاقة بين منتجات الألبان وحب الشباب، لكن يجب أن نتابع هذه النتائج بمزيد من الحذر لأنها أجريت جميعاً بواسطة مركز بحثي واحد”.

وأردف ميلر “لكننا لاحظنا بالطبع أن الكثير من الشباب، خاصة الذين يذهبون لصالات الألعاب الرياضية للتدريب بالأوزان والأثقال ويحصلون على مكملات البروتين قد زادت معاناتهم من حب الشباب، ويوجد توافق في الآراء حول ذلك بين العلماء والباحثين”.

ومن الأطعمة الأخرى التي لها تأثير على حب الشباب: الأكلات التي تتمتع بمؤشر جلايسيمي مرتفع “أي أنها ترفع مستويات سكر الدم بشكل ملحوظ وسريع”، وهي تشمل :الوجبات الخفيفة المحولة والمصنعة والبسكويت والحبوب المكررة.

وأوضح خبير الأمراض الجلدية “الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع تتسبب في رفع مستويات الأنسولين بالدم بشكل ملحوظ، وهو ما يجعل الشباب والمراهقين عرضة للتأثيرات الهرمونية العديدة للأنسولين، والتي لا تقتصر بالطبع على خفض مستويات سكر بالدم”.

وأضاف ميلر “الارتفاع الملحوظ في مستويات الأنسولين يتسبب أيضاً في إفراز المزيد من الأندروجين، المعروف بهرمون الذكورة، كما توجد بعض الأدلة العلمية التي تربط بين الأكلات ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع وبين ارتفاع خطر الإصابة بحب الشباب”.

نقص مستويات عنصر الزنك وعلاقتها بحب الشباب

أكد التقرير أيضاً أن نقص الفيتامينات والمعادن بالجسم له تأثير سلبي ملحوظ على حب الشباب ويجعل حالتها تزداد سوءاً.

وقال الدكتور ميلر “الزنك له دور هام جداً في تنظيم الكثير من الأنزيمات التي تتحكم في وظائف الجسم، والموجودة داخل الجسم بأعداد هائلة، وهي تلعب دوراً ملحوظاً في تعزيز فرص بقائنا على قيد الحياة”.

وتابع “تسهم العديد من هذه الأنزيمات بشكل أو آخر في تعزيز صحة الجهاز المناعي، لذا قد يؤثر انخفاض مستويات الزنك لديك على مناعتك، مما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالأمراض”.

وكشفت بعض الأبحاث أن مكملات الزنك تساهم في الحد من خطر الإصابة بحب الشباب، لكن في الوقت نفسه ذكر ميلر أن تلك الأبحاث ليست قوية بدرجة كافية كي نعتمد عليها فقط.

وأوضح ميلر “يقتصر دور الزنك فقط على الحد من الإصابة بالدرجات الطفيفة أو المتوسطة من حب الشباب، كما أن كل الأبحاث التي أجريت حول هذا العنصر الهام لم توص مطلقاً باستخدام الزنك بدلاً من العلاج التقليدي ولم تشر إلى أنه يمتلك أفضلية عليه، لكن غالباً ما يتم وصفه للأشخاص الذين لا يستطيعون استخدام العقارات المضادة لحب الشباب، لذا فالزنك يمكن اعتباره علاجاً بديلاً”.

ما هي أفضل حمية غذائية للوقاية من حب الشباب؟

حينما نتحدث عن أفضل حمية غذائية للوقاية من حب الشباب أو المساعدة على علاجها فربما لن تفاجئك كثيراً توصيات ميلر.

وقال خبير الأمراض الجلدية “من المثير للاهتمام، أنه في أثناء رحلتي أنا وزوجتى منذ عدة أعوام إلى جزيرة رودس بالبحر المتوسط، ذهبنا لإلقاء نظرة على القلعة الموجودة هناك”.

وتابع “ذهبنا وعدنا بالحافلة، وتصادف وقت عودتنا مع وقت خروجه الأطفال والمراهقون من المدرسة، الذين تكدسوا في الحافلة، ولاحظت زوجتي أن كلهم تقريباً لا يعانون من حب الشباب”.

وأضاف “الصبية الذين كانوا يستقلون الحافلة لا يعانون من حب الشباب، وكانوا يتمتعون بوزن صحي، والجميع يمسك بأحد الأدوات الرياضية مثل عصا الهوكي أو مضرب التنس أو كرات القدم، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً”.

يعتقد ميلر أن حمية البحر المتوسط تعد هي السبب الرئيسي في انخفاض معدلات الإصابة بحب الشباب بين المراهقين في جزيرة رودس، إذ يعتمد نظامهم الغذائي بشكل رئيسي على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات وزيت الزيتون والأسماك والأعشاب والتوابل.

وأضاف خبير الأمراض الجلدية “لا أعتقد أن التأثير الرائع لحمية البحر المتوسط يعد لغزاً كبيراً، إذ يعتمد المراهقون بشكل أساسي على تناول الأطعمة الطازجة، وحال اقتران ذلك بممارسة الرياضة والأنشطة البدنية فإن فرص الإصابة بحب الشباب ستنخفض بشكل ملحوظ”.

وأضاف ميلر “لم أرَ سوى أعداد قليلة من المصابين بحب الشباب (البثور والرؤوس السوداء التي تميزها) داخل حافلة كبيرة مكتظة بالأولاد والبنات”.

 

التأثير الإيجابي للرياضة في مكافحة حب الشباب

 

وأوضح خبير الأمراض الجلدية أن السبب وراء الدور الإيجابي للرياضة في مكافحة حب الشباب يعود لتأثيرها على الأنسولين، إذ ثبت أن الأنشطة البدنية تخفض مستويات الأنسولين، وفي حالة اقتران ذلك باتباع حمية غذائية صحية، سيكون التأثير مضاعفاً.

الأمر الأهم الذي يريد ميلر التشديد عليه هو ضرورة ممارسة الرياضة واتباع حمية صحية بغض النظر عن الإصابة بحب الشباب من عدمها، ويجب على المصابين بهذه الحالة استشارة الطبيب المختص.

وأضاف ميلر “أعتقد أنه من المفيد دائماً الإشارة إلى أن حب الشباب يعد أمراً معقداً ومكلفاً، ويجب على المصابين به استشارة ذوي الخبرة من أطباء أو صيادلة، لكن إذا كانت الحالة متطورة وشديدة، فينصح بزيارة خبير الأمراض الجلدية، كما يجب الحذر من الاستماع للأشخاص الذي يستهدفون بيع شيء ما لك بينما يقدمون لك النصيحة”.

زر الذهاب إلى الأعلى