مقالات و أراء

عام 2023 سيشهد تصفية حسابات نهائية قوية .”وطننا تركيا” أم “وطنهم تركيا”؟

سيهاجمون تركيا بكل ما أوتوا من قوة في 2023

ستخضع الطفرة الكبرى التي بدأتها تركيا في القرن الـ21 لأول اختبار حاسم عام 2023، فهل سيواصل محور تركيا هذا الصعود متعدد الجوانب أو أنهم سينجحون في إيقافه؟

 

 

ولقد استطاع محور تركيا أن يحجز لنفسه مكانا على كل ساحات السلطة الدولية ليمتد إلى كل شبر من الأرض، فهل سيتمكن من تدمير الجبهة الداخلية والخارجية أم سيدخل في مرحلة ركود خطيرة؟

هل ستستطيع الجينات السياسية التي تمثل استمرارية الدولتين السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية وتصنع التاريخ منذ مئات السنين بفضل هذه التقاليد وترسم ملامح الجغرافيا أن تزيد من حجم قوتها ودورها أم ستتعرض لحالة من الانقطاع؟

 

 

سيهاجمون تركيا بكل ما أوتوا من قوة في 2023

 

سيشهد عام 2023 تصفية حسابات نهائية عندما يهاجم من بالخارج تركيا من خلال الجبهات والتحالفات التي أقاموها بالداخل من أجل تحقيق أهدافهم السياسية والجيوسياسية.

لقد فقدوا قواتهم القديمة وأصبحوا عاجزين عن تنفيذ ما يريدون، لكنهم سيجربون مجددا. كانوا في السابق يهاجمون تركيا للسيطرة عليها، والآن سيهاجمونها “كيلا تزداد تركيا نموا وتمثل خطرا عليهم”.

لا شك أنهم سيستخدمون سلاحا داخليا متمثلا في معارضة أردوغان وانتقام غولن وبي كا كا والغضب والحقد الشخصي الذي يكنه الزعماء السياسيون في تركيا.

ربما تعتبرون ما سيحدث صراعا سياسيا أو تنافسا انتخابيا، لكنه في الحقيقة سيكون حدثا تقف خلفه مخططات “كيف نوقف تركيا؟”، ليطرحوا أمام تركيا خطرا عظيما متمثلا في أشكال التهديد الخارجي ومشاعر انتقام من بالداخل وحالة “التبعية” التي يعيشونها.

جروا الأحزاب السياسية لمحور “غولن” و”بي كا كا”

إنها لصدمة كبرى أن نرى تطابقا كهذا بين أشكال التهديد التي يرسمها الغرب والأهداف التي تحملها التحالفات داخل تركيا.

الأمر ذاته ينطبق على التنظيمات الإرهابية كغولن وبي كا كا.

ولقد استغلوا هذا الأمر علانية لفرض النظام الغربي والوصاية على تركيا وسعوا لتصغير تركيا وإضعافها والسيطرة عليها وتمزيقها لو رفضت الخضوع.

أما أخطر ما في الأمر فهو انجراف الأحزاب السياسية لهذا المحور لدرجة أنها ارتضت أن تلعب الدور الذي رسمته أمريكا وأوروبا لكل من غولن وبي كا كا.

لقد ارتضى من كان من المفترض أن يكافح من أجل تركيا ويساهم بكل ما أوتي لضمان طمأنينتها وأمنها وقوتها ورفاهيتها بأن يلعب دورا يتمثل في استهداف تركيا بالداخل وإيقافها بالخارج.

استعانوا بهم بعد فشل “غولن” و”بي كا كا”!

ذلك أن بي كا كاو غولن فشلا فقد استعانوا بهؤلاء الآن ووزعوا بينهم الأدوار لينفذوا تعليماتهم.

ولم نسمع من أحد منهم ولو كلمة أو مقترح أو خطة تدعم تركيا في الوقت الذي يعد فيه تعريف القوى والكتل على المستوى الدولي وتسعى فيه تركيا لأن تحجز لنفسها مكانة قوية في ظل هذه الأزمة الخانقة.

ولن نسمع منهم أبدا مثل هذه الاقتراحات، ذلك أنهم تولوا دورهم من أجل العودة إلى نموذج تركيا القديم.

إنهم يتحدون من أجل تركيا الضعيفة والفقيرة ومضطربة التي تشهد مدنها تفجيرات إرهابية وحدودها مخاطر متعددة وساحاتها صراعات داخلية وأزمات سياسية واقتصادية.

أكاذيب وأوهام وأجندة سرية:

لو فشل تخطي 2023 ستتمزق تركيا

إنهم يقفون على الجبهة المضادة في أي كفاح تخوضه تركيا في كل مكان، فينتهجون حملات الأكاذيب والأوهام والعمليات النفسية لتضليل العقول كما تعلموا من تنظيم غولن الإرهابي ليخفوا نيتهم الحقيقية عن الرأي العام.

فكل هذه الأكاذيب والأوهام إنما للتستر على تلك الأجندة السرية!

لقد كان هناك خياران أمام تركيا في الوقت الذي تشكل فيه القرن الـ21، فإما كانت ستتقلص أو ستنمو وما كان أمامها خيار لتبقى كما كانت، فاستعانت تركيا برموز السياسية التاريخية واختارت أن تنمو وتقوى، ولو لم تفعل لكانت قد مزقت.

لو فشل تخطي عام 2023 واستطاعوا إيقاف الاستثمار في هذه القوة فإن تركيا حتما ستتقهقر أي ستتمزق. ولو نجحت الجبهة السياسية التي أقاموها بالداخل فإن هذه النتيجة حتمية.

إشارة لداود أوغلو وباباجان:

أوقف أردوغان بالداخل وتركيا بالخارج

لذلك فإن عام 2023 سيكون عام تصفية الحسابات النهائية، فاعتبروه تصفية الحسابات مع أردوغان بالداخل، فهذا المخطط يدار لإيقاف تركيا بالخارج.

إن العبارة التي قالها كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري “ربما يشهد تحالف الأمة انضمامات جديدة”، في إشارة إلى أحمد داود أوغلو (حزب المستقبل) وعلي باباجان (حزب الديمقراطية والتقدم)، تجسد سعيه للتشديد على “تصفية الحسابات النهائية” عام 2023.

ذلك أن كتلة الغرب تضعف بعدما فقدت أمريكا وأوروبا قدرتهما على رسم ملامح العالم. فالمحور الأطلسي لم يعد المركز، كما أن القوى السياسية التي تستمد الدعم من ذلك المحور ستضعف هي الأخرى وسيضعف معها مخططهم الخاص بتركيا.

وربما يحدث الكثير من الأمور لهذه الجبهة السياسية التي يقودها كيليتشدار أوغلو الذي لا نعلم ما إذا كان عمره السياسي سيمتد حتى عام 2023.

من جمعكم تحت هذه المظلة؟

من شركاؤكم السريون ومن سيدكم؟

من الذي جمع تحت مظلة واحدة هذه الشخصيات التي لا يمكن أبدا أن تجتمع في مكان واحد؟ ومن جمع على جبهة واحدة أحزاب سياسية غير متوافقة أبدا؟ فالرد على هذا السؤال يكفي للإفصاح عن كل شيء.

أتظنون أن هذا التحالف قائم بين الأحزاب السياسية وحسب؟ بل إن له شركاء سريون من أمثال غولن وبي كا كا وله سادة في الخارج متمثلون في أمريكا وأوروبا.

غير أن العالم وما يشهده من تبدل في موازين القوى ربما يشكل ضغطا على هذا التيار. فنحن أمام عالم يتشكل على عكس ما يريدون. ولقد أقاموا جبهة معادية لتركيا في العالم العربي أملا في أن تعمل بالتعاون مع الجبهة الداخلية.

لكنها انهارت بعد أقل من عامين ليروا أن خطة إيقاف تركيا بالتعاون مع أمريكا وأوروبا إنما هي مغامرة لحظية.

إن ما يحدث ليس له صلة بالسياسة الداخلية والتحليلات السياسية، فتركيا أصبحت قوة دولية ولم يعد أي شيء محليا. وعندما ننظر للأمر من هذه الزاوية ونرى التغير القوي في العالم سنرى أنهم لن يحققوا شيئا بإشارات تأتيهم من الغرب وأن هذا لن يكون كافيا أبدا.

“وطننا تركيا” أم “وطنهم تركيا”؟

تأسيس كبير أم انهيار عنيف؟

سيشهد عام 2023 تصفية حسابات نهائية بالنسبة لـ”استمرارية الدول” وتلك الجينات السياسية، فهذا حتمي، فسنشهد صراعا قويا بين محور تركيا والوصاية الغربية.

سنشهد معركة شرسة بين من يتمسكون بهذا الوطن ومن يتلقون التعليمات من أمريكا وأوروبا لنرى “وطننا تركيا” أم “وطنهم تركيا”؟

ستقع المعركة بين ما هو وطني وما هو أجنبي، بين من يريدون تطوير هذا الوطن ومن يريدون تقزيمه. ستقع المعركة بين رواد صعود الأناضول والمنطقة وبين “تحالف الانتقام” والقوى الإمبريالية التي تقف خلفه، فعام 2023 سيكون إما عام التأسيس الكبير أو الانهيار العنيف.

لذلك أدعوكم للتخلي عن هوياتكم السياسية ودعم “محور تركيا”!

إبراهيم قراغول – يني شفق

زر الذهاب إلى الأعلى