الجاليات في تركيا

فرص عمل كريمة للاجئين.. مؤسسة “رزق” توفرها لـ 17 ألف سوري في تركيا

عندما وصل الشاب السوري محمود يحيى إلى تركيا، وجد نفسه محاطاً بصعوبات عدة، فمن جهة كان عليه إعالة عائلته المؤلفة من 7 أشخاص، ومن جهة أخرى كان يواجه معاناة أكبر لأنه ولِدَ أصم وأبكم، وقلما وجد أُناساً يفهمون لغة الإشارة التي يتحدث بها.

لم يكن لدى يحيى (20 عاماً) الكثير من الخيارات، فقبل بفرص عمل تم استغلاله بها، فأحياناً لم يتقاضى أجر عمله رغم قضائه ساعات طويلة في العمل، ثم اضطر بعد ذلك إلى البحث بدائل.

يحظى يحيى الآن بعمل يشعر بالسعادة به، بعدما استطاعت مؤسسة سورية تأمين فرصة عمل له لا يزال مستمراً بها حتى الآن.

ويحيى هو واحدٌ من بين آلاف اللاجئين السوريين الذين وجدوا فرص عمل في السوق التركي، من خلال مساعدة مجانية قدمتها لهم مؤسسة “رزق(link is external)” للتأهيل المهني، وهي واحدة من مؤسسات المنتدى السوري(link is external) في تركيا.

توظيف وتدريب

بدأ عمل مؤسسة “رزق” في العام 2014، ويقول مديرها، أنس الشهاب، في تصريح لـ”السورية نت”، إنهم استطاعوا منذ التأسيس وحتى نهاية العام 2018، تأمين فرص عمل لـ 17263 سورياً في مختلف المجالات العلمية والمهنية.

وتعتمد المؤسسة منهجية عملية في توظيفها للسوريين في السوق التركية، فقرابة 3 آلاف سوري تلقوا تدريبات عن طريق المؤسسة قبل أن ينخرطوا مباشرة في سوق العمل، واستطاعت أن توفر لهم فرص تدريب لدى جهات حكومية تركية، وجهات دولية، فضلاً عن تدريبات خاصة متعلقة بثقافة العمل واللغة.

ويقول الشهاب عن عمل المؤسسة التي استفاد من مجمل خدماتها حتى الآن 88321 شخصاً: “نؤدي عملاً في مجال استراتيجي ونوعي، فقلما توجد جهات دولية، أو محلية تعمل على إيجاد فرص عمل للسوريين، وتربطهم بالشكل الصحيح مع السوق التركي”.

انتشار في أهم الولايات

وبينما يتركز الجزء الأكبر من السوريين في ولايات إسطنبول (قرابة نصف مليون شخص)، وغازي عينتاب، وشانلي أورفا، تُركز مؤسسة رزق عملها هناك حيث افتتحت مكاتب لها.

وإلى جانب وجود عدد كبير من السوريين في هذه الولايات، فإن نسب البطالة المرتفعة فيها، كانت سبباً رئيسياً في تركيز المؤسسة لعملها في هذه الولايات، وفقاً لما قاله الشهاب.

وتمثل الخدمة المجانية المُقدمة من المؤسسة، سبباً مشجعاً للاجئين السوريين للجوء إليها بحثاً عن عمل وذلك تجنباً للعوز وانتظار المساعدات. ولذلك استقبلت المؤسسة طلبات توظيف بمجالات مختلفة.

وقال الشهاب إنهم استطاعوا في “رزق” توفير فرص عمل لسوريين بمجالات علمية، واختصاصات طبية وهندسية، وحصل سوريون على عمل في مجالات الهندسة الميكانيكية والكهربائية، إضافة إلى حصول آخرين على عمل في مجالات التسويق والمبيعات، والأعمال المهنية الاحترافية، وفي مجال القطاع الزراعي والحيواني والأعمال البسيطة.

ومن أحد أهم أهداف المؤسسة، مساعدة اللاجئات السوريات على تأمين فرص عمل تليق بهن، وقال الشهاب لـ”السورية نت” في هذا السياق، إنهم “أمنوا وظائف عمل كريمة لـ5573 لاجئة سورية في سوق العمل التركي”، أي قرابة ثلث المستفيدين من خدمات المؤسسة هم من النساء.

ورأى الشهاب أن الأرقام الكبيرة للسوريين الذين يبحثون عن فرصة عمل من خلال مؤسسة “رزق”، تدحض مقولات كثيرة سلبية عن اللاجئين، وقال: “السوريون رجال ونساء في تركيا يبحثون عن عمل يقيهم السؤال والحاجة إلى المساعدات، وهو على عكس الكلام الذي يقول إن اللاجئين لا يبحثون عن فرص عمل”.

وبالنسبة إلى مؤسسة “رزق” فإنها لا ترى بأن عملها ينتهي عن تأمين فرصة عمل فقط، فلديها فريق يعمل على متابعة الجهة المُشغلة للاجئ، واللاجئ نفسه، وتقدم المساعدة للطرفين للاستفادة من بعضهما بشكل جيد.

دعم السوق التركية

وخلال السنوات الأربع الماضية توسع عمل مؤسسة “رزق”، بحسب ما قاله الشهاب، حتى استطاعت الحصول على عدة شهادات واعترافات من قبل الحكومة التركية، كان آخرها منح المؤسسة ترخيصاً هو الأول من نوعه من وزارة العمل.

ويُمكّن هذا الترخيص المؤسسة من العمل تحت مظلة مؤسسة التوظيف التركية “إشكور”، وقال الشهاب “هذا يمثل عملاً فريداً لنا لم يسبقنا إليه أحد”.

وتُنفذ مؤسسة “إشكور” برامج لتوظيف اللاجئين السوريين في تركيا، وتُركز وزارة العمل التركية في تطبيق هكذا نوع من البرامج في نفس الولايات الثلاث التي تعمل بها “رزق”، وهو ما رأى فيه الشهاب “مؤشراً واضحاً على أهمية ما تقوم به رزق”.

وأضاف في هذا الصدد: “من خلال عملنا استطعنا أن نلفت أنظار جهات حكومية تركية إلى ضرورة تطبيق برامج توظيف في الولايات الثلاث التي نعمل بها، نظراً لاحتياجات السوق، وكم الطلب، وارتفاع نسبة البطالة بها”.

وتدرس “رزق” حالياً خطة لإفادة المجتمع التركي المُضيف من خلال عملها، فلدى المؤسسة حالياً نية لتصدير أيدي عاملة تركية إلى بلدان عربية تحتاجها، الأمر الذي سيساعد على تقليص نسبة البطالة في عموم تركيا.

المزيد من الأمل

وبينما تقدم مؤسسة “رزق” خدماتها بالمجان، تُمثل سعادة السوريين المستفيدين من خدماتها رصيداً كبيراً ودافعاً للمؤسسة، وفق ما قال الشهاب، الذي تحدث عن سعادة فريق عمل المؤسسة لكونهم استطاعوا تأمين فرص عمل للاجئين وساعدوا بمنحهم الأمل، خصوصاً الذين يتشابهون مع وضع اللاجئ محمود يحيى.

سعادة يحيى بعد تأمين فرصة عمل عن طريق “رزق”، دفعته إلى تشجيع أخيه الأكبر محمد يحيى إلى التقدم بطلب توظيف لدى المؤسسة، والآن يحظى محمود أيضاً بفرصة عمل كريمة له في إحدى المطابع، ويستطيع الأخوان تأمين قوت عائلتهم وحفظ كرامتها.

السورية نت

زر الذهاب إلى الأعلى