الجاليات في تركيا

طلاب عراقيون في تركيا “يحلمون” ببلادهم خالية من الطائفية

يحلم طلاب عراقيون، يدرسون في تركيا، باكتساب قدرات معرفية وثقافية تؤهلهم لبناء مؤسسات بلادهم من جديد، بعيداً عن الطائفية.

ويزداد الحلم صعوبة، في ظل مصير بلادهم المجهول، جراء الصراع مع تنظيم “داعش” الإرهابي وانتهاكات المليشيات الشيعية بالمناطق السنية.

وتحدث طلاب عراقيون، مقيمون في إسطنبول، في أحاديث منفصلة، للأناضول، عن أحلامهم بمستقبل مشرق لبلادهم خالِ من معاناة تجرعوها على مدار سنوات مضت بسبب جرائم “داعش”، وانتهاكات مليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية بالمناطق السنية.

وأعرب الطلاب عن قلقهم إزاء ارتكاب قوات “الحشد الشعبي”، المشاركة في عملية تحرير مدينة الموصل بمحافظة نينوى (شمالي) من “داعش”، انتهاكات بحق المدنيين، مستذكرين ممارسات تلك المليشيات بمحافظتي “ديالى” (شمال شرق)، و”صلاح الدين” (وسط).

“محمود وليد”، من مدينة الموصل، يكمل الدراسات العليا في جامعة إسطنبول، قال: “رحلت من مدينتي حتى لا أعيش موتاً بطيئاً فيها، وقررت أن أكمل مسيرتي التعليمية في تركيا في محاولة لاكتساب معارف جديدة تساعدني مستقبلا على تغيير الواقع المأساوي”.

وأضاف “وليد”: “نريد أن نبني أنفسنا من خلال التعليم والإبداع وإقامة العلاقات السياسية والثقافية المختلفة لنعود إلى بلادنا لنبنيها من من جديد، وتكون بصورة مختلفة، خالية من الطائفية تضم تجمعات متزنة سلوكياً وفكرياً لنحيي الأمل للأجيال القادمة”.

من جانبه، أعرب طالب إدارة الأعمال في إسطنبول، مثنى صالح، عن أسفه لتغييب مدينته الموصل علمياً رغم وجود قاعدة ثقافية كبيرة فيها.

وقال: “أصبحت الموصل عنوانا في وسائل الإعلام، لكن ليس لأغراض علمية أو ثقافية أو سياحية، كما كانت في الماضي، بل لمشاهدة الحروب والدمار فيها”.

ودعا “صالح” إلى منح أبناء الموصل من الشباب الطاقة والفرصة من جديد لبناء مدينتهم، وتحسين صورتها المشبعة بالدماء والدمار لتصبح أكثر إشراقاً وحياة.

وحذر من أن كارثة حقيقية تهدد المدينة بعد أن تحولت لساحة للصراعات الدولية وتصفية الثارات الإقليمية.

وفي السياق، أعرب طالب العلوم السياسية، “وليد العاني”، وهو من بغداد، عن أمله أن يكون هناك جيلا عراقيا واعيا يتمكن من إعادة بناء البلاد.

وأشار “العاني” إلى أن هدفه من الدراسة في تركيا أن يكتسب معارف جديدة ليعود إلى بلده ويحقق ما لم ينجح السياسيون بتحقيقه.

وقال: “كنا في العراق نتعرض للتضييق من الجيش العراقي والميليشيات، فضلاً عن مداهمات المنازل، وقد مررنا بأحداث شنيعة مورست ضدنا من قبل الحشد الشعبي، لذلك نأمل أن ينتهي كل ذلك وتعود الأمور إلى نصابها”.

بدوره، قال طالب علم الإجتماع “صهيب الزبيدي”، وهو من محافظة ديالى (شمال شرق): “بلدي مدمر وهناك من يريد تدميره، عبر الصراعات، ليبقوا في مناصبهم، ونحن كطلبة نأمل أن نتأهل علمياً لنعود إلى العراق ونعيد بناء مؤسساته بدون طائفية”.

على ذات الصعيد، ذكر الطالب “أبو بكر خطاب”، الذي يدرس إدارة الأعمال، وهو من محافظة صلاح الدين (وشط)، أن “الشعب العراقي، وتحديداً السنة، فقدوا لأمل في الحياة الكريمة التي من حق الإنسان أن يعيشها”.

واستدرك بالقول: “نحن نريد أن نكون مؤهلين علمياً وثقافياً لكي نقود مجتمعنا في العراق ونعيد بنائه من جديد لنعيد الأمل لشعبنا”.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، انطلقت معركة استعادة الموصل من “داعش”، بمشاركة نحو 45 ألفاً من القوات التابعة للحكومة العراقية، سواء من الجيش، أو الشرطة، فضلا عن “الحشد الشعبي” (شيعي)، و”حرس نينوى” (سني) إلى جانب قوات البيشمركة، وإسناد جوي من التحالف الدولي.

وتتهم عدة أطراف سنية عراقية، ومنظمات حقوقية دولية وحتى الأمم المتحدة، الحشد الشعبي بارتكاب عدة جرائم على خلفية طائفية ضد المدنيين السنة في المدن المحررة خلال الفترة ما بين 2014 و2016.

ورغم تطمينات المسؤولين العراقيين بعدم مشاركة ميليشيات الحشد في معركة الموصل، ينفي السكان ذلك، مؤكدين للأن الأخيرة تشارك بل وأنها “في طليعة القوات المشاركة”.

ويرى سكان المدينة، التي سقطت بيد تنظيم “داعش” في العاشر من يونيو/ حزيران 2014، أن ميليشيا “الحشد الشعبي” جاءوا الى الموصل بدوافع “انتقامية” من سكانها، ولا يخفون “نواياهم الطائفية”، بحسب سكان ووجهاء من المدينة، للأناضول.

زر الذهاب إلى الأعلى