الجاليات في تركيارمضان في تركيا

رمضان المساكن الشبابية في تركيا.. “إفطار على قد الحال”

تنتشر المساكن الشبابية بكثافة في كافة الولايات التركية لا سيما “اسطنبول وأنقرة وأضنة وغازي عينتاب وشانلي أورفا”، وتُشكّل للشباب السوريين الحل الأمثل للاستقرار النسبي لأسباب عديدة أهمّها ضعف القدرة المادية وعزوف أصحاب المنازل في الكثير من المناطق عن تأجير الشباب المنفصلين عن عائلاتهم.

إحدى المساكن الشبابية بمدينة اسطنبول التركية تأوي 18 شاباً سورياً يتقاسمون منزلاً يحتوي على ثلاث غرف وحمام صغير ومطبخ مشترك، وتتسع الغرفة الواحدة بالرغم من ضيق مساحتها لـ 6 شباب نظراً لاستخدام الأَسِرّة الطابقية.

في زاوية إحدى الغرف وقبل آذان المغرب بثلاث ساعات يجلس “محمود”، 25 عاماً، ويحاول التفكير بتحضير وجبة إفطار مميزة تختلف عن الوجبات التي تناولها وأصدقاؤه الخمسة، منذ دخول شهر رمضان المبارك. وبعد شعوره بالعجز، يتدخل صديقه الشاب “جميل” مُذكّراً إيّاه بعدد الوجبات التي خسروا تكلفتها جراء فشلهم في طهيها، وبعد التشاور فيما بينهم لأكثر من ساعة قرروا أخيراً العودة لما يستطيعون انجازه من وجبات بسيطة.

يقول محمود لـ “اقتصاد” إنّه يتوق للمأكولات الحلبية التي كان يتناولها مع أهله في مدينة حلب قبل الحرب كالـ المشاوي والمكمورة والملفوف والمحشي واليالنجي والقباوات والقشة والكويسات.

ويُضيف: “سوء الأوضاع المعيشية وانعدام فرص العمل أدى لإغلاق سقف خيارات الشباب وقبولهم مجبرين بالأمر الواقع”.

وتنحصر الوجبات التي يشتهون تناولها بمخيلتهم فقط، ويلجئون لصديقهم “بسام” في ذات الغرفة وهو المكلف طوعياً بتحضير الإفطار.

بسام يبلغ من عمره 28 عاماً ينحدر من مدينة دير الزور اعتاد على طهي البطاطا والبيض وهي المواد الغذائية الوحيدة التي يتقن استخدامها في تحضير الوجبات منذ سنوات، بعد أن فشل في إعداد الوجبات الديرية كالـ “المشحمية والفورة والهبيط والبامية”.

وقال إنّه يحاول دائماً التنويع بهاتين المادتين حتّى لا يشعر أصدقاؤه بالملل. يوماً يُحضّر “البطاطا المقلية” مع سلطة البندورة والخيار، ويوماً آخر يصنعها مسلوقةً مُضيفاً إليها البيض المسلوق مع زيت الزيتون والبقدونس بجوارها اللبن، ويستطيع صنع  “مفركة البطاطا بالبيض” أو “صينية البطاطا بالماجي” أو “البيض المقلي بالبصل وأحياناً بالثوم”.

وعن الوجبات الجاهزة قال بسام إنها مرتفعة الثمن، فالوجبة الواحدة الكافية لشخصين فقط قد تكلّف 30 ليرة تركية، وهذه القيمة تبلغ نصف أجر يوم عمل، مؤلف من 12 ساعة، والعمل شبه معدوم في فصل الشتاء الطويل، الأمر الذي يجبرهم على تحجيم خياراتهم في كافة تفاصيل معيشتهم ومنها الطعام اليومي.

جميل البالغ من عمره 31 عاماً، ينحدر من دمشق، قال إنّه وفي حال قرروا المغامرة وتغيير تناول الوجبات التي اعتادوا عليها يقومون بتوصية أحد المطاعم الشعبية السورية القريبة منهم على “الفتة بالسمنة”.

ويُضيف أنه بالرغم من سوء مذاقها إلّا أنّها تعود به إلى أسواق حي الميدان الدمشقي والمطاعم التي كان يرتادها قبل الحرب والتي تشتهر بتحضير وجبات “الشاكرية والكبة بأنواعها وست زبقي” وغيرها من المأكولات الشهية.

ويُردف جميل أنّ الأصدقاء الستة يتقاسمون تكاليف الطعام في شهر رمضان وغيره، ويشتركون في تحضيره، فيقع على عاتق أحدهم شراء المواد من السوق، وآخر يُكلّف بتقشير البطاطا وإعداد السلطة، والبقية يُساعدون في جلي الأواني والتنظيف. وعن قيمة تكلفة وجبات البيض والبطاطا أكّد أنّها تُكبّد الواحد منهم بين 10 و 15 ليرة تركية.

انسجام الأصدقاء الستة في تلك الغرفة لا يعني بالضرورة انسجام كافة الشباب السوريين في المساكن الشبابية لأسباب اختلاف الثقافة والأعمار، وأكثر الشباب القاطنين فيها يتناولون طعامهم لوحدهم، بالتالي يتكبدون مبالغ عاليةً جداً مقارنةً بالأجور الشهرية أو الأسبوعية التي يتقاضونها.

 

فادي شباط – اقتصاد

زر الذهاب إلى الأعلى