عـالـمـيـة

في ذكرى سايكس بيكو.. الشرق الأوسط يشهد تقسيم المقسم

أكد باحثون أتراك في الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس- بيكو أن منطقة الشرق الأوسط تنجر لعملية تقسيم المقسم، دون إيلاء أي أهمية لإرادة شعوب المنطقة.

وفي تقييمه لنتائج اتفاقية سايكس بيكو على الشرق الأوسط، للأناضول، رأى البروفسور، “طيار آري”، المحاضر في قسم العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة “أولوداغ” التركية، أن المنطقة دُفعت إلى مرحلة جديدة تستهدف تقسيمها إلى أجزاء أصغر دون الاهتمام بإرادة شعوب المنطقة، مشيرا أن التطورات الراهنة في المنطقة تدفع للتساؤل “هل هذا يمهد الطريق لتحديث الاتفاقية؟.”

وأشار آري إلى وجود احتمالات لتعرض أراضي الدولة العثمانية التي إنقسمت إلى دويلات صغيرة إلى تجزئة جديدة قائمة على الهويات الإثنية الصغيرة، لافتاً إلى أن الموقف المتناقض للولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مكافحة تنظيم “ب ي د”( الذراع السوري لـ بي كا كا الإرهابية) خصوصاً، ووجهات نظرها حيال تركيا يعد انعكاساً جلياً لتلك الاحتمالات.

وأردف آري، ” يمكننا التعليق على عدم وجود حل للمشكلة السورية، والتلميحات إلى إمكانية تقسيم سوريا بحسب خطة أميركية بديلة، بأنه إفصاح عن النوايا الخفية”، مؤكدا أنه ينظر بعين الريبة إلى عدم القيام بأي شئ بخصوص الأزمة السورية وإطالة أمدها.

وأكد آري إمكانية الحيلولة دون تفاقم الأزمة السورية لو كانت هناك إرادة جادة لدى الأطراف الدولية الفاعلة، مضيفاً ” ولكن وكأن هناك رغبة بخلق مناخ من أجل إنهاك الأطراف المتصارعة واللجوء إلى التقسيم، من خلال ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي دون تدخل، وفي هذا الإطار فإن التقسيم سيزيد النزاع بين بلدان المنطقة”.

وذكر آري أن تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة قائمة على الهويات الضيقة، ستفتح الطريق أمام حالة من عدم الاستقرار المستمرة داخلها، مستشهداً بالوضع في العراق حالياً، معتبراً أن “السبب وراء وصول العلاقات بين تركيا وإيران إلى هذه النقطة المزعجة كامن في علاقات إيران مع العناصر الشيعية في المنطقة”.

من جانبه، رأى رئيس جمعية دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، عضو الهيئة التدريسية بجامعة وقف السلطان محمد الفاتح، زكريا قورشون، أن اتفاقية سايكس بيكو هي استراتيجية لخلق مناطق نفوذ لكل من بريطانيا وفرنسا، وليست ترسيم حدود فقط، وقائمة على مشروع يعود لـ 300 عام، لافتاً إلى أن يومنا الحالي يشهد استمراراً لجهود تشكيل نفوذ مماثل، مبيناً أن الاتفاقية شكلت نقطة تحول للشرق الأوسط.

بدوره، أوضح البروفسور محمد جليك، رئيس جامعة “أنقا” التقنية، أن سايكس بيكو تعد اتفاقية سرية لتقاسم الشرق الأوسط بين البريطانيين والفرنسيين، مبيناً أنهما (بريطانيا وفرنسا) موجودتان في المنطقة مجدداً الآن لنفس الغاية، قائلاً ” ولكن هذه المرة يتوجهون نحو صيغة جديدة، فالولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا وإيران موجودة فيها”.

ولفت جليك أنه سيجري منح هضبة الجولان التي تعد من أكثر الأراضي الخصبة والوفيرة بالمياه في الشرق الأوسط، إلى اسرائيل.

واعتبر جليك أن الولايات المتحدة تهيئ ممراً ممتداً من الموصل في العراق وحتى ميناء اللاذقية في سوريا على الحدود الجنوبية لتركيا، “سيتولى الأكراد حراسة الممر”.

ووقعت كل من بريطانيا وفرنسا الاتفاقية السرية في حينه ممثلتين بالدبلوماسيين الفرنسي جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس في 16 مايو/ أيار 1916، حيث حصلت فرنسا على سوريا ولبنان ومنطقة الموصل في العراق، بينما ترك العراق وتحديدا بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا لبريطانيا، التي حصلت ايضا على السيطرة على فلسطين، وذلك بعد ان ثبّتت عصبة الأمم مضمون اتفاق “سايكس – بيكو” في اقرار مبدأ الانتداب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى