مقالات و أراء

عمليات استخباراتية هدفها تركيا

من المبادئ الرئيسية في الصحافة:

“يجب أن يعلم القارئ ما إذا كان هناك أي علاقة بين الشخص الذي يعد منشورًا ما، وموضوع المنشور المذكور”

حتى يتمكن القارئ من التقييم بناء عليه.

رأيت نموذجًا لهذا المبدأ في خبر لدويتشه فيلله إحدى القنوات الإخبارية الرسمية بألمانيا، حول الصحفيين (!) المنتمين لتنظيم “غولن” في البلاد.

قالت دويتشه فيلله في خبرها إن عناصر تنظيم “غولن”، بعد أن أغلقوا مؤسساتهم الإعلامية، نشروا محتويات تفيد بأن “غولن طيب وأردوغان سيئ” في وسائل الإعلام الألمانية.

وأكدت دويتشه فيلله أن وسائل الإعلام الألمانية لم تخبر قراءها أن هؤلاء الأشخاص عملوا سابقًا في مؤسسات مرتبطة بتنظيم غولن.

كان القراء الألمان يظنون أن “صحفيينن” هم من أعدوا الأخبار المناهضة لتركيا! عند النظر من هذه الزاوية إلى “مقالات الدعاية السوداء” الصادرة في أوروبا والولايات المتحدة بحق تركيا، لم يكن مفاجئًا رؤية أن كتابها يعملون في “معاهد البحوث” المعروفة بأنها “اللوبي الإسرائيلي”.

لكن لم يكن هناك أي ذكر لعلاقات هؤلاء الأشخاص في السيرة الذاتية الواردة أسفل أي مقالة من المقالات المذكورة.

كان القراء يعتقدون أن هؤلاء هم إما “خبير في الشؤون التركية” أو “جنرال متقاعد” أو “دبلوماسيا سابق” أو “أكاديمي” أو “صحفي”.

***

لا تجري هذه العملية في الإعلام الأجنبي ولا عبر “حسابات مزيفة” فقط..

هناك أشخاص يظهرون على الشاشات في الإعلام التركي بصفتهم “أكاديميين” أو “خبراء”، ويكتبون مقالات. لكن لا يُذكر في أي المؤسسات الإعلامية الأجنبية يعملون كـ”باحثين” في الوقت نفسه.

تصوروا أنكم تستمعون لأستاذ تركي على الشاشة على أنه خبير في السياسة الخارجية أو وسائل التواصل الاجتماعي. كيف ستستمعون إليه وتقيمون أقواله إذا عرفتم:

أنه يعمل “محللًا” في شركة للتضليل الإعلامي مقرها إسرائيل،

وأن الصحف الأمريكية تعرّف هذه الشركة على أنها “تشغل عملاء سابقين لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد”،

وأن مالك الشركة اضطر لإغلاق شركة أخرى يملكها، تعمل نفس العمل، بسبب تورطها في فضيحة تبادل حسابات مستخدمي “فيسبوك”،

وأنه أُلقي القبض عليه على خلفية قضية علاقات ترامب مع روسيا،

وأنه يلعب دورًا في علاقات أمراء سعوديين وإماراتيين مع الولايات المتحدة،

وأن هؤلاء الأساتذة الأتراك يقفون في صف واحد مع “محللي” الشركة المعروفين بعدائهم الشديد لتركيا

 

قد يُقال:

“وماذا في ذلك؟ هؤلاء يسهمون في الحضارة العالمية فيما يتعلق بمجالات اختصاصتهم، ولا يقومون بذلك مجانًا، هذا نوع من التصدير العلمي”..

لنقبل ذلك جدلًا:

أليس من الضروري أن يعلم المشاهد والقارئ “من هؤلاء المصدّرين وماذا يصدّرون، أو ماذا يستوردون”؟

أصبحت العمليات الاستخباراتية المنفذة عبر شركات التواصل الاجتماعي مطية للسياسة الخارجية، وحتى التجارة.

مصطفى كارت أوغلو – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

زر الذهاب إلى الأعلى