مقالات و أراء

فوز المعارضة بكبرى المدن.. هل يُغيّر قواعد اللعبة السياسية في تركيا؟

تحمل نتائج الانتخابات البلدية ملامح متغيرات جديدة على المشهد السياسي التركي و”تركيا المستقبل” التي أثبتت الخبرة السياسية لحزب العدالة والتنمية أنها مناط شعبيته، بعدَما ظل يتصدرها أكثر من نصف قرن، فمنها جاءت قياداته وكوادره التي استطاع تشكيل حكوماتِه بها.

ورد ذلك في تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، رأته أنه بعد خسارة الحزب في إسطنبول -معقل شعبيته ونفوذه التقليدي إلى جانب العاصمة أنقرة- تصدر الحديث عن معالجة نقاط الضعف لدى الحزب التعليق الأول للرئيس رجب طيب أردوغان على نتائج الانتخابات التي تعد الأولى من نوعها منذ تحول البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

وحسب وكالة الأناضول الرسمية، أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا سعدي غوفن، نتائج الانتخابات المحلية غير النهائية لبلدية إسطنبول بعد فرز 31 ألفًا و102 صندوقًا إنتخابيًا.

وأوضح غوفن، في مؤتمر صحفي، الاثنين، من أمام مقر اللجنة بالعاصمة أنقرة، أن مرشح حزب الشعب الجمهوري لبلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، حصل على 4 ملايين و159 ألفًا و650 صوتًا مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و131 ألفًا و761 صوتًا.

وأشار غوفن إلى أن مرحلة الاعتراض على النتائج بدأت، ومتواصلة، مبينًا أنه يمكن الاعتراض لدى لجان الانتخابات في الأقضية حتى الساعة 15:00 من الثلاثاء المقبل.

وذكر غوفن أنه يمكن الاعتراض لدى لجان الانتخابات في الولايات ضد نتائج لجنة انتخابات الأقضية، لافتًا إلى أن مهلة الاعتراض (على مستوى الاقضية) يوم واحد.

وأكد أن فترة الاعتراض لدى اللجنة العليا للانتخابات (على مستوى الولايات) تبلغ 3 أيام، مضيفًا:” ندعو الله أن تكون نتائج الانتخابات خيرًا على بلدنا وشعبنا”.

ولفت إلى أنه تم حتى الآن فرز 31 ألفًا و102 صندوقًا انتخابيًا في إسطنبول، ولا يزال 84 صندوقًا لم تفرز بسبب الاعتراض.

شبكة الجزيرة القطرية، رأت في تقريرها أن لإسطنبول مكانة خاصة عند الحزب وعند أردوغان نفسه، وهو الذي سبق أن قال خلال الحملة الانتخابية “الذي يفوز في إسطنبول يفوز في تركيا”.

أردوغان قال ذلك مستحضرا صعوده إلى السلطة رئيسا لبلدية إسطنبول عام 1994، لذلك فإن خسارتها مؤلمة وإن تصدر حزبه الفوز على منافسيه في أغلبية البلديات.

لم تكن نتائج تلك الانتخابات مفاجئة، على الأقل لمن طالع استطلاعات الرأي التي سبقتها، والتي توقعت أن يفقد حزب العدالة والتنمية السيطرة على العاصمة أنقرة وحتى إسطنبول أكبر مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية.

الملاحظ بعد إعلان النتائج أن فوز المعارضة المنافسة “تحالف الأمة” -الذي يضم حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد على تحالف الشعب” الذي شكله حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الحركة القومية- كان صعبا جدا وبفارق ضئيل في المدينة.

وعلى الرغم من كون الانتخابات محلية فإن سخونتها والتنافس المحتدم بين الأطراف التي خاضتها جعلاها تبدو كأنها انتخابات تشريعية أو حتى رئاسية، حيث سجل الإقبال عليها والمشاركة فيها رقما غير مسبوق بلغت نسبته 86%.

لكن الأجواء التي أجريت فيها بدت اختبارا لشعبية الرئيس التركي وحزبه الحاكم، خصوصا أنها أجريت على وقع أزمة اقتصادية من أبرز ملامحها تراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، الأمر الذي يدفع البعض إلى اعتبار نتيجة تلك الانتخابات “عقابية” للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي بنى شعبيته التقليدية على تجاوز هذا النوع من الأزمات إبان سنوات صعوده.

حزب العدالة والتنمية اعتبر تلك الانتخابات مسألة حياة أو موت “نكون أولا نكون” على حد تعبير رئيس تحرير صحيفة “يني شفق” التركية الكاتب إبراهيم قراغول.

قراغول خاطب الناخبين الأتراك قائلا “لا تعتبروا هذه الانتخابات انتخابات محلية، ولا تظنوا أنها مسألة رئاسة بلدية، إذ إن الخطوة التالية من هذا الأمر هي شل حركة تركيا، فهم يستعدون لهذه الخطوة”.

ورأت الجزيرة أن السنوات المقبلة لن تركن فيها المعارضة للراحة، فنسبة الفوز التي حصلت عليها في الانتخابات البلدية ستكون دافعا لها لإعادة الاصطفاف، وتنسيق الإستراتيجيات والتحالفات، في محاولة للتمدد على حساب الحزب الحاكم، مما يعني أن قواعد اللعبة السياسية في تركيا ستشهد لاعبين بروح جديدة وأدوات جديدة في تركيا جديدة.

ترك برس

زر الذهاب إلى الأعلى