ثقافيةروائع التاريخ العثماني

ضريح الصحابي “أبي أيوب الأنصاري” في إسطنبول.. شاهد على فتح القسطنطينية

على مر السنوات التي لحقت فتح القسطنطينية، كان لضريح الصحابي “أبي أيوب الأنصاري” مكانة مهمة لدى الشعب التركي، سواء قبل قيام الجمهورية التركية أو بعده.

وفي زمن الدولة العثمانية، وبعد فتح مدينة إسطنبول، كان سيف السلطنة للسلطان العثماني الجديد يتم تقليده عند الضريح، تقديرا لشأن هذا الصحابي الذي مات على أبواب القسطنطينية عام 82 هـ.

وخلال السنوات الأخيرة، اتخذ مرقد “أبي أيوب الأنصاري أهمية كبيرة على الصعيد الرسمي والشعبي، حيث عملت الحكومة التركية على إعادة افتتاحه في يونيو / حزيران عام 2015، بعد الانتهاء من أعمال الترميم التي بدأت في أبريل / نيسان 2011.

ويعتبر الأتراك “أبا أيوب الأنصاري” الذي استشهد في الحرب بالقرب من إسطنبول، حامل لواء جيش النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويشكل هذا نزعة وجدانية كبيرة، نظرا لقلة أعداد الصحابة الذين دفنوا في مدينة إسطنبول، خلافا لأضرحة الصحابة المنتشرة في بلاد الحجاز والشام رضوان الله عليهم.

وكعادته، بعد كل انتخابات يشارك فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يزور ضريح الصحابي الجليل في إسطنبول، بمشاركة العديد من النخب السياسية الحاكمة، وأشهر تلك الزيارات بعد الليلة الأولى من المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، وبعد تشييع جثمان رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان.

ويعد ضريح الصحابي الجليل “أبي أيوب الأنصاري” في منطقة أيوب، من أشهر الأضرحة التي احتضنتها مدينة إسطنبول.

ويرى الأتراك أن “الأنصاري” عاش طوال حياته غازيا، وهو الذي استقبل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته فور قدومه المدينة المنورة، وممن شهدوا بيعة “العقبة الأولى”، وغزوتي “بدر” و”أحد”.

وينظر الشباب التركي إلى الصحابي الجليل نموذجا للتضحية والفداء، لأنه توفي عن عمر ناهز 98 عاما وهو يحاول فتح القسطنطينية، حيث كانت آخر غزوات الصحابي الجليل عام 668 للميلاد، حين جهز معاوية جيشا بقيادة ابنه يزيد لفتح القسطنطينية، وكان وقتها شيخا طاعنا في السن.

لم يحل كبر سن الصحابي الجليل دون التحاقه بالجيش، ومشاركته في معارك فتح القسطنطينية، لكن أصابه مرض خلال المعارك أقعده عن مواصلة القتال، ووافته المنية على أسوار المدينة، وأوصى حينها أن يدفن قدر الإمكان بالقرب من أسوار القسطنطينية، التي لا يبعد عنها سوى بضعة أمتار.

وتشير المصادر التاريخية التركية إلى أن أول عمل قام به السلطان العثماني محمد الفاتح، هو تحديد موقع ضريح هذا الصحابي عندما فتح المدينة يوم 29 مايو / أيار 1453 للميلاد.

وكان السلاطين العثمانيون يولون أهمية بالغة لضريح “أبي أيوب”، وكل السلاطين الذين جاؤوا بعد محمد الفاتح، جرت مراسم تقليدهم سيف السلطنة أمام هذا الضريح.

وفي إسطنبول، يوجد 117 ضريحا تابعا لوزارة الثقافة والسياحة التركية، يتوافد عليها آلاف الأشخاص سنويا لزيارتها، بغرض الترحم عليهم، واستذكار ما تركوا من آثار خلدها التاريخ إلى يومنا الحالي.

و”أبو أيوب الأنصاري”، هو خالد بن زيد بن كليب الخزرجي النجاري، شهد بيعة “العقبة”، وغزوتي “بدر” و”أحد” مع النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)، وهو الذي خصه الرسول الكريم بالنزول في بيته عندما قدم إلى المدينة المنورة مهاجرا، حيث أقام عنده سبعة أشهر، حتى بنى حجرة ومسجدا وانتقل إليهما.

زر الذهاب إلى الأعلى