اقـتصــاديـةعـالـمـيـة

فنزويلا.. عندما تتحول العملة لمجرد “قصاصة من ورق”

أرهقت الأزمة الاقتصادية الفنزويليين، وتخطى التضخم جميع الحدود، بعدما انخفضت قيمة العملة المحلية البوليفار بشكل غير مسبوق، تحول معه “الميزان” لأفضل وسيلة يمكن بها حساب المبالغ النقدية بدل عملية العد التي أصبحت مهمة شاقة، نظراً لضخامة كمية نقد فقد قيمته الشرائية.

وتعيش الحكومة الفنزويلية تحت كومة من الضغوط مع النقص الحاد في المواد الغذائية، وشح السيولة وتهاوي العملة المحلية التي شكل تراجع عائدات البلاد من النفط سببها الرئيسي.

غير أن الصور الصادمة التي تظهر طوابير المستهلكين اليائسين، كشفت عمق الأزمة التي تمر بها البلاد، والتي كانت آخر مشاهد فصولها اصطفاف الفنزويليين أمام أجهزة الصراف الآلي في العاصمة كاراكاس، لسحب كميات كبيرة من النقود هي في الحقيقة قد لا تغطي سوى تكلفة وجبة غذاء في مطعم شعبي.

طوابير أمام أجهزة الصراف الآلي في فنزويلا

طوابير أمام أجهزة الصراف الآلي في فنزويلا

شح المواد

شح كبير في المواد الإستهلاكية بفنزويلا
أما الصورة الأكثر تعبيراً عن أزمة البوليفار الفنزويلي، تلك التي نشرتها وكالة “بلومبرغ” لصاحب أحد المحلات التجارية وهو يزن المبالغ النقدية عوضاً عن عدها لضخامة الكمية، بعدما خسر البوليفار الفنزويلي ما يتجاوز 60% من قيمته في شهر واحد فقط وذلك خلال نوفمبر الماضي، مقابل الدولار الأميركي بالسوق السوداء التي أصبحت مقصداً للفنزويليين في ظل شح السيولة، والتي يتم فيها تداول الدولار الواحد مقابل حوالي 4000 بوليفار.

فنزويلا.. عندما تتحول العملة لمجرد "قصاصة من ورق"


وفي فنزويلا، أصبح سحب ما يعادل 5 دولارات من أجهزة الصراف الآلي، يعني انتظار خروج حفنة من الأوراق النقدية، ما ولد حاجة لتعبئة أجهزة الصراف كل بضع ساعات. وقد ينتظر الفنزويلي طويلاً في أحد الطوابير وحالما يأتي دوره يتفاجأ بأن الصراف الآلي قد فرغ تماماً من أي نقد.

وأصبح من بين الأمور الاعتيادية في فنزويلا أن ترى الناس يحملون حقائب مليئة بالنقود للقيام ليس بشراء بيت أو سيارة فارهة، بل فقط دفع مبالغ بسيطة لقاء خدمات أو أغراض أساسية.

وكنوع من السخرية على الواقع الجديد للعملة الفنزويلية، عمد البعض إلى استخدامها كقصاصة ورقية لتدوين ملاحظاتهم عليها، فهي بذلك أصبح لها بعض النفع.

فنزويلا

وبعد سنوات من موجة ارتفاع عاتية في الأسعار مقابل موجة مضادة من الانخفاض في قيمة أكبر ورقة نقدية فنزويلية وهي فئة 100 بوليفار، وتحولها لمجرد بضعة سنتات أميركية، تخطط السلطات الفنزويلية حالياً لإصدار فئات أكبر من الأوراق النقدية للتخفيف من حدة الأزمة.
وقال مسؤول كبير في الحكومة لـ “بلومبرغ” إنه سيتم طرح أوراق نقدية بقيمة 500 و5000 بوليفار منتصف الشهر المقبل، ستتبعها طباعة فئات من 1000 و 2000 و 10000 و 20000 بوليفار، لتدخل في الدورة النقدية خلال النصف الأول من 2017.

"bolivar muerto"

“bolivar muerto”

توفر حكومة مادورو سيولة محدودة من الدولارات بسعر صرف 10 بوليفارات مقابل الدولار، فقط للواردات من السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء، وبسعر 660 بوليفاراً للسلع الأخرى، ما يجعل لفنزويلا نظامي صرف رسميين بفارق كبير الأمر الذي يربك قطاع الأعمال في البلاد.

لكن مع تخطي الطلب للعرض، يلجأ الغالبية للسوق السوداء، التي تعتبر في الحالة الفنزويلية الأكثر دلالة على واقع العملة، على الرغم من أن الحكومة تصفها بغير القانونية وبأنها تهدف إلى تخريب الاقتصاد.

وبعد أن رُفع في العام 2008 شعار “bolivar fuerte” أو “البوليفار القوي” الذي أطلقه الرئيس السابق هوغو تشافيز عقب إعادة تقييم العملة الفنزويلية، انقلب الشعار عند الفنزويليين حالياً ليصبح “bolivar muerto” أو “البوليفار الميت”.

ويلقي المعارضون اللوم في حالة الاقتصاد الفنزويلي على 17 عاماً مما وصفوه بـ “السياسات الاشتراكية الفاشلة”، في حين وجه الرئيس الحالي نيكولاس مادورو اتهامات ضد ساسة المعارضة ورجال الأعمال في البلاد، وكذلك الولايات المتحدة، بشن “حرب اقتصادية” ضده.

زر الذهاب إلى الأعلى